[ ص: 451 ] قال المصنف - رحمه الله تعالى - : ( قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله : ولا يجمع في مصر - وإن عظم وكثرت مساجده - إلا في مسجد واحد والدليل عليه أنه لم يقمها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا الخلفاء من بعده في أكثر من موضع ، واختلف أصحابنا في بغداد ، فقال أبو العباس : يجوز في مواضع ; لأنه بلد عظيم ، ويشق الاجتماع في موضع واحد ، وقال أبو الطيب بن سلمة : يجوز في كل جانب جمعة ; لأنه كالبلدين ، ولا يجوز أكثر من ذلك ، وقال بعضهم : كانت قرى متفرقة في كل موضع منها جمعة ، ثم اتصلت العمارة فبقيت على حكم الأصل [ وإن عقدت جمعتان في بلد إحداهما قبل الأخرى وعرفت الأولى منهما نظرت - فإن لم يكن مع واحدة منهما إمام أو كان الإمام مع الأولى - فالجمعة هي الأولى والثانية باطلة ، وبأي شيء يعتبر السبق ؟ فيه قولان ( أحدهما ) : بالفراغ ; لأنه لا يحكم بصلاتها إلا بعد الفراغ منها ، فوجب أن يعتبر السبق بالفراغ .
( والثاني ) : يعتبر بالإحرام ; لأنها بالإحرام تنعقد ، فلا يجوز أن تنعقد بعدها جمعة - فإن كان الإمام مع الثانية ففيه قولان - أحدهما : أن الجمعة هي الأولى ; لأنها جمعة أقيمت شروطها فكانت هي الجمعة .
والثاني : أن الجمعة هي الثانية ; لأن في تصحيح الأولى افتياتا على الإمام وتفويتا للجمعة على عامة الناس .
وإن كانت الجمعتان في وقت واحد من غير إمام بطلتا ; لأنه ليس إحداهما أولى من الأخرى فوجب إبطالهما كما نقول فيمن جمع بين أختين في عقد واحد ، وإن لم يعلم هل كانتا في وقت واحد أو في وقتين بطلتا ; لأنه ليس كونهما في وقت واحد بأولى من تقدم إحداهما على الأخرى فحكم ببطلانهما ، وإن علم أن إحداهما قبل الأخرى ، ولم تتعين حكم ببطلانهما ; لأن كل واحدة من الطائفتين شك في إسقاط الفرض ، والفرض لا يسقط بالشك .
وفيما يجب عليهم قولان ( أحدهما ) : تلزمهم الجمعة إن كان الوقت باقيا ; لأن التي تقدمت لما لم تتعين لم يثبت حكمها فصارت كأن لم تكن ( والثاني ) : يصلون الظهر ; لأنا تيقنا أن المتقدم منهما جمعة صحية فوجب أن يصلوا الظهر احتياطا ، وإن علمت السابقة منهما ثم أشكلت حكم ببطلانهما ; لأنه لا يمكن التوقف إلى أن تعرف ; لأنه يؤدي إلى فوات الوقت أو فواتهما بالموت ، فوجب الحكم ببطلانهما ، وبالله التوفيق ] ) .
( الشرح ) قوله : يجمع هو - بضم الياء وتشديد الميم وفي بغداد أربع لغات بدالين مهملتين وبمهملة ثم معجمة ، وبغدان ومغدان ، ويقال لها : مدينة السلام ، وسبق في بيانها زيادة في مسألة القلتين ، وهذا النص ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم وفي مختصر nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والأصحاب : فشرط الجمعة أن [ ص: 452 ] لا يسبقها في ذلك البلد جمعة أخرى ، ولا يقارنها .
قال أصحابنا : وقد دخل nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي بغداد وهم يقيمون الجمعة في موضعين وقيل في ثلاثة فلم ينكر ذلك ، واختلف أصحابنا في الجواب عن ذلك ، وفي حكمبغداد في الجمعة على أربعة أوجه : ذكر المصنف الثلاثة الأولى منها هنا ، وكلامه في التنبيه يقتضي الجزم بالرابع .
( أحدها ) : أن الزيادة على جمعة في بغداد جائزة وإنما جازت ; لأنه بلد كبير يشق اجتماعهم في موضع منه ، قال أصحابنا : فعلى هذا تجوز الزيادة على جمعة في جميع البلاد التي تكثر الناس فيها ، ويعسر اجتماعهم في موضع .
وهذا الوجه هو الصحيح ، وبه قال أبو العباس بن سريج nindex.php?page=showalam&ids=11817وأبو إسحاق المروزي .
قال الرافعي : واختاره أكثر أصحابنا تصريحا وتعريضا ، وممن رجحه ابن كج والحناطي بالحاء المهملة ، والقاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب في كتابه المجرد والروياني والغزالي وآخرون ، قال الماوردي : ، وهو اختيار nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني ودليله قوله تعالى - : { وما جعل عليكم في الدين من حرج } .
( والثاني ) : إنما جازت الزيادة فيها ; لأن نهرها يحول بين جانبيها فيجعلها كبلدين .
قاله أبو الطيب بن سلمة ، فعلى هذا لا تقام في كل جانب من بغداد إلا جمعة ، وكل بلد حال بين جانبيها نهر يحوج إلى السباحة فهو كبغداد ، واعترض على ابن سلمة بأنه لو كان الجانبان كبلدين لقصر من عبر من أحدهما إلى الآخر مسافرا إلى مسافة القصر ، فالتزم ابن سلمة وجوب القصر .
( والثالث ) : تجوز الزيادة وإنما جازت ; لأنها كانت قرى متفرقة قديمة اتصلت الأبنية فأجرى عليها حكمها القديم ، حكاه nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبو الطيب في المجرد عن أبي عبد الله الزبير .
قال أصحابنا : فعلى هذا يجوز تعدد الجمعة في كل بلد ، هذا شأنه ، واعترضوا عليه بما اعترض على ابن سلمة ، وأجيب بجوابه وأشار إلى هذا الجواب صاحب التقريب .
[ ص: 453 ] والرابع ) : لا تجوز الزيادة على جمعة في بغداد ولا في غيرها ، وهذا ظاهر نص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي المذكور ، ورجحه الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد والمحاملي والمتولي وصاحب العدة قالوا : وإنما لم ينكره nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي على أهل بغداد ; لأن المسألة اجتهادية ، وليس لمجتهد أن ينكر على مجتهد ، وأجاب بعضهم فيما حكاه صاحب العدة وغيره بأن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي لم يقدر على الإنكار باليد ، ولم يقدر على أكثر من أن ينكرها بقلبه وسطرها في كتبه ، والصحيح : هو الوجه الأول ، وهو الجواز في موضعين وأكثر بحسب الحاجة وعسر الاجتماع قال إمام الحرمين : طرق الأصحاب متفقة على جواز الزيادة على جمعة ببغداد واختلفوا في تعليله ، والله أعلم .
قال أصحابنا : وحيث منعنا الزيادة على جمعة فعقدت جمعتان فله صور : ( إحداها ) : أن تسبق إحداهما ، ولا يكون الإمام مع الثانية ، فالأولى هي الصحيحة والثانية باطلة بلا خلاف وفيم يعتبر به ؟ فيه وجهان مشهوران في طريقتين للعراقيين والخراسانيين ( أصحهما ) : بالإحرام بالصلاة ( والثاني ) : بالسلام منها ، هكذا حكاهما الأصحاب في الطريقتين وجهين ، وحكاهما المصنف قولين ; وأنكر صاحب البيان وغيره عليه ذلك ، وحكى الخراسانيون وجها ثالثا أن الاعتبار بالشروع في الخطبة فحصلت ثلاثة أوجه ، الصحيح باتفاق الأصحاب أن الاعتبار بالإحرام بالصلاة فأيتهما أحرم بها أولا فهي الصحيحة وإن تقدم سلام الثانية وخطبتها ، وممن صححه الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد والقاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب والبندنيجي والماوردي وابن الصباغ وإمام الحرمين والبغوي والشاشي وصاحبا العدة والبيان وآخرون ، ونقله الماوردي عن الجامع الكبير nindex.php?page=showalam&ids=15215للمزني .
فعلى هذا لو أحرم بهما معا وتقدم سلام إحداهما وخطبتها فهما باطلتان والاعتبار على هذا بالفراغ من تكبيرة الإحرام ، فلو سبقت إحداهما بهمزة التكبيرة والأخرى بالراء منها ، فالصحيحة هي السابقة بالراء هذا هو [ ص: 454 ] الصحيح .
