صفحة جزء
قال المصنف - رحمه الله تعالى - : ( والسنة أن لا يكون موضع الإمام أعلى من موضع المأموم ; لما روي أن حذيفة " صلى على دكان ، والناس أسفل منه فجذبه سلمان حتى أقامه ، فلما انصرف قال : أما علمت أن أصحابك يكرهون أن يصلي الإمام على شيء ، وهم أسفل منه ؟ قال حذيفة : بلى قد ذكرت حين جذبتني " وكذلك لا يكون موضع المأموم أعلى من موضع الإمام ; لأنه إذا كره أن يعلو الإمام فلأن يكره أن يعلو المأموم أولى ، فإن أراد الإمام تعليم المأمومين أفعال الصلاة فالسنة أن يقف على موضع [ ص: 187 ] عال ; لما روى سهل بن سعد رضي الله عنه قال : " { صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فكبر وكبر الناس وراءه فقرأ وركع ، وركع الناس خلفه ثم رفع ثم رجع القهقرى فسجد على الأرض ثم عاد إلى المنبر ، ثم قرأ ثم ركع ثم رفع رأسه ثم رجع القهقرى حتى سجد بالأرض ثم أقبل على الناس فقال : إنما صنعت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي } ولأن الارتفاع في هذه الحالة أبلغ في الإعلام فكان أولى ) .


( الشرح ) حديث سهل بن سعد رواه البخاري ومسلم من طرق ( وقوله ) لتعلموا - بفتح العين وتشديد اللام - أي تعلموا صفتها ، وأما قصة حذيفة وسلمان فهكذا وقع في المهذب أن سلمان جذب حذيفة ، وقد رواه البيهقي في السنن الكبير هكذا بإسناد ضعيف جدا ، والمشهور المعروف فجذبه أبو مسعود وهو البدري الأنصاري ، هكذا رواه الشافعي وأبو داود والبيهقي ، ومن لا يحصى من كبار المحدثين ومصنفيهم ، وإسناده صحيح ، ويقال جذب وجبذ لغتان مشهورتان ( قوله ) فلأن يكره هو بفتح اللام ، وسبق في كتاب الطهارة إيضاحه والقهقرى - بفتح القافين - المشي إلى خلف .

قال أصحابنا : يكره أن يكون موضع الإمام أو المأموم أعلى من موضع الآخر فإن احتيج إليه لتعليمهم أفعال الصلاة أو ليبلغ المأموم القوم تكبيرات الإمام ، ونحو ذلك استحب الارتفاع لتحصيل هذا المقصود ، هذا مذهبنا ، وهو رواية عن أبي حنيفة ، وعنه رواية : أنه يكره الارتفاع مطلقا ، وبه قال مالك والأوزاعي ، وحكى الشيخ أبو حامد عن الأوزاعي أنه قال : تبطل به الصلاة .

التالي السابق


الخدمات العلمية