صفحة جزء
قال المصنف - رحمه الله تعالى - : ( يستحب للإمام أن يأمر من خلفه بتسوية الصفوف ; لما روى أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " { اعتدلوا في صفوفكم وتراصوا فإني أراكم من وراء ظهري } ، قال أنس : فلقد رأيت أحدنا يلصق منكبه بمنكب صاحبه وقدمه بقدمه ) .


( الشرح ) حديث أنس صحيح رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما بلفظه للبخاري ومعناه لمسلم مختصرا ، وقوله صلى الله عليه وسلم : [ ص: 123 ] وتراصوا " فهو بتشديد الصاد ، قال الخطابي وغيره : معناه تضاموا وتدانوا ليتصل ما بينكم قال أصحابنا : يسن للإمام أن يأمر المأمومين بتسوية الصفوف عند إرادة الإحرام بها ، ويستحب إذا كان المسجد كبيرا أن يأمر الإمام رجلا يأمرهم بتسويتها ، ويطوف عليهم أو ينادي فيهم ، ويستحب لكل واحد من الحاضرين أن يأمر بذلك من رأى منه خللا في تسوية الصف ، فإنه من الأمر بالمعروف والتعاون على البر والتقوى ، والمراد بتسوية الصفوف إتمام الأول فالأول ، وسد الفرج ، ويحاذي القائمين فيها بحيث لا يتقدم صدر أحد ولا شيء منه على من هو بجنبه ، ولا يشرع في الصف الثاني حتى يتم الأول .

ولا يقف في صف حتى يتم ما قبله .

( فرع ) في جملة من الأحاديث الصحيحة في الصفوف " عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { سووا صفوفكم فإن تسوية الصف من تمام الصلاة } رواه البخاري ومسلم ، وفي رواية للبخاري " فإن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة " معناه من إقامة الصلاة التي أمر الله - تعالى - بها في قوله تعالى ( { وأقيموا الصلاة } ) وعن أبي مسعود البدري قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة ، ويقول استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم } رواه مسلم وعن النعمان بن بشير قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { لتسوون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم } رواه البخاري ومسلم وفي رواية لمسلم : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسوي صفوفنا حتى كأنما يسوي بها القداح ، حتى رأى أنا قد عقلنا عنه ، ثم خرج يوما حتى كاد يكبر فرأى رجلا باديا صدره من الصف فقال : عباد الله لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم } .

وعن البراء بن عازب قال : " { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخلل الصف من ناحية إلى ناحية يمسح صدورنا ومناكبنا ويقول : لا تختلفوا فتختلف قلوبكم ، وكان يقول : إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول } " رواه أبو داود بإسناد حسن .

وعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 124 ] قال : { أقيموا الصفوف وحاذوا بين المناكب وسدوا الخلل ، ولينوا بأيدي إخوانكم ولا تذروا فرجات للشيطان ، ومن وصل صفا وصله الله ، ومن قطع صفا قطعه الله } رواه أبو داود بإسناد صحيح .

وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " { رصوا صفوفكم وقاربوا بينها ، وحاذوا بين المناكب بالأعناق فوالذي نفسي بيده إني لأرى الشيطان يدخل من خلل الصف كأنه الحذف } حديث صحيح رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط مسلم الحذف بحاء مهملة وذال معجمة مفتوحتين ثم فاء وهي غنم سود صغار تكون باليمن ، وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { أتموا الصف الأول فما كان من نقص فليكن في الصف المؤخر } وراه أبو داود بإسناد حسن ، وفي الباب أحاديث كثيرة صحيحة غير هذه ، وفي هذه كفاية وأما فضيلة الصف الأول وميامن الصفوف فستأتي فيه الأحاديث الصحيحة إن شاء الله - تعالى - حيث ذكرها المصنف في باب موقف الإمام والمأموم .

( فرع ) مذهبنا ، ومذهب الجمهور من أهل الحجاز وغيرهم جواز الكلام بعد إقامة الصلاة قبل الإحرام لكن الأولى تركه إلا لحاجة وكرهه أبو حنيفة وغيره من الكوفيين ، ودليلنا هذه الأحاديث الصحيحة السابقة .

التالي السابق


الخدمات العلمية