صفحة جزء
قال المصنف - رحمه الله تعالى - : ( ويجوز للمتوضئ أن يصلي خلف المتيمم ; لأنه أتى عن طهارته ببدل ، فهو كمن غسل الرجل إذا صلى خلف ماسح الخف ، وفي صلاة الطاهرة خلف [ ص: 160 ] المستحاضة وجهان : ( أحدهما ) : يجوز كالمتوضئ خلف المتيمم ( والثاني ) : لا يجوز ; لأنها لم تأت بطهارة [ عن ] النجس ، ولأنها تقوم مقامها فهو كالمتوضئ خلف المحدث ) .


( الشرح ) قال أصحابنا : تجوز صلاة غاسل الرجل خلف ماسح الخف وصلاة المتوضئ خلف متيمم لا يلزمه القضاء ، بأن تيمم في السفر أو في الحضر لمرض وجراحة ونحوها ، وهذا بالاتفاق .

فإن صلى خلف متيمم يلزمه القضاء كمتيمم في الحضر ، ومن لم يجد ماء ولا ترابا أو أمكنه تعلم الفاتحة فقصر وصلى لحرمة الوقت أو صلى مربوطا على خشبة أو محبوسا في موضع نجس أو عاريا ، وقلنا : تجب عليهم الإعادة أثم ولزمه الإعادة ; لأن صلاة إمامه غير مجزئة ، فهو كالمحدث ، ولو صلى من لم يجد ماء ، ولا ترابا خلف مثله لزمه الإعادة على الصحيح ، وفيه وجه حكاه الخراسانيون .

أما صلاة الطاهرة خلف مستحاضة غير متحيرة ، وصلاة سليم خلف سلس البول أو المذي ، ومن به جرح سائل ، ففيها وجهان : مشهوران ( الصحيح ) : الصحة صححه إمام الحرمين والغزالي في البسيط ، وقطع به في الوسيط وصححه البغوي وخلائق ، ولا يغتر بتصحيح صاحب الانتصار .

خلافه ، وقال إمام الحرمين : الذي كان يقطع به شيخي ، ونقله في المذهب : الصحة وذكر بعض العراقيين وجها ، وهو ركيك لا أصل له ، واستدلوا للصحة مع ما ذكره المصنف بالقياس على من صلى خلف مستجمر بالأحجار أو بمن على ثوبه أو بدنه نجاسة يعفى عنها ، فإن اقتداءه صحيح بالاتفاق .

( فرع ) في مذاهب العلماء في المسألة قد ذكرنا أن مذهبنا جواز صلاة المتوضئ خلف المتيمم الذي لا يقضي ، وبه قال جمهور العلماء ، وحكاه ابن المنذر عن ابن عباس وعمار بن ياسر ونفر من الصحابة رضي الله عنهم ، وسعيد بن المسيب وعطاء والحسن والزهري وحماد بن أبي سليمان ومالك والثوري وأبي حنيفة وأبي يوسف وأحمد وإسحاق وأبي ثور ، قال : وكرهه علي بن أبي طالب وربيعة ويحيى الأنصاري والنخعي ومحمد بن الحسن [ ص: 161 ] وقال الأوزاعي : لا يؤمهم إلا أن يكون أميرا أو يكونوا متيممين مثله ، قال : وأجمعوا على أن المتوضئ يؤم المتيممين .

التالي السابق


الخدمات العلمية