صفحة جزء
[ ص: 206 ] قال المصنف - رحمه الله تعالى - : ( وإن عجز عن القيام والقعود صلى على جنبه ، ويستقبل القبلة بوجهه ، ومن أصحابنا من قال : يستلقي على ظهره ويستقبل القبلة برجليه ; والمنصوص في البويطي هو الأول ، والدليل عليه ما روى علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { يصلي المريض قائما فإن لم يستطع صلى جالسا فإن لم يستطع صلى على جنبه مستقبل القبلة ، فإن لم يستطع صلى مستلقيا على قفاه ورجلاه إلى القبلة ، وأومأ بطرفه } ، ولأنه إذا اضطجع على جنبه استقبل القبلة بجميع بدنه ، وإذا استلقى لم يستقبل القبلة إلا برجليه ، ويومئ إلى الركوع والسجود ، فإن عجز عن ذلك أومأ بطرفه لحديث علي رضي الله عنه )


( الشرح ) حديث علي رضي الله عنه رواه الدارقطني والبيهقي بإسناد ضعيف وقال : فيه نظر ، وقوله : أومأ - هو بالهمزة - قال أصحابنا : إذا عجز عن القيام والقعود يسقط عنه القعود والقيام ، والعجز المعتبر المشقة الشديدة .

وفوات الخشوع كما قدمناه في العجز عن القيام .

وقال إمام الحرمين : لا يكفي ذلك بل يشترط فيه عدم تصور القعود أو خيفة الهلاك أو المرض الطويل إلحاقا له بالمرض المبيح للتيمم ، والمذهب الأول ، وبه قطع الجمهور ، وفي كيفية صلاة هذا العاجز ثلاثة أوجه ( الصحيح ) المنصوص في الأم والبويطي يضطجع على جنبه الأيمن مستقبلا بوجهه ومقدم بدنه القبلة كالميت في لحده ، فعلى هذا لو اضطجع على يساره صح .

وكان مكروها ، وبهذا قال مالك وأحمد وداود ، وروي عن عمر وابنه .

( والثاني ) : أنه يستلقي على قفاه ويجعل رجليه إلى القبلة ويضع تحت رأسه شيئا ليرتفع ويصير وجهه إلى القبلة لا إلى السماء ، وبه قال أبو حنيفة ( والثالث ) : يضطجع على جنبه ويعطف أسفل قدميه إلى القبلة حكاه الفوراني وإمام الحرمين والغزالي في البسيط وصاحب البيان وآخرون .

وحكى جماعة الوجهين الأولين قولين .

قال إمام الحرمين والغزالي في البسيط وغيرهما هذا الخلاف في الكيفية الواجبة ، فمن قال بكيفية لا يجوز غيرها بخلاف الخلاف السابق في كيفية القعود فإنه في الأفضل ، لاختلاف أمر الاستقبال بهذا دون ذاك ، ثم إن هذا الخلاف في القادر على هذه الهيئات فأما من لا يقدر إلا على واحدة فتجزئه [ ص: 207 ] بلا خلاف .

ثم إذا صلى على هيئة من هذه المذكورات وقدر على الركوع والسجود أتى بهما وإلا أومأ إليهما منحنيا برأسه وقرب جبهته من الأرض بحسب الإمكان ، ويكون السجود أخفض من الركوع ، فإن عجز عن الإشارة بالرأس أومأ بطرفه ، هذا كله واجب .

فإن عجز عن الإيماء بالطرف أجرى أفعال الصلاة على قلبه .

فإن اعتقل لسانه وجب أن يجري القرآن والأذكار الواجبة على قلبه كما يجب أن يجري الأفعال .

قال أصحابنا : وما دام عاقلا لا يسقط عنه فرض الصلاة ولو انتهى ما انتهى ، ولنا وجه حكاه صاحبا العدة والبيان وغيرهما أنه إذا عجز عن الإيماء بالرأس سقطت ، عنه الصلاة ، وهو مذهب أبي حنيفة وهذا شاذ مردود ومخالف لما عليه الأصحاب ، وأما حكاية صاحب الوسيط عن أبي حنيفة أنه قال : تسقط الصلاة إذا عجز عن القعود فمنكرة مردودة ، والمعروف عنه أنه إنما يسقطها إذا عجز عن الإيماء بالرأس ، وحكى أصحابنا هذا عن مالك أيضا ، وعن أبي حنيفة رواية أنه لا يصلي في الحال ، فإن برئ لزمه القضاء ، والمعروف عن مالك وأحمد كمذهبنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية