صفحة جزء
قال المصنف - رحمه الله تعالى - : ( وإن أكل عامدا بطلت صلاته ; لأنه إذا أبطل الصوم الذي لا يبطل بالأفعال فلأن يبطل الصلاة أولى ، وإن كان [ أكل ] ناسيا لم تبطل كما لا يبطل الصوم ) .


( الشرح ) : قال أصحابنا : إذا أكل في صلاته أو شرب عمدا بطلت صلاته سواء قل أو كثر هكذا صرح به الأصحاب ، وحكى الرافعي وجها أن الأكل القليل لا يبطلها ، وهو غلط وإن كان بين أسنانه شيء فابتلعه عمدا أو نزلت عن رأسه نخامة فابتلعها عمدا بطلت صلاته بلا خلاف ، فإن ابتلع شيئا مغلوبا بأن جرى الريق بباقي الطعام بغير تعمد منه أو نزلت النخامة ولم يمكنه إمساكها لم تبطل صلاته بالاتفاق ، ونقله الشيخ أبو حامد في التعليق عن نص الشافعي في مسألة الريق ، ونقله فيها أيضا القاضي أبو الطيب في تعليقه عن نص الشافعي في الجامع الكبير للمزني ، أما إذا وضع سكرة أو نحوها في فيه فذابت ونزلت إلى جوفه من غير مضغ ولا حركة ففي بطلان صلاته وجهان مشهوران في طريقتي العراقيين والخراسانيين ( أحدهما ) : [ ص: 23 ] لا تبطل حكاه القاضي أبو الطيب في تعليقه عن الشيخ أبي حامد ; لأنه لا يوجد منه فعل ( والثاني ) : تبطل وهو الصحيح عند الأصحاب ; لأنه مناف للصلاة قال القاضي أبو الطيب : هذا هو الصحيح ، قال هو وغيره : والضابط على هذا أن ما أبطل الصوم أبطل الصلاة ، ولا خلاف في بطلان الصوم بهذا قال البغوي وغيره والمضغ وحده يبطل الصلاة وإن لم يصل شيء إلى الجوف حتى لو مضغ علكا بطلت صلاته ، فإن لم يمضغه بل وضعه في فيه ، فإن كان جديدا يذوب فهو كالسكرة فتبطل صلاته على الصحيح ، وإن كان مستعملا لا يذوب لم تبطل كما لو أمسك في فمه حصاة أو إجاصة فإنها لا تبطل قطعا .

هذا كله في العامد فلو أكل ناسيا للصلاة أو جاهلا بتحريمه - فإن كان قليلا - لم تبطل بلا خلاف وإن كثر بطلت على أصح الوجهين كالوجهين في الكلام الكثير وقطع البغوي بالبطلان في الكثير وتعرف القلة والكثرة بالعرف .

( فرع ) في مذهب العلماء في الأكل والشرب في الصلاة .

قال ابن المنذر : أجمع العلماء على منعه منهما وأنه إن أكل أو شرب في صلاة الفرض عامدا لزمه الإعادة فإن كان ساهيا قال عطاء : لا تبطل وبه أقول وقال الأوزاعي وأصحاب الرأي : تبطل قال : وأما التطوع فروي عن ابن الزبير وسعيد بن جبير أنهما شربا في صلاة التطوع وقال طاوس : لا بأس به قال ابن المنذر لا يجوز ذلك ولعل من حكى ذلك عنه فعله سهوا .

التالي السابق


الخدمات العلمية