صفحة جزء
[ ص: 216 ] قال المصنف رحمه الله تعالى ( فإن صلى على الراحلة متوجها إلى مقصده فعدلت إلى جهة نظرت فإن كان جهة القبلة جاز ; لأن الأصل في فرضه جهة القبلة ، فإذا عدلت إليه فقد أتي بالأصل ، وإن لم تكن جهة القبلة - فإن كان ذلك باختياره مع العلم - بطلت صلاته ; لأنه ترك القبلة لغير عذر ، وإن نسي أنه في الصلاة أو ظن أن ذلك طريق بلده أو غلبته الدابة لم تبطل صلاته ، فإذا علم رجع إلى جهة المقصد ، قال الشافعي رحمه الله ويسجد للسهو ) .


( الشرح ) ينبغي للمتنفل ماشيا أو راكبا أن يلزم جهة مقصده ، ولا يشترط سلوك نفس الطريق ، بل الشرط جهة المقصد ، فلو انحرف المتنفل ماشيا أو حرف الراكب دابته أو انحرفت نظرت فإن كان الانحراف والتحريف في طريق مقصده وجهاته ومعاطفه لم يؤثر ذلك في صحة صلاته بلا خلاف وإن طال ; لأن ذلك كله من جملة مقصده وموصل إليه ولا بد له منه ، وسواء طال هذا التحريف وكثر أم لا لما ذكرناه . وإن كان التحريف والانحراف إلى جهة القبلة لم يؤثر أيضا بلا خلاف ; لأنها الأصل ، وإن كان إلى غير جهة المقصد وهو عامد مختار عالم بطلت صلاته بلا خلاف ، وإن كان ناسيا أو جاهلا ظن أنها جهة مقصده ، فإن عاد على قرب لم تبطل صلاته ، وإن طال ففي بطلانها وجهان ، الأصح تبطل ككلام الناسي لا تبطل بقليله وتبطل بكثيره على الأصح ، وبهذا قطع الصيدلاني والبغوي وغيرهما . والثاني : لا تبطل ، وبه قطع الشيخ أبو حامد وآخرون .

وإن غلبته الدابة فانحرف بجماحها وطال الزمان ففي بطلان صلاته وجهان .

( الصحيح . ) تبطل كما لو كان يصلي على الأرض فأماله إنسان قهرا ; لأنه نادر ( والثاني ) لا تبطل . وبه قطع الشيخ أبو حامد وإن قصر الزمان فطريقان :

( أحدهما ) أنه كالطويل ، حكاه الغزالي في الوجيز وأشار إليه في الوسيط قال الرافعي وغيره : لم نر هذا الخلاف لغيره :

( والثاني ) وهو المذهب وبه قطع المصنف والجمهور : لا تبطل قطعا لعموم الحاجة ، ثم إذا لم تبطل في صورة النسيان فإن طال الزمان سجد للسهو . وإن قصر فوجهان ( الصحيح ) المنصوص لا يسجد وفي صورة الجماح أوجه أصحها يسجد . [ ص: 217 ]

( والثاني ) لا .

( والثالث ) إن طال سجد ، وإلا فلا . وهذا كله تفريع على المذهب الصحيح أن النفل يدخله سجود السهو . وفيه قول غريب سنوضحه في موضعه إن شاء الله تعالى أنه لا يدخله .

( فرع ) إذا انحرف المصلي على الأرض فرضا أو نفلا عن القبلة نظر - إن استدبرها أو تحول إلى جهة أخرى عمدا - بطلت صلاته ، وإن فعله ناسيا وعاد إلى الاستقبال على قرب لم تبطل ، وإن عاد بعد طول الفصل بطلت على أصح الوجهين وهما كالوجهين في كلام الناسي إذا كثر ، ولو أماله غيره عن القبلة قهرا فعاد إلى الاستقبال بعد طول الفصل بطلت بلا خلاف ، وإن عاد على قرب فوجهان ، أصحهما تبطل أيضا ; لأنه نادر ، كما لو أكره على الكلام فإنها تبطل على الصحيح من الوجهين ; لأنه نادر .

التالي السابق


الخدمات العلمية