وحكى الرافعي وجها أن السابقة بالهمزة هي الصحيحة ; لأنه لا يجوز بعد الشروع فيها افتتاح أخرى ، والمذهب الأول ; لأنه لا يصير داخلا في الجمعة حتى يفرغ من التكبيرة بكمالها .
ولو أحرم إمام بها وفرغ من التكبيرة ثم أحرم آخر بالجمعة إماما ثم أحرم أربعون مقتدين بالثاني ثم أحرم أربعون وراء الإمام الأول فظاهر كلام الأصحاب : أن الصحيحة هي جمعة الإمام الأول ; لأن بإحرامه بها تعينت جمعته للسبق وامتنع على غيره افتتاح جمعة أخرى .
وعلى جميع الأوجه لو سبقت إحداهما وكان السلطان مع الثانية فقولان مشهوران ( أصحهما ) باتفاق الأصحاب : أن الجمعة هي السابقة ، ممن صححه ابن الصباغ والمتولي والغزالي في البسيط والرافعي ; لأنها جمعة وجدت شروطها فلا تنعقد بها أخرى ، والسلطان ليس بشرط عندنا في صحة الجمعة .
( والثاني ) : أن الجمعة الصحيحة هي التي فيها الإمام ; لأن في تصحيح الأولى افتئاتا عليه وتفويتا لها على غالب الناس ; لأن غالبهم يكون مع الإمام .
( الصورة الثانية ) : أن تقع الجمعتان معا فهما باطلتان ويجب استئناف جمعة إن اتسع الوقت لها .
( الثالثة ) : أن يشكل الحال فلا يدرى أوقعتا معا أو سبقت إحداهما ، فيجب إعادة الجمعة أيضا وتجزئهم ; لأن الأصل عدم جمعة مجزئة .
هكذا جزم به الأصحاب في الطريقتين وشذ البندنيجي فقال : لا خلاف أنه لا يلزمهم الجمعة .
وفي جوازها قولان ( أصحهما ) : الجواز ، وهو نصه في الأم والمذهب ما سبق عن الأصحاب .
قال إمام الحرمين : قد حكم الأئمة في هذه الصورة بأنهم إذا أعادوا جمعة برئت ذمتهم ، وفيه إشكال لاحتمال تقدم إحداهما ، وحينئذ لا تنعقد هذه ولا تبرأ ذمتهم بها ، فطريقهم في البراءة بيقين أن يصلوا جمعة ثم ظهرا ، وهذا الذي قاله إمام الحرمين مستحب وإلا فالجمعة كافية [ ص: 455 ] في البراءة كما قاله الأصحاب ; لأن الأصل عدم جمعة مجزئة في حق كل واحد .
( الرابعة ) : أن يعلم سبق إحداهما بعينها ثم تلتبس .
قال الأصحاب : لا تبرأ ذمة واحدة من الطائفتين خلافا nindex.php?page=showalam&ids=15215للمزني ; لأن كل طائفة تشك في براءتها من الفرض ، والأصل عدم البراءة ، وفيما يلزمهم طريقان ( أصحهما ) : يلزمهم الظهر - قولا واحدا - لأن الجمعة صحت ، فلا يجوز عقد جمعة أخرى بعدها ، وبهذا قطع البغوي وصححه الخراسانيون ( والثاني ) : فيه قولان كالصورة الخامسة ( أحدهما ) : الظهر ( والثاني ) : الجمعة ; لأن الأولى لم تحصل بها البراءة ، فهي كجمعة فاسدة لفوات بعض شروطها أو أركانها ، وبهذا الطريق قطع جمهور العراقيين والمذهب الأول .
( الخامسة ) أن تسبق إحداهما ونعلم السبق ولا نعلم عين السابقة بأن سمع مريضان أو مسافران أو غيرهما ممن لا جمعة عليه تكبيرتين للإمامين متلاحقتين ، وهما خارج المسجد فأخبراهم بالحال ولم يعرفا المتقدمة فلا تبرأ ذمة واحدة من الطائفتين ، خلافا nindex.php?page=showalam&ids=15215للمزني أيضا ، وفيما يلزمهم قولان مشهوران حكاهما المصنف والأصحاب ( أحدهما ) : الجمعة وصححه الغزالي ( والثاني ) : الظهر ، وصححه الأكثرون ، قالوا : ، وهو القياس ، وهذا هو الصحيح ، ودليل القولين ما سبق في الصورة الرابعة .
ولو كان السلطان في هذه الصور الأربع الأخيرة مع إحدى الطائفتين - فإن قلنا في الصورة الأولى : الجمعة هي السابقة ، وهو الأصح - فلا أثر لحضوره ، وإن قلنا : الجمعة هي التي فيها السلطان فهنا أولى والله أعلم .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : ولو استأنفوا الظهر كان أفضل .
( فرع ) قول المصنف ( وإن علم أن إحداهما قبل الأخرى ، ولم يتعين حكم ببطلانهما ) ، وفيما يلزمهم قولان ( أحدهما ) : الجمعة ( والثاني ) : الظهر ، قال : ( وإن علمت السابقة منهما ثم أشكلت ، حكم ببطلانهما ) هذا مما ينكر عليه ; لأنه جزم ببطلانهما في الصورتين مع أن الأصح في الصورتين وجوب الظهر ، وإذا كان الواجب الظهر فكيف تكون الجمعة باطلة ، فإنها لو بطلت وجب إعادتها قطعا ، وكان ينبغي أن يقول : لم تجزئ الجمعة عن [ ص: 456 ] أحد من الطائفتين .
وفيما يلزمهم قولان ( أصحهما ) : الظهر لوقوع جمعة صحيحة ( والثاني ) : الجمعة ; لأن الأولى لم تجزئ فهي كالمعدومة ، وهذا مراد المصنف ، ولكن في عبارته إبهام وضرب تناقض ، والله أعلم
( فرع ) قال nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبو الطيب والأصحاب : لو كان إمام الجمعة جنبا وتم العدد بغيره - فعلم الجنابة بعد فراغ الصلاة - فإن جمعة القوم صحيحة على المذهب كما سبق في باب صفة الأئمة وعلى الإمام أن يستأنف الظهر ، فلو ذهب وتطهر واستأنف الخطبة وصلاة الجمعة ظانا أنها تجزئه ثم علم في أثناء الصلاة أنه لا يجوز جمعة بعد جمعة قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : أحببت أن يستأنف الظهر ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي وغيره : قال أصحابنا : الاستئناف مستحب ، ولا يجب ، بل إذا أضاف إلى الركعتين ركعتين أخريين بنية الظهر أجزأه .
كما إذا خرج الوقت ، وهم في صلاة الجمعة يتمونها ظهرا ، ولا يجب استئنافها .
( فرع ) في مذاهب العلماء في إقامة جمعتين أو جمع في بلد مذهبنا : أنه لا يجوز جمعتان في بلد لا يعسر الاجتماع فيه في مكان كما سبق ، وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=0016867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة قال : وقال nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف : يجوز ذلك في بغداد دون غيرها ، والمشهور عن nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف إن كان للبلد جانبان جاز في كل جانب جمعة ، وإلا فلا ولم يخصه ببغداد ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد بن الحسن : يجوز جمعتان سواء كان جانبان أم لا ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود : يجوز في البلد جمع وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : إذا عظم البلد كبغداد والبصرة جاز جمعتان فأكثر إن احتاجوا وإلا فلا يجوز أكثر من جمعة واحدة ، وقال العبدري : لا يصح عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة في المسألة شيء ، وقال الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد : حكى عامة أهل الخلاف كابن جرير وغيره عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة كمذهبنا ، وحكى عنه الساجي كمذهب nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد دليلنا ما ذكره المصنف والأصحاب : أن النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين فمن بعدهم من الصحابة ومن بعدهم لم يقيموها في أكثر من موضع مع أنهم أقاموا العيد في الصحراء والبلد الصغير ، والله أعلم .
( الثانية ) : يستحب أن يصلي سنة الجمعة قبلها أربعا وبعدها أربعا ، وتجزئ ركعتان قبلها وركعتان بعدها ، وقد سبق إيضاح ذلك مبسوطا في باب صلاة التطوع .
( الثالثة ) : قال صاحب الحاوي : يستحب الإكثار من فعل الخير ليلة الجمعة ويومها .
( الرابعة ) : يكره تخصيص ليلة الجمعة بصلاة وسبقت المسألة بدليلها في باب صلاة التطوع .
