صفحة جزء
قال المصنف - رحمه الله تعالى - : ( ويستحب أن يخفف في القراءة والأذكار ; لما روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { إذا صلى أحدكم للناس فليخفف فإن فيهم السقيم والضعيف والكبير } وإذا صلى لنفسه فليطول ما شاء ، فإن صلى بقوم يعلم أنهم يؤثرون التطويل لم يكره التطويل ; لأن المنع لأجلهم وقد رضوا ) .


( الشرح ) هذا الحديث رواه البخاري ومسلم وروياه أيضا عن جماعة من الصحابة غير أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وفي بعض رواياتهم " وذا الحاجة " قال الشافعي والأصحاب : يستحب للإمام أن يخفف القراءة والأذكار بحيث لا يترك من الأبعاض والهيئات شيئا ، ولا يقتصر على الأقل ولا يستوفي الأكمل المستحب للمنفرد من طوال المفصل [ ص: 125 ] وأوساطه ، وأذكار الركوع والسجود .

قال صاحب التتمة وآخرون : التطويل مكروه ، وقد أشار إليه المصنف بقوله : إن آثروا التطويل لم يكره ، وقد نص عليه الشافعي في الأم قال في الأم في باب ما على الإمام من التخفيف قال : " وأحب للإمام أن يخفف الصلاة ويكملها فإن عجل عما أحببت من الإكمال أو زاد على ما أحببت من الإكمال كرهت ذلك له ، ولا إعادة عليه ، ولا على من خلفه إذا جاء بأقل مما عليه " .

قال أصحابنا : فإن صلى بقوم محصورين يعلم من حالهم أنهم يؤثرون التطويل لم يكره التطويل ، قال أبو إسحاق المروزي والشيخ أبو حامد وغيرهما : إنه يستحب التطويل حينئذ وعليه تحمل الأحاديث الصحيحة في تطويل النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأوقات ، فإن جهل حالهم أو كان فيهم من يؤثر التطويل وفيهم من لا يؤثره لم يطول ، اتفق عليه أصحابنا ويؤيده الأحاديث الصحيحة منها حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إني لأقوم في الصلاة أريد أن أطول فيها فأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي كراهة أن أشق على أمه } رواه البخاري ومسلم .

وإن كانوا يؤثرون التطويل ، ولكن المسجد مطروق بحيث يدخل في الصلاة من حضر بعد دخول الإمام فيها لم يطول .

وفي فتاوى الشيخ أبي عمرو بن الصلاح أن الجماعة لو كانوا يؤثرون التطويل إلا واحدا أو اثنين ونحوهما فإن كان لا يؤثره لمرض ونحوه فإن كان ذلك مرة ونحوها خفف ، وإن كثر حضوره طول مراعاة لحق الراضين ولا يفوت حقهم لهذا الفرد الملازم وهذا الذي قاله تفصيل حسن متعين .

التالي السابق


الخدمات العلمية