صفحة جزء
قال المصنف - رحمه الله تعالى - : ( فإن تقدم المأموم على الإمام ففيه قولان ، قال في التقديم : لا تبطل صلاته كما لو وقف خلف الإمام وحده ، وقال في الجديد : تبطل لأنه وقف في موضع ليس موقف مؤتم بحال ، فأشبه إذا وقف في موضع نجس ) .


( الشرح ) إذا تقدم المأموم على إمامه في الموضع فقولان مشهوران ، الجديد الأظهر لا تنعقد ، وإن كان في أثنائها بطلت ، والقديم انعقادها ، وإن كان في أثنائها لم تبطل ودليلهما في الكتاب وإن لم يتقدم لكن ساواه لم تبطل بلا خلاف لكن يكره والاعتبار في التقدم والمساواة بالعقب على المذهب [ ص: 191 ] وبه قطع الجمهور فلو تساويا في العقب وتقدمت أصابع المأموم لم يضره وإن تقدمت عقبه وتأخرت أصابعه عن أصابع الإمام فعلى القولين ، وقيل : يصح قطعا حكاه الرافعي وآخرون وقال في الوسيط : الاعتبار بالكعب ، والمذهب المعروف الأول .

ولو شك هل تقدم على إمامه ؟ فوجهان : ( الصحيح ) المنصوص في الأم - وبه قطع المحققون - تصح صلاته قولا واحدا بكل حال ، لأن الأصل عدم المفسد ( والثاني ) إن كان جاء من خلف الإمام صحت لأن الأصل عدم تقدمه وإن جاء من قدامه لم يصح على الجديد .

لأن الأصل بقاء تقدمه ، هذا كله في غير المسجد الحرام أما إذا صلوا في المسجد الحرام فالمستحب أن يقف الإمام خلف المقام ، ويقفوا مستديرين بالكعبة بحيث يكون الإمام أقرب إلى الكعبة منهم ، فإن كان بعضهم أقرب إليها منه وهو في جهة الإمام ففي صحة صلاته القولان الجديد : بطلانها .

والقديم .

صحتها ، وإن كان في غير جهته فطريقان المذهب : القطع بصحتها ، وهو نصه في الأم وبه قطع الجمهور .

( والثاني ) : فيه القولان حكاه الأصحاب عن أبي إسحاق المروزي ، ولو وقف الإمام والمأموم جميعا في الكعبة .

فإن كان المأموم قدامه في جهته مستقبلها ففيه القولان ، وإن كان وراءه أو بجنبه أو مستقبله أو ظهره إلى ظهره صح اقتداؤه إن لم يكن أقرب إلى الجدار بلا خلاف وكذا إن كان أقرب على المذهب .

وبه قطع الجمهور وقال أبو إسحاق : فيه القولان ، ولو وقف الإمام في الكعبة والمأموم خارجها جاز وله التوجه إلى أي جهة شاء .

وإن وقف الإمام خارجها والمأموم فيها أو على سطحها وبين يديه سترة جاز أيضا ، نص عليه لكن إن توجه إلى الجهة التي توجه إليها الإمام عاد القولان .

والله أعلم .

( فرع ) في مذاهب العلماء في تقدم موقف المأموم قد ذكرنا أن الصحيح من مذهبنا أن الصلاة تبطل به ، وبه قال أبو حنيفة وأحمد ، وقال مالك وإسحاق وأبو ثور وداود : يجوز ، هكذا حكاه أصحابنا عنهم مطلقا .

وحكاه ابن المنذر عن مالك وإسحاق وأبي ثور إذا ضاق الموضع .

التالي السابق


الخدمات العلمية