صفحة جزء
قال المصنف رحمه الله تعالى ( وتكره الصلاة في أعطان الإبل ولا تكره في مراح الغنم لما روى عبد الله بن مغفل المزني رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { صلوا في مرابض الغنم ، ولا تصلوا في أعطان الإبل فإنها خلقت من الشياطين } ولأن في أعطان الإبل لا يمكن الخشوع ، لما يخاف من نفورها ، ولا يخاف نفور الغنم ) .


( الشرح ) حديث عبد الله بن مغفل حديث حسن رواه البيهقي هكذا من رواية ابن مغفل بإسناد حسن ، ورواه النسائي مختصرا عن ابن مغفل { أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة في أعطان الإبل ، } وعن جابر بن سمرة { أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال : أصلي في مرابض الغنم ؟ قال : نعم ، قال : أصلي في مبارك الإبل ؟ قال : لا } رواه مسلم ، وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { صلوا في [ ص: 167 ] مرابض الغنم ، ولا تصلوا في أعطان الإبل } رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح . وأما الأعطان فهي جمع عطن ، واتفق تفسير الشافعي رحمه الله تعالى في الأم وغيره ، وتفسير الأصحاب على أن العطن الموضع الذي يقرب موضع شرب الإبل ، تنحى إليه الإبل الشاربة ليشرب غيرها ذودا ذودا ، فإذا شربت كلها واجتمعت فيه سيقت إلى المراعي ، قال الأزهري : العطن الموضع الذي تنحى إليه الإبل إذا شربت الشربة الأولى فتترك فيه ، ثم يملأ لها الحوض ثانيا فتعود من عطنها إلى الحوض لتعل وتشرب الشربة الثانية ، وهو العلل ، قال : ولا تعطن الإبل عن الماء إلا في حمارة القيظ ( بتخفيف الميم وتشديد الراء ) قال : وموضعها الذي تترك فيه على الماء يسمى عطنا ، ومعطنا ، وقد عطنت تعطن وتعطن بكسر الطاء وضمها عطونا . وأما مراح الغنم بضم الميم هو مأواها ليلا هكذا فسره أصحابنا . قال الأزهري ويقال : مأواتها فإذا صلى في أعطان الإبل أو مراح الغنم وماس شيئا من أبوالها أو أبعارها أو غيرها من النجاسات بطلت صلاته ، وإن بسط شيئا طاهرا وصلى عليه ، أو صلى في موضع طاهر منه صحت صلاته ، لكن يكره في أعطان الإبل ولا تكره في مراح الغنم وليست الكراهة بسبب النجاسة ، فإنهما سواء في نجاسة البول والبعر وإنما سبب كراهة أعطان الإبل مما ذكره المصنف والأصحاب وهو ما يخاف من نفارها بخلاف الغنم ، فإنها ذات سكينة ولهذا ثبت في صحيح البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ما من نبي إلا رعى الغنم } وقال في الإبل { : إنها خلقت من الشياطين } قال الخطابي معناه لما فيها من النفار والشرود وربما أفسدت على المصلي صلاته قال : والعرب تسمي كل مارد شيطانا ، قال أصحابنا : وقد يكون في الغنم مثل عطن الإبل فيكون حكمه حكم عطن الإبل ، وأما مأوى الإبل ليلا فتكره الصلاة فيه أيضا لكن أخف من كراهة العطن .

التالي السابق


الخدمات العلمية