صفحة جزء
قال المصنف رحمه الله تعالى : ( ويفرج بين رجليه لما روي { أن أبا حميد وصف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إذا سجد فرج بين رجليه } ويوجه أصابعه نحو القبلة لما روت عائشة : رضي الله عنها { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد وضع أصابعه تجاه القبلة } ، وروى أبو قتادة : رضي الله عنه { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفتخ أصابع رجليه } والفتخ : تعويج الأصابع ، ويضم أصابع يده ويضعها حذو منكبيه ، لما روى وائل بن حجر رضي الله عنه : { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد ضم أصابعه وجعل يديه حذو منكبيه } ويرفع مرفقيه ويعتمد على راحتيه ، لما روى البراء بن عازب رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إذا سجدت فضم يديك وارفع مرفقيك . } )


( الشرح ) حديث أبي حميد رواه أبو داود والبيهقي من رواية بقية بن الوليد عن عتبة بن أبي حكيم ، وهما مختلف في توثيقهما وجرحهما ولفظه : { إذا سجد فرج بين فخذيه } وأما حديث عائشة فغريب ، ويغني عنه حديث أبي حميد : { أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة } رواه البخاري ، وقد سبق الحديث بطوله في فصل الركوع ، وسبق في رواية أبي داود والترمذي قال : وفتخ أصابع رجليه ، والفتخ بالخاء [ ص: 407 ] المعجمة ومعناه عطفها إلى القبلة . وأما حديث وائل فرواه البيهقي عن وائل قال : { كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ركع فرج أصابعه وإذا سجد ضم أصابعه } وفي صحيح مسلم { عن وائل : أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فلما سجد سجد بين كفيه } ، وأما حديث البراء فرواه مسلم في صحيحه ولفظه عن البراء قال رسول الله : صلى الله عليه وسلم { إذا سجدت فضع كفيك وارفع مرفقيك } وروى البيهقي بإسناده عن البراء قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد فوضع يديه بالأرض استقبل بكفيه وأصابعه القبلة } وفي رواية له : { وإذا سجد وجه أصابعه قبل القبلة فتفاج } وبإسناده عن ابن عمر قال : " يكره أن لا يميل بكفيه إلى القبلة إذا سجد " وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { اعتدلوا في السجود ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب } رواه البخاري ومسلم ، وعن عائشة : رضي الله عنها { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينهى أن يفترش الرجل ذراعيه افتراش السبع } رواه مسلم في جملة حديث طويل .

قال الشافعي والأصحاب : يستحب للساجد أن يفرج بين ركبتيه وبين قدميه . قال القاضي أبو الطيب في تعليقه : قال أصحابنا : يكون بين قدميه قدر شبر ، والسنة أن ينصب قدميه وأن يكون أصابع رجليه موجهة إلى القبلة ، وإنما يحصل توجيهها بالتحامل عليها والاعتماد على بطونها ، وقال إمام الحرمين : ظاهر النص أنه يضع أطراف أصابع رجليه على الأرض في السجود .

ونقل المزني أنه يستقبل بها القبلة ، وهذا يتضمن أن يتحامل عليها ويوجه رءوسها إلى القبلة . قال : والذي صححه الأئمة أنه لا يفعل ذلك ، بل يضع أصابع رجليه من غير تحامل عليها . هذا كلام إمام الحرمين وتابعه عليه الغزالي في البسيط ومحمد بن يحيى في [ ص: 408 ] المحيط ، وهو شاذ مردود مخالف للأحاديث الصحيحة السابقة ولنص الشافعي ولما قطع به الأصحاب : أنه يستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة ، والسنة أن يضم أصابع يديه ويبسطها إلى جهة القبلة ويضع كفيه حذو منكبيه ويعتمد على راحتيه ويرفع ذراعيه ، ويكره بسطهما وافتراشهما ، وقد سبق دليل ذلك كله .

( فرع ) قال صاحب التتمة : إذا كان يصلي وحده وطول السجود ولحقه مشقة بالاعتماد على كفيه وضع ساعديه على ركبتيه ، لحديث سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : شكا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مشقة السجود عليهم فقال : { استعينوا بالركب } ، رواه أبو داود والترمذي والبيهقي ، وروي مرسلا عن سمي عن النعمان بن أبي عياش تابعي قال : " شكا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره " قال البيهقي ، قال البخاري : إرساله أصح من وصله ، وقال الترمذي : كأن رواية الإرسال أصح .

التالي السابق


الخدمات العلمية