صفحة جزء
[ ص: 192 ] قال المصنف - رحمه الله تعالى - : ( والمستحب أن يتقدم الناس في الصف الأول لما روى أبو هريرة رضي الله عنه { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لو يعلمون ما في الصف المقدم لكانت قرعة } وروى البراء رضي الله عنه { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول } والمستحب أن يعتمدوا يمين الإمام لما روى البراء قال " { كان يعجبنا عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه كان يبدأ بمن عن يمينه فيسلم عليه } فإن وجد في الصف الأول فرجة استحب أن يسدها ، لما روى أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { أتموا الصف الأول ، فإن كان نقص ففي المؤخر } ) .


( الشرح ) حديث أبي هريرة رواه البخاري ومسلم وحديث البراء الأول صحيح رواه أبو داود بإسناد صحيح وقال فيه : الصفوف الأول ، وحديث البراء الثاني رواه مسلم ولفظه { كنا إذا صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم أحببنا أن نكون عن يمينه يقبل علينا بوجهه } وحديث أنس رواه أبو داود بإسناد حسن .

واتفق أصحابنا وغيرهم على استحباب الصف الأول والحث عليه ; وجاءت فيه أحاديث كثيرة في الصحيح ، وعلى استحباب يمين الإمام وسد الفرج في الصفوف وإتمام الصف الأول ثم الذي يليه ثم الذي يليه إلى آخرها ، ولا يشرع في صف حتى يتم ما قبله ، وعلى أنه يستحب الاعتدال في الصفوف .

فإذا وقفوا في الصف لا يتقدم بعضهم بصدره أو غيره ولا يتأخر عن الباقين ، ويستحب أن يوسطوا الإمام ويكشفوه من جانبيه لحديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم { وسطوا الإمام وسدوا الخلل } ويستحب أن يفسح لمن يريد الدخول في الصف لحديث ابن عمر أن رسول صلى الله عليه وسلم قال { أقيموا الصلاة وحاذوا بين المناكب وسدوا الخلل ولينوا بأيدي إخوانكم ولا تذروا فرجات للشيطان ، ومن وصل صفا وصله الله ، ومن قطع صفا قطعه الله } رواه أبو داود بإسناد صحيح .

( فرع ) قد ذكرنا أنه يستحب الصف الأول ، ثم الذي يليه ، ثم الذي يليه إلى آخرها ; وهذا الحكم مستمر في صفوف الرجال بكل حال ، [ ص: 193 ] وكذا في صفوف النساء المنفردات بجماعتهن عن جماعة الرجال أما إذا صلت النساء مع الرجال جماعة واحدة وليس بينهما حائل فأفضل صفوف النساء آخرها لحديث أبي هريرة قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) { خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها ، وخير صفوف النساء آخرها ، وشرها أولها } رواه مسلم .

واعلم أن المراد بالصف الأول الصف الذي يلي الإمام ، سواء تخلله منبر ومقصورة وأعمدة وغيرها أم لا ، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم { رأى في أصحابه تأخرا فقال لهم : تقدموا فائتموا بي وليأتم بكم من بعدكم لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله } رواه مسلم

التالي السابق


الخدمات العلمية