( الخامسة ) : الاحتباء يوم الجمعة لمن حضر الخطبة ، والإمام يخطب نقل nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : أنه لا يكره ، وبهذا قطع صاحب البيان ونقله nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=15990وابن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين nindex.php?page=showalam&ids=11862وأبي الزبير nindex.php?page=showalam&ids=15959وسالم بن عبد الله nindex.php?page=showalam&ids=16097وشريح القاضي وعكرمة بن خالد nindex.php?page=showalam&ids=17191ونافع nindex.php?page=showalam&ids=0016867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري والأوزاعي وأصحاب الرأي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور قال : وكره ذلك بعض أهل الحديث لحديث روي عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه في إسناده مقال وروى أبو داود بإسناده عن يعلى بن شداد بن أوس قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=20637شهدت مع nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية بيت المقدس فجمع بنا فنظرت فإذا جل من في المسجد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيتهم محتبين ، والإمام يخطب } قال أبو داود : وكان nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر يحتبي والإمام يخطب nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس بن مالك nindex.php?page=showalam&ids=16097وشريح nindex.php?page=showalam&ids=10031وصعصعة بن صوحان nindex.php?page=showalam&ids=15990وابن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي nindex.php?page=showalam&ids=17134ومكحول وإسماعيل بن محمد بن سعيد ونعيم بن سلامة ، قال أبو داود : ولم يبلغني أن أحدا كرهها إلا [ ص: 458 ] nindex.php?page=showalam&ids=16294عبادة بن نسي .
هذا كلام أبي داود وروى أبو داود والترمذي وغيرهما بأسانيدهم عن سهل بن معاذ عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=8394أنه نهى عن الحبوة يوم الجمعة ، والإمام يخطب } قال الترمذي : حديث حسن كذا قال الترمذي : إنه حسن ، لكن في إسناده ضعيفان فلا نسلم حسنه ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي نهي عنها ; لأنها تجلب النوم فتعرض طهارته للنقض ويمنع من استماع الخطبة .
( السادسة ) : قال في البيان : إذا قرأ الإمام في الخطبة { إن الله وملائكته يصلون على النبي } فجاز للمستمع أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويرفع بها صوته .
[ ص: 460 ] الفصل الثاني في صفة السلام وأحكامه وفيه مسائل : ( إحداها ) : إبداء السلام سنة مؤكدة .
قال أصحابنا : هو سنة على الكفاية ، فإذا مرت جماعة بواحد أو بجماعة فسلم أحدهم حصل أصل السنة ، وأما جواب السلام فهو فرض بالإجماع ، فإن كان السلام على واحد فالجواب : فرض عين في حقه ، وإن كان على جمع فهو فرض كفاية ، فإذا أجاب واحد منهم أجزأ عنهم وسقط الحرج عن جميعهم ، وإن أجابوا كلهم كانوا كلهم مؤدين للفرض ، سواء ردوا معا أو متعاقبين ، فلو لم يجبه أحد منهم أثموا كلهم ; ولو رد غير الذين سلم عليهم لم يسقط الفرض والحرج عن الباقين .
( الثانية ) : قال أصحابنا : يشترط في ابتداء السلام وجوابه رفع الصوت بحيث يحصل الاستماع ، وينبغي أن يرفع صوته رفعا يسمعه المسلم عليهم والمردود عليهم سماعا محققا ، ولا يزيد في رفعه على ذلك ، فإن شك في سماعهم زاد واستظهر ، وإن سلم على أيقاظ عندهم نيام خفض صوته بحيث [ ص: 461 ] يسمعه الأيقاظ ولا يستيقظ النيام ، ثبت ذلك في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم من رواية المقداد رضي الله عنه .
( الثالثة ) : قال أصحابنا : يشترط كون الجواب متصلا بالسلام الاتصال المشترط بين الإيجاب والقبول في العقود .
( الرابعة ) : يسن بعث السلام إلى من غاب عنه ، وفيه أحاديث صحيحة ، ويلزم الرسول تبليغه ; لأنه أمانة ، وقد قال الله تعالى - : { إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها } وإذا ناداه من وراء حائط أو نحوه فقال : السلام عليك يا فلان أو كتب كتابا وسلم فيه عليه أو أرسل رسولا وقال : سلم على فلان فبلغه الكتاب والرسول وجب عليه رد الجواب على الفور ، صرح به أصحابنا منهم أبو الحسن الواحدي - المفسر - في كتابه البسيط ، والمتولي والرافعي وغيرهم ، ويستحب أن يرد على الرسول معه فيقول : وعليك وعليه السلام ورحمة الله وبركاته ، وفيه حديث في سنن أبي داود إسناده ضعيف ; لكن أحاديث الفضائل يعمل فيها بالضعيف كما سبق بيانه في مقدمة هذا الشرح .
