صفحة جزء
[ ص: 418 ] قال المصنف - رحمه الله تعالى - : ( ولا يشبك بين أصابعه لقوله صلى الله عليه وسلم { إن أحدكم في صلاة ما كان يعمد إلى الصلاة } ) .


( الشرح ) هذا الحديث رواه مسلم في صحيحه من رواية أبي هريرة وهو بعض الحديث الطويل السابق : " إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون فقال الشافعي : معناه يذهب في آخر تعمده إلى الصلاة ، وقال غيره : معنى الحديث ما دام يعمد إلى الصلاة فله أجر وثواب بسبب الصلاة ، فينبغي أن يتأدب بآداب المصلين ، فيترك العبث والكلام الرديء في طريقه ، والنظر المذموم ، وغير ذلك مما يتركه المصلي .

( أما حكم المسألة ) فاتفق الأصحاب وغيرهم على كراهة تشبيك الأصابع في طريقه إلى المسجد وفي المسجد يوم الجمعة وغيره ، وسائر أنواع العبث ما دام قاصدا الصلاة أو منتظرها ، واحتج له بحديث كعب بن عجرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه ثم خرج عامدا إلى المسجد فلا يشبكن يده ، فإنه في صلاة } رواه أبو داود والترمذي بإسناد ضعيف والاعتماد على الحديث المذكور في الكتاب ، قال الخطابي في شرح هذا الحديث : التشبيك يفعله بعض الناس عبثا وبعضهم لتفرقع أصابعه ، وربما قعد الإنسان فاحتبى بيديه وشبك أصابعه ، وربما جلب النوم فيكون سببا لنقض الوضوء ، فنهي قاصد الصلاة عنه ; لأن جميع ما ذكرناه لا يليق بالمصلي ، ولا يخالف هذا ما ثبت في صحيح البخاري وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شبك أصابعه في المسجد بعد ما سلم من الصلاة عن ركعتين في قصة ذي اليدين وشبك في غيره ; لأن النهي والكراهة إنما هي في حق المصلي وقاصد الصلاة ، وتشبيك النبي صلى الله عليه وسلم في قصة ذي اليدين كان بعد سلامه وقيامه إلى ناحية من المسجد ، وهو يعتقد أنه ليس في صلاة ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية