صفحة جزء
باب صلاة المسافر قال المصنف - رحمه الله تعالى - : ( يجوز القصر في السفر لقوله تعالى - : ( { وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا } ) قال ثعلبة بن أمية : قلت لعمر رضي الله عنه : فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم وقد أمن الناس .

قال عمر : عجبت مما عجبت منه فسألت صلى الله عليه وسلم فقال : { صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته } ولا يجوز القصر إلا في الظهر والعصر والعشاء الآخرة لإجماع الأمة .

ويجوز ذلك في سفر الماء كما يجوز للراكب في البر ) .


( الشرح ) حديث ثعلبة رواه مسلم ، وفيه التصريح بجواز القصر من غير خوف .

وفيه جواز قول ( تصدق الله علينا ) وقد كرهه بعض السلف ، والصواب الذي عليه الجمهور لا كراهة فيه ، وقد ذكرته واضحا في آخر كتاب الأذكار ، وقوله تعالى - : ( { وإذا ضربتم في الأرض } ) الضرب في الأرض هو السفر .

( أما حكم المسألة ) فيجوز القصر في السفر في الظهر والعصر والعشاء ولا يجوز في الصبح والمغرب ولا في الحضر .

وهذا كله مجمع عليه .

وإذا [ ص: 210 ] قصر الرباعيات ردهن إلى ركعتين ، سواء كان خوف أم لا .

وقال ابن عباس : الواجب في الخوف ركعة .

وحكي هذا عن الحسن البصري ، والجمهور على الأول ، وتأولوا الحديث الثالث في صحيح مسلم عن ابن عباس : { فرضت الصلاة في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين وفي الخوف ركعة } على أن المراد ركعة مع الإمام وينفرد بالأخرى كما هو المشروع فيها .

ويجوز القصر في سفر الماء في السفينة لأنه سفر داخل في نص القرآن والسنة .

وسواء فيه من ركب مرة أو مرات ، والملاح الذي معه أهله وماله ويديم السير في البحر ، والمكاري وغيرهم ، فكلهم لهم القصر إذا بلغ سفرهم مسافة لو قدرت في البر بلغت ثمانية وأربعين ميلا هاشمية ، لكن الأفضل لهم الإتمام ، نص عليه الشافعي واتفق عليه الأصحاب ، وبهذا قال مالك وأبو حنيفة وداود وغيرهم ، إلا أن أبا حنيفة يشترط ثلاث مراحل وقال الحسن بن صالح وأحمد بن حنبل : لا يجوز للملاح القصر لأنه مقيم في أهله وماله .

دليلنا أنه مسافر .

وما قالوه ينتقض بالذي يديم كراء الإبل وغيرها والسير في البر فإن له القصر .

التالي السابق


الخدمات العلمية