صفحة جزء
قال المصنف رحمه الله تعالى ( وإن حبس في حش ولم يقدر أن يتجنب النجاسة في قعوده وسجوده تجافى عن النجاسة وتجنبها في قعوده ، وأومأ في السجود إلى الحد الذي لو زاد عليه لاقى النجاسة ، ولا يسجد على الأرض ; لأن الصلاة قد تجزئ مع الإيماء ولا تجزئ مع النجاسة ، وإذا قدر ففيه قولان ، قال في القديم : لا يعيد ; لأنه صلى على حسب حاله فهو كالمريض ، وقال في الإملاء : يعيد ; لأنه ترك الفرض لعذر نادر غير متصل فلم يسقط الفرض عنه ، كما لو ترك السجود ناسيا ، وإذا أعاد ففي الفرض أقوال . قال في الأم : الفرض هو الثاني ; لأن الفرض به يسقط . وقال في القديم : الفرض هو الأول ; لأن الإعادة مستحبة غير واجبة في القديم . وقال في الإملاء : الجميع فرض لأن الجميع يجب فعله فكان الجميع فرضا ، وخرج أبو إسحاق قولا رابعا إن الله تعالى يحتسب له بأيهما شاء ، قياسا على ما قال في القديم فيمن صلى الظهر ثم سعى إلى الجمعة فصلاها أن الله تعالى يحتسب له بما شاء ) .


( الشرح ) قد سبق أن الحش بفتح الحاء وضمها هو الخلاء ، فإذا حبس إنسان في موضع نجس وجب عليه أن يصلي . هذا مذهبنا وبه قال العلماء كافة إلا أبا حنيفة فقال : لا يجب أن يصلي فيه ، دليلنا حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { وإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم } رواه البخاري ومسلم . وقياسا على المريض العاجز عن بعض الأركان ، وإذا صلى يجب عليه أن يتجافى عن النجاسة بيديه وركبتيه وغيرهما القدر الممكن ، ويجب أن ينحني للسجود إلى القدر الذي لو زاد عليه لاقى النجاسة ، ولا يجوز أن يضع جبهته على الأرض . هذا هو الصحيح وحكى صاحب البيان وجها أنه يلزمه أن يضع جبهته على الأرض ، وليس بشيء ، ودليله ما ذكره المصنف . فإذا صلى كما أمرناه فينبغي أن يعيد الصلاة إذا خرج إلى موضع طاهر . وهذه الإعادة واجبة على الجديد الأصح ومستحبة على القديم ، فإذا أعاد فهل الفرض الأولى أم الثانية أم كلاهما ؟ وإحداهما [ ص: 162 ] مبهمة ؟ فيه أربعة أقوال كما ذكره المصنف ( أصحها ) عند جمهور الأصحاب أن الفرض ، الثانية ، وادعى الشيخ أبو حامد الاتفاق عليه ، واختار ابن الصباغ أن الفرض كلاهما ، وهو قوي ; لأنه مطالب بهما ، وقد سبق بيان هذه الأقوال ونظائرها فيمن لم يجد ماء ولا ترابا ، وذكرنا في آخر التيمم فرعا جامعا للصلوات المفعولات على نوع خلل ، وما يجب قضاؤه منها ، وما لا يجب ، واستوفيناه استيفاء بليغا ولله الحمد ، وقوله : لأن الصلاة قد تجزئ مع الإيماء ، إنما قال : قد تجزئ لأنها في بعض المواضع تجزئ كصلاة شدة الخوف وصلاة المريض وفي بعضها لا تجزي كصلاة من ربط على خشبة ونحوه ، سبق بيانه في باب التيمم . .

التالي السابق


الخدمات العلمية