صفحة جزء
قال المصنف رحمه الله تعالى ( والمستحب أن ينظر إلى موضع سجوده لما روى ابن عباس رضي الله عنه قال { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة لم ينظر إلا إلى موضع سجوده } ) .


( الشرح ) حديث ابن عباس هذا غريب لا أعرفه ، وروى البيهقي أحاديث من رواية أنس وغيره بمعناه وكلها ضعيفة .

( أما حكم المسألة ) فأجمع العلماء على استحباب الخشوع والخضوع في الصلاة وغض البصر عما يلهي وكراهة الالتفات في الصلاة وتقريب نظره وقصره على ما بين يديه ، ثم في ضبطه وجهان ( أصحهما ) وهو الذي جزم به المصنف وسائر العراقيين وجماعة من غيرهم أنه يجعل نظره إلى موضع سجوده في قيامه وقعوده ( والثاني ) وبه جزمالبغوي والمتولي يكون نظره في القيام إلى موضع سجوده ، وفي الركوع إلى ظهر قدميه ، وفي السجود إلى أنفه ، وفي القعود إلى حجره ; لأن امتداد البصر يلهي فإذا قصره كان أولى . ودليل الأول أن ترديد البصر من مكان إلى مكان يشغل القلب ويمنع كمال الخشوع ، وفي هذه المسألة فروع وزيادات سنبسطها إن شاء الله تعالى حيث ذكرها المصنف في آخر باب ما يفسد الصلاة .

( فرع ) أما تغميض العين في الصلاة ، فقال العبدري من أصحابنا [ ص: 271 ] في باب اختلاف نية الإمام والمأموم : يكره أن يغمض المصلي عينيه في الصلاة قال : قال الطحاوي : وهو مكروه عند أصحابنا أيضا ، وهو قول الثوري وقال مالك لا بأس به في الفريضة والنافلة . دليلنا أن الثوري قال : إن اليهود تفعله ، قال الطحاوي : ولأنه يكره تغميض العين فكذا تغميض العينين هذا ما ذكره العبدري ولم أر هذا الذي ذكره من الكراهة لأحد من أصحابنا ، والمختار أنه لا يكره إذا لم يخف ضررا ; لأنه يجمع الخشوع وحضور القلب ، ويمنع من إرسال النظر وتفريق الذهن ، قال البيهقي : وقد روينا عن مجاهد وقتادة أنهما كرها تغميض العينين في الصلاة وفيه حديث قال : وليس بشيء .

التالي السابق


الخدمات العلمية