( السادسة ) : سلام الأخرس بالإشارة معتد به وكذا جوابه ، ولا تجزئ الإشارة في حق الناطق لا سلاما ولا جوابا ، وأما إذا جمع بين اللفظ والإشارة فحسن وسنة ، فقد ثبت عن nindex.php?page=showalam&ids=10382أسماء بنت يزيد رضي الله عنها قالت : { nindex.php?page=hadith&LINKID=35039مر رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد يوما وعصبة من النساء قعود فألوى بيده للتسليم } رواه الترمذي وقال حديث حسن ، ورواه أبو داود وفي روايته " فسلم علينا " ومعناه أنه جمع اللفظ والإشارة ، وأما الحديث الوارد في كتاب الترمذي في النهي عن الإشارة إلى السلام بالأصبع أو الكف ( فضعيف ) ضعفه الترمذي وغيره ، ولو صح لحمل على الاقتصار على الإشارة .
وأما أقل السلام ابتداء كأن يقول : السلام عليكم أو عليك إن كان وحده ، أو سلام عليكم أو عليك ، ولو قال : عليكم السلام فوجهان ( أحدهما ) : أنه ليس بتسليم وبه قطع المتولي ( والثاني ) : ، وهو الصحيح أنه تسليم يجب فيه الجواب ، وبه قطع الواحدي وإمام الحرمين وغيرهما ، ولكن يكره الابتداء به ، صرح بكراهته الغزالي في الإحياء ، ودليله الحديث الصحيح عن أبي جري بضم الجيم تصغير جرو رضي الله عنه قال : قلت : عليك السلام يا رسول الله ، قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=30521لا تقل عليك السلام فإن عليك السلام تحية الموتى } رواه أبو داود والترمذي وغيرهما بالأسانيد الصحيحة .
قال الترمذي : حديث حسن صحيح ، قال أصحابنا : يستحب إذا سلم على واحد أن يكون بصيغة الجمع ، فيقول : السلام عليكم خطابا له ولملائكته ، واتفقوا على أنه لو قال : السلام عليكم أو سلام عليك كفى ; وصفة الجواب أن يقول : وعليكم السلام أو وعليك السلام إن كان واحدا ، فلو ترك واو [ ص: 463 ] العطف فقال : عليكم السلام فوجهان ( الصحيح ) المنصوص في الأم وبه قطع إمام الحرمين والغزالي والجمهور : تجزئه لقوله تعالى - : { قالوا سلاما قال سلام } وحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة السابق في الفصل الأول فإن الله - تعالى - قال : " هي تحيتك وتحية ذريتك " .
واتفق أصحابنا على أنه لو قال في الجواب : عليكما فقط لم يكن جوابا ، ولو قال : وعليكم بالواو فوجهان : ( أحدهما ) : ، وهو اختيار إمام الحرمين : ليس بجواب ; لأنه ليس فيه ذكر السلام ( والثاني ) : أنه جواب العطف ، ويدل عليه حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة في قصة إسلامه قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=29210كنت أول من حيا النبي صلى الله عليه وسلم بتحية الإسلام فقال : وعليك ورحمة الله } رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم هكذا من غير ذكر السلام .
ولو قال المجيب : السلام عليكم أو سلام عليكم كان جوابا بلا خلاف ، والألف واللام أفضل .
ولو وقع كلام أحدهما بعد الآخر ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي والمتولي : هو كوقوعهما معا فيجب على كل واحد جواب الآخر ، وأنكر الشاشي هذا وقال : هذا اللفظ يصح جوابا ، فإذا وقع متأخرا كان جوابا ، ولا يجب الجواب بعده على واحد منهما ، وهذا الذي قاله الشاشي هو الصحيح ، قال الله تعالى - : { قالوا سلاما قال سلام } .
قال المتولي لا يكون ذلك سلاما فلا يستحق جوابا ; لأنه لا يصلح للابتداء .
