صفحة جزء
قال المصنف - رحمه الله تعالى - : ( وإذا اجتمع هؤلاء مع صاحب البيت فصاحب البيت أولى منهم ; لما روى أبو مسعود البدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا يؤمن الرجل الرجل في أهله ولا سلطانه ولا يجلس على تكرمته في بيته إلا بإذنه } فإن حضر مالك الدار والمستأجر فالمستأجر أولى ; لأنه أحق بالتصرف في المنافع ، وإن حضر سيد العبد والعبد في دار جعلها لسكنى العبد فالسيد أولى ; لأنه هو المالك في الحقيقة ، وإن اجتمع غير السيد مع العبد في الدار فالعبد أحق بالتصرف ، وإن اجتمع هؤلاء وإمام المسجد فإمام المسجد أولى ; لما روي أن ابن عمر رضي الله عنهما : " كان له مولى يصلي في مسجد فحضر فقدمه مولاه ، فقال له ابن عمر : أنت أحق بالإمامة في مسجدك " وإن اجتمع إمام المسلمين مع صاحب البيت أو مع إمام المسجد فالإمام أولى ; لأن ولايته عامة ، ولأنه راع وهم رعيته فكان تقديم الراعي أولى ) .


( الشرح ) حديث أبي مسعود رواه مسلم ، والتكرمة بفتح التاء وكسر الراء وهي ما يختص به الإنسان من فراش ووسادة ونحوها .

هذا هو المشهور قال القاضي أبو الطيب : وقيل هي المائدة وروى مسلم لا يؤمن ولا يجلس بالياء المثناة تحت المضمومة على ما لم يسم فاعله ، وبالمثناة فوق المفتوحة على الخطاب ، وأما الأثر المذكور عن ابن عمر فرواه الشافعي والبيهقي بإسناد حسن أو صحيح عن نافع عن ابن عمر .

وقوله : اجتمع هؤلاء مع صاحب البيت ومع العبد وأشباهه ، هذا مما أنكره الحريري في درة الغواص .

وقال : لا يجوز اجتمع فلان مع فلان ، وإنما يقال : اجتمع فلان وفلان .

وقد استعمل الجوهري في صحاحه اجتمع فلان مع فلان ، وقد أوضحته في تهذيب اللغات .

قال أصحابنا - رحمهم الله - : إذا حضر الوالي في محل ولايته قدم على جميع الحاضرين فيقدم على الأفقه والأقرأ والأورع ، وعلى صاحب البيت وإمام [ ص: 180 ] المسجد إذا أذن صاحب البيت ونحوه في إقامة الصلاة في ملكه فإن لم يتقدم الوالي قدم من شاء ممن يصلح للإمامة ، وإن كان غيره أصلح منه ; لأن الحق فيها له فاختص بالتقدم والتقديم قال البغوي والرافعي : ويراعى في الولاة تفاوت الدرجة فالإمام الأعظم أولى من غيره ، ثم الأعلى فالأعلى من الولاة والحكام ، وحكى الرافعي قولا أن المالك أولى من الإمام الأعظم ، وهذا شاذ غريب ضعيف جدا ، ولو اجتمع قوم لا والي معهم في موضع ، فإن كان مسجدا فإمامه أحق ، وإن كان غير مسجد أو كان مسجدا ليس فيه إمام فساكن الموضع بحق أولى بالتقديم ، والتقديم من الأفقه وغيره ، سواء سكنه بملك أو إجارة أو عارية أو أسكنه سيده ، ولو حضر شريكان في البيت أو أحدهما ، والمستعير من الآخر لم يتقدم غيرهما إلا بإذنهما ، ولا أحدهما إلا بإذن الآخر ، فإن لم يحضر إلا أحدهما فهو أحق حيث يجوز انتفاعه ، ولو اجتمع المالك والمستأجر فوجهان : ( الصحيح ) : تقديم المستأجر ، وبه قطع المصنف والأكثرون ; لما ذكره المصنف ( والثاني ) المالك أحق ; لأن المستأجر إنما يملك السكنى حكاه الرافعي ، وإن اجتمع المعير والمستعير فوجهان : ، الصحيح وبه قطع المصنف والجمهور : المعير أحق ( والثاني ) : المستعير أحق ; لأنه الساكن حكاه الرافعي ، ولو حضر السيد وعبده الساكن فالسيد أولى بالاتفاق ، ولما ذكره المصنف سواء المأذون له في التجارة وغيره ، ولو حضر السيد والمكاتب في دار المكاتب فالمكاتب أولى والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية