قال المصنف - رحمه الله تعالى - : ( ويجوز أن يلبس دابته وأداته جلد ما سوى الكلب والخنزير ; لأنه إن كان مدبوغا فهو طاهر ، وإن كان غير مدبوغ فالمنع من استعماله للنجاسة ، ولا تعبد على الدابة والأداة .
وأما جلد الكلب والخنزير فلا يجوز أن يستعمله في شيء من ذلك ; لأن الخنزير لا يحل الانتفاع به .
والكلب لا يحل إلا للحاجة ، وهي الصيد وحفظ الماشية .
والدليل عليه قوله صلى الله عليه وسلم : { من اقتنى كلبا إلا كلب صيد أو ماشية نقص من أجره كل يوم قيراطان } ولا حاجة إلى الانتفاع بجلده بعد الدباغ فلم يحل )
( الشرح ) هذا الحديث رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم من رواية nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر هكذا وفي بعض رواياتهما قيراط وفي أكثرها قيراطان وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة في الصحيح كلب صيد أو زرع أو ماشية وينكر على المصنف قوله : والكلب لا يحل إلا لحاجة وهي الصيد وحفظ الماشية ، مع أنه يحل للزرع بلا خلاف ، ويحل أيضا لحفظ الدروب والدور ونحوها على أصح الوجهين ، وقد ذكر المصنف كل هذا في أول باب ما يجوز بيعه ، ولعله أراد الصيد والماشية ونحوهما ، وأهمل استيفاء ذلك لكونه سيذكره في موضعه ( وقوله ) وأداته هو - بفتح الهمزة وبدال مهملة وهي الآلة ( وقوله ) لا تعبد على الدابة أي ليست مكلفة .
( أما حكم المسألة ) فقال المتولي والبغوي وآخرون : nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي نصوص مختلفة في جواز استعمال الأعيان النجسة فقيل في جميع أنواع استعمالها كلها قولان والمذهب الصحيح الذي قطع به العراقيون وأبو بكر الفارسي nindex.php?page=showalam&ids=15021والقفال وأصحابه التفصيل وهو أنه لا يجوز استعمال شيء منها في ثوب أو بدن إلا لضرورة ، ويجوز في غيرهما إن كانت نجاسة مخففة ، وهي غير الكلب والخنزير وفرع أحدهما وإن كانت مغلظة وهي نجاسة الكلب [ ص: 334 ] والخنزير والفرع لم يجزه فعلى هذا لا يجوز لبس جلد الكلب ولا الخنزير ولا فرع أحدهما في حال الاختيار ; لأن الخنزير لا يجوز الانتفاع به في حياته بحال وكذا الكلب ، إلا لمقاصد مخصوصة فبعد موتهما أولى .
ويجوز طلي السفن بشحم الميتة وكذا دهن الدواب وغيرها ، ويجوز لبس الثياب المتنجسة في غير صلاة ونحوها ، وإن فاجأته حرب أو خاف على نفسه من حر أو برد ونحوهما ولم يجد غير جلد كلب أو خنزير جاز لبسه للضرورة ، وأما جلد الميتة من شاة وبقرة وسائر الحيوان غير الكلب والخنزير وفرع أحدهما وغير الآدمي فلا يحل لبسه في حال الاختيار على المذهب الصحيح ، وبه قطع الأكثرون وحكى الخراسانيون وجها أنه يجوز ، وهو ضعيف .
وأما جلد الآدمي والثوب المتخذ من شعره فيحرم استعماله باللبس وبغيره بالاتفاق ، وقد بيناه في باب الآنية ، وأما الجلود الطاهرة فيجوز لبسها بالإجماع والنصوص ، لكن قال الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد في تعليقه وصاحب الحاوي : لبس غير الجلود أولى من لبسها قالا : { لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بنزع الخفاف والفراء عن شهداء أحد دون سائر ثيابهم } وهذا الذي قالاه فيه نظر ، هكذا حكم استعمال الثياب النجسة في البدن فأما إذا ألبس دابته وأداته ونحوهما جلدا نجسا فإن كان جلد كلب أو خنزير أو فرع أحدهما لم يجز بالاتفاق ، لما ذكرناه ، وإن كان جلد غيرهما وغير آدمي فالمذهب الصحيح : جوازه ، وبه قطع المصنف والجمهور ، وحكى الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد وغيره وجها أنه يحرم .
ولو جلل كلبا أو خنزيرا بجلد كلب أو خنزير فوجهان حكاهما جماعة من الخراسانيين ( أصحهما ) : يجوز لاستوائهما في غلظ النجاسة هكذا أطلقوهما ولعل مرادهم تجليل كلب يجوز اقتناؤه وخنزير لا يؤمر بقتله .
فإن في قتله خلافا وتفصيلا ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والمصنف والأصحاب في كتاب السير
( فرع ) يجوز تسميد الأرض بالزبل النجس ، قال المصنف في باب ما يجوز بيعه وغيره من أصحابنا : يجوز مع الكراهة ، قال إمام الحرمين : ولم يمنع منه أحد ، وفي كلام الصيدلاني ما يقتضي خلافا فيه ، والصواب القطع بجوازه مع الكراهة
[ ص: 335 ] فرع ) يجوز الاستصباح بالدهن النجس سواء كان نجس العين كودك الميتة أو كان متنجسا بعارض كزيت وشيرج وسمن أصابته نجاسة ، هذا هو الصحيح المشهور ، ونص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وقطع به العراقيون وجماعة من الخراسانيين .
وحكى جماعة من الخراسانيين فيه قولا وبعضهم يحكيه وجها : أنه يحرم ، والمذهب : الجواز لكن يكره ، وقد ذكره المصنف في باب ما يجوز بيعه ، وذكر هناك اقتناء الكلب وسنوضحه هناك إن شاء الله تعالى - في أواخر باب الأطعمة في مسألة تحريم أكل النجس
( فرع ) في مذاهب العلماء في استعمال الأدهان النجسة وغيرها في غير الأكل وفي غير البدن قد ذكرنا أن مذهبنا الصحيح جواز الانتفاع بالدهن المتنجس وشحم الميتة في الاستصباح ودهن السفن ، ويجوز أن يتخذ من هذا الدهن الصابون فيستعمله ولا يبيعه ، وله إطعام العسل المتنجس للنحل والميتة للكلاب والطيور الصائدة وغيرها ، وإطعام الطعام المتنجس للدواب هذا مذهبنا ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء nindex.php?page=showalam&ids=16935ومحمد بن جرير ، وقال به nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث وجمهور العلماء في غير شحم الميتة ، ومنعوا شحم الميتة .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل nindex.php?page=showalam&ids=12265وأحمد بن صالح وابن الماجشون المالكي : لا يجوز شيء من جميع ذلك ، وقد أوضحت الجميع بدلائله في شرح صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في باب تحريم بيع الميتة
فصل في مسائل تتعلق بالباب ( إحداها ) يجوز لبس ثياب الكتان والقطن والصوف والشعر والوبر ، وإن كانت نفيسة الأثمان ; لأن نفاستها بالصنعة لا في جنسها بخلاف الحرير ، وهذا مجمع عليه ، ويجوز لبس الخز بالاتفاق ; وهو حرير وصوف لكن حريره مستتر وأقل وزنا
( الثانية ) القز كالحرير فيحرم على الرجل استعماله ، هذا هو الصحيح [ ص: 336 ] وبه قطع الجمهور ونص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم ، ونقل إمام الحرمين الاتفاق عليه ، وحكى المتولي فيه وجهين وهو شاذ
وممن صرح به صاحب البيان ، ونقل nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وغيره أن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - نهى الرجل عن المزعفر وأباح له المعصفر .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في كتاب معرفة السنن والآثار في فصل النهي عن القراءة في الركوع : قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إنما أرخصت في المعصفر لأني لم أجد أحدا يحكي عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عنه إلا ما قال nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه : " نهاني ولا أقول نهاكم " يعني حديث nindex.php?page=showalam&ids=8علي : { nindex.php?page=hadith&LINKID=38005نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أقول نهاكم عن تختم الذهب ولباس المعصفر } رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم .
ثم روى nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي روايات تدل على أن النهي على العموم عن المعصفر ، ثم قال : وفي كل هذا دلالة على أن نهي الرجال عن لبسه على العموم قال : ولو بلغ nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي لقال به إن شاء الله تعالى - .
ثم ذكر بإسناده ما هو مشهور صحيح عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، قال : " كل ما قلت وكان عن النبي صلى الله عليه وسلم خلافه مما يصح ، فحديث النبي صلى الله عليه وسلم أولى ولا تقلدوني " قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : وينهى الرجل حلالا بكل حال أن يزعفر ويأمره إذا تزعفر بغسله عنه ، قال : فيتبع السنة في المزعفر فمتابعتها في المعصفر أولى به وقد كره المعصفر .
يعني بعض السلف ، وبه قال أبو عبد الله الحليمي من أصحابنا قال : ورخص فيه جماعة ، والسنة ألزم
( السادسة ) : لو بسط فوق ثوب الحرير ثوب قطن وجلس عليه جاز ، [ ص: 338 ] صرح به البغوي وغيره ، كما لو حشا الجبة والمخدة به ، وكما لو بسط على النجاسة ثوبا ، وكذا لو جلس على جبة محشوة به
[ ص: 339 ] فرع ) يجوز لبس العمامة بإرسال طرفها وبغير إرساله ولا كراهة في واحد منهما ولم يصح في النهي عن ترك إرسالها شيء ، وصح في الإرخاء الحديث السابق في المسألة الرابعة
[ ص: 340 ] العاشرة ) : يجوز للرجل لبس خاتم الفضة في خنصر يمينه وإن شاء في خنصر يساره كلاهما صح فعله عن النبي صلى الله عليه وسلم لكن الصحيح المشهور أنه في اليمين أفضل ; لأنه زينة ، واليمين أشرف .
وقال صاحب الإبانة : في اليسار أفضل ; لأن اليمين صار شعار الروافض فربما نسب إليهم ، هذا كلامه ، وتابعه عليه صاحبا التتمة والبيان ، والصحيح الأول ، وليس هو في معظم البلدان شعارا لهم ، ولو كان شعارا لما تركت اليمين ، وكيف تترك السنن لكون طائفة مبتدعة تفعلها ، وفي سنن أبي داود بإسناد صحيح أن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر كان يتختم في يساره ، وبإسناد حسن أن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس تختم في يمينه ، ويجوز الخاتم بفص وبلا فص ، ويجعل الفص من باطن كفه أو ظاهرها ، وباطنها أفضل للأحاديث الصحيحة فيه ، ويجوز نقشه ، وإن كان فيه ذكر الله - تعالى - : ففي الصحيحين { nindex.php?page=hadith&LINKID=28129كان نقش خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم : محمد رسول الله } ولا كراهة فيه عندنا وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=0016867ومالك والجمهور وكرهه nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين وبعضهم لخوف امتهانه وهذا باطل منابذ للحديث .
ولفعل السلف والخلف ، قال العلماء من إصحابنا وغيرهم : وله أن ينقش فيه اسم نفسه أو كلمة حكمة .
وأجمع المسلمون على أن السنة للرجل جعل خاتمه في خنصره .
كما يجوز لها خاتم الذهب ، وهذا مجمع عليه ، ولا كراهة بلا خلاف ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : يكره لها خاتم الفضة ; لأنه من شعار الرجال .
قال : فإن لم تجد خاتم ذهب فلتصفره بزعفران وشبهه ، وهذا الذي قاله باطل لا أصل له ، والصواب أن لا كراهة عليها ( فرع ) ذكرنا أنه يجوز للرجل لبس خاتم الفضة سواء من له ولاية وغيرها وهذا مجمع عليه ، وأما ما نقل عن بعض علماء الشام المتقدمين من [ ص: 341 ] كراهة لبسه لغير ذي سلطان فشاذ مردود بالنصوص وإجماع السلف وقد نقل العبدري وغيره الإجماع فيه
قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي في معالم السنن : إنما قال : " أجد ريح الأصنام ; لأنها كانت تتخذ من الشبه ، قال .
وأما الحديد فقيل كرهه لسهوكة ريحه ، قال : وقيل ; لأنه زي بعض الكفار ، وهم أهل النار
( الثانية عشرة ) : قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم : ( لا أكره للرجل لبس اللؤلؤ [ ص: 342 ] إلا للأدب وأنه من زي النساء لا للتحريم ، ولا أكره لبس ياقوت أو زبرجد إلا من جهة السرف والخيلاء ) هذا نصه ، وكذا نقله الأصحاب واتفقوا على أنه لا يحرم
قال : ويدخل في النهي عن المشي في نعل واحدة كل لباس شفع كالخفين ، وإدخال اليدين في الكمين ، قال : فيكره أن يدخل يدا في كمه ويخرج أخرى لاشتراك الجميع في أنه قد يشق عليه ، وهذا الذي قاله في الأم لا يوافق عليه
وعن بنانة - بضم الموحدة - أنها كانت عند عائشة فدخل عليها بجارية عليها جلاجل تصوت فقالت : لا تدخلها علي إلا أن تقطعوا جلاجلها ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { nindex.php?page=hadith&LINKID=30134لا تدخل الملائكة بيتا فيه جرس } رواه أبو داود بإسناد جيد
( الثامنة عشرة ) : يحرم وصل الشعر والوسم والوشر وسبق بيانه وتفصيله وتعريفه في باب طهارة البدن ، ويحرم التصوير بصور ذوات الأرواح ، واتخاذ الصور ، وسيأتي إيضاحه وتفريعه حيث ذكره المصنف في باب الوليمة إن شاء الله - تعالى ، ويكره القزع وسبق في باب السواك
قيل : معنى كاسيات أي من نعمة الله عاريات من شكرها ، وقيل : معناه تستر بعض بدنها وتكشف بعضه إظهارا لجمالها ونحوه ، وقيل تلبس ثوبا رقيقا يصف لون بدنها ، وهو المختار ، ومعنى مائلات عن طاعة الله وما يلزمهن حفظه ، مميلات أي يعلمن غيرهن فعلهن المذموم ، وقيل يمشين متبخترات مميلات لأكتافهن ، وقيل مائلات يمتشطن المشطة الميلاء وهي مشطة البغايا ، ومميلات يمشطن غيرهن تلك المشطة ، ومعنى ( رءوسهن كأسنمة البخت ) أي يكبرنها ويعظمنها بلف عمامة أو نحوها ، والله أعلم
وعن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { nindex.php?page=hadith&LINKID=18631خير المجالس أوسعها } رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري .
( السابعة والعشرون ) : روى nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه في باب ما ذكر في بني إسرائيل وكان من كتاب الأنبياء عن عائشة أنها كانت تكره أن يجعل يده في خاصرته وتقول إن اليهود تفعله