( الثامنة ) : لو سلم عليه جماعة متفرقين فقال : وعليكم السلام وقصد الرد على جميعهم أجزأه وسقط عنه فرض الجميع ، كما لو صلى على جنائز صلاة واحدة ، ذكره المتولي والرافعي .
[ ص: 464 ] التاسعة ) : قال المتولي وغيره : يكره أن يخص طائفة من الجمع بالسلام إذا أمكن السلام على جميعهم ; لأن مقصود السلام المؤانسة ، وفي تخصيص البعض إيحاش ، وربما أورث عداوة .
( العاشرة ) : قال الماوردي في الحاوي : إذا مشى في السوق والشوارع المطروقة كثيرا ونحو ذلك مما يكثر فيه المتلاقون ، فإن السلام هنا يختص ببعض الناس ; لأنه لو سلم على كل من لقيه اشتغل عن كل منهم وخرج عن العرف ، قال : وإنما يقصد بهذا السلام جلب مودة أو دفع مكروه .
( الحادية عشرة ) : إذا دخل على جماعة قليلة يعمهم سلام واحد اقتصر على سلام واحد على جميعهم ، وما زاد من تخصيص بعضهم فهو أدب ، ويكفي أن يرد منهم واحد ، فمن زاد فهو أدب قال : فإن كانوا جمعا لا ينتشر فيهم السلام الواحد كالجامع والمجالس الواسعة الحفلة فسنة السلام أن يبدأ به الداخل أول دخوله إذا وصل القوم ، ويكون مؤديا سنة السلام في حق كل من سمعه ، ويدخل في فرض كفاية الرد كل من سمعه ، فإن أراد الجلوس فيهم سقط عنه سنة السلام على الباقين الذين لم يسمعوه وإن أراد أن يتجاوزهم ويجلس فيمن لم يسمعوا سلامه المتقدم فوجهان ( أحدهما ) : أن سنة السلام حصلت بسلامه على أولهم ; لأنهم جمع واحد ، فعلى هذا إن أعاد السلام عليهم كان أدبا .
قال : وعلى هذا يسقط متى رد عليه واحد من أهل المسجد ، وإن لم يسمعه ، سقط الحرج عن جميع من فيه ( والثاني ) : أنها باقية لم تحصل ; لأنهم لم يسمعوه ، فعلى هذا لا يسقط فرض الرد عن الأولين برد واحد ممن لم يسمع ، ولعل هذا الثاني أصح .
( الثانية عشرة ) إذا سلم على إنسان ثم فارقه ثم لقيه على قرب أو حال بينهما شيء ثم اجتمعا ، فالسنة أن يسلم عليه ، وهكذا لو تكرر ذلك ثالثا [ ص: 465 ] ورابعا وأكثر سلم عند كل لقاء وإن قرب الزمان .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس قال { كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتماشون فإذا استقبلتهم شجرة أو أكمة فتفرقوا يمينا وشمالا ثم التقوا من ورائها سلم بعضهم على بعض } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12769ابن السني .
( الثالثة عشرة ) : السنة أن يبدأ بالسلام قبل كل كلام ، والأحاديث الصحيحة المشهورة وعمل الأمة على وفق هذا من المشهورات ، فهذا هو المعتمد في المسألة ( وأما ) حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=14376السلام قبل الكلام } فضعيف رواه الترمذي وقال : هو حديث منكر .
( السادسة عشرة ) : حكى الرافعي في السلام بالعجمية ثلاثة أوجه ( أحدها ) : لا يجزئ ( والثاني ) : يجزئ ( والثالث ) : إن قدر على العربية لم يجزئه وإلا فيجزئه ، والصحيح بل الصواب صحة سلامه بالعجمية ، ووجوب الرد عليه إذا فهمه المخاطب سواء عرف العربية أم لا ; لأنه يسمى تحية وسلاما ، وأما من لا يستقيم نطقه بالسلام فيسلم كيف أمكنه بالاتفاق ; لأنه ضرورة .
( وأما قول ) nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي حسين والمتولي : جرت عادة بعض الناس بالسلام عند مفارقة القوم ، وذلك دعاء مستحب ، جوابه : ولا يجب ; لأن التحية إنما تكون عند اللقاء لا عند الانصراف ( فظاهره ) : مخالف للