صفحة جزء
قال المصنف - رحمه الله تعالى : ( ومنها : أن يخاف ضررا في نفسه أو ماله أو يكون به مرض يشق معه القصد ، والدليل عليه ما روي [ عن ] ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر ، قالوا : يا رسول الله وما العذر ؟ قال : خوف أو مرض } " ومنها أن يكون قيما لمريض يخاف ضياعه ، لأن حفظ الآدمي أفضل من حفظ الجماعة ، ومنها : أن يكون له قريب مريض يخاف موته ; لأنه يتألم بذلك أكثر مما يتألم بذهاب المال ) .


( الشرح ) حديث ابن عباس رواه أبو داود وغيره وفي إسناده رجل ضعيف مدلس ، ولم يضعفه أبو داود ، قال أصحابنا : ومن الأعذار في ترك الجماعة أن يكون به مرض يشق معه القصد ، وإن كان يمكن لأن عليه ضررا في ذلك وحرجا وقد قال الله تعالى - : { وما جعل عليكم في الدين من حرج } فإن كان مرض يسير لا يشق معه القصد كوجع ضرس ، وصداع يسير ، وحمى خفيفة ، فليس بعذر وضبطوه : بأن تلحقه مشقة كمشقة المشي في المطر ، ومنها : أن يكون ممرضا لمريض يخاف ضياعه ، فإن كان له غيره يتعهده لكنه يتعلق قلبه به فوجهان ، حكاهما جماعة منهم صاحب البيان ( أصحهما ) : أنه عذر ; لأن مشقة تركه أعظم من مشقة المطر ، ولأنه يذهب خشوعه .

( والثاني ) : ليس بعذر ; لأنه لا يخاف عليه ، سواء كان هذا المريض قريبا أو صديقا ، وكذلك إن كان غريبا لا معرفة له به وخاف ضياعه ، ومنها : أن يكون له قريب أو صديق يخاف موته ، ودليله ما ذكره المصنف ، ومنها : أن يخاف على نفسه أو ماله أو على من يلزمه الذب عنه من سلطان أو غيره ممن يظلمه أو يخاف من غريم له يحبسه أو يلازمه ، وهو معسر .

فيعذر بذلك ، ولا عبرة بالخوف ممن يطالبه بحق هو ظالم في منعه ، بل عليه توفية الحق والحضور ، قال أصحابنا : ويدخل في الخوف على المال ما إذا كان خبزه في التنور ، وقدره على النار وليس هناك من يتعهدهما ، وكذا لو كان له عبد فأبق ، أو دابة فشردت أو زوجة نشزت أو نحو ذلك ، ويرجو تحصيله بالتأخر له .

[ ص: 101 ] قال الشافعي والأصحاب : ومن الأعذار : أن يكون عليه قصاص ، ولو ظفر به المستحق لقتله ويرجو أنه لو غيب وجهه أياما لذهب جزع المستحق ، وعفا عنه مجانا أو على مال فله التخلف بذلك ، وفي معناه حد القذف ، قال الشافعي والشيخ أبو حامد والبندنيجي وسائر الأصحاب : فإن لم يرج العفو لو تغيب لم يجز التغيب ، ولم يكن عذرا .

واتفقوا على أنه لا يعذر من عليه حد شرب أو سرقة أو حد زنا بلغ الإمام وكذا كل ما لا يسقط بالتوبة ، واستشكل إمام الحرمين جواز التغيب لمن عليه قصاص ، وأجاب عنه بأن العفو مندوب إليه ، وهذا التغيب طريق إلى العفو ، ومنها : أن يكون عاريا لا لباس له فيعذر في التخلف ، سواء وجد ساتر العورة أم لا ; لأن عليه مشقة في تبذله بالمشي بغير ثوب يليق به ، ومنها : أن يريد سفرا وترتحل الرفقة ، ومنها أن يكون نشد ضالة يرجوها إن ترك الجماعة ، أو وجد من غصب ماله ، وأراد استرداده ، ومنها أن يكون أكل ثوما أو بصلا وكراثا ونحوها ، ولم يمكنه إزالة الرائحة بغسل ومعالجة .

فإن أمكنته أو كان مطبوخا لا ريح له فلا عذر .

ومنها : غلبة النوم والنعاس إن انتظر الجماعة فهو عذر ، قال صاحب الحاوي : والزلزلة عذر

التالي السابق


الخدمات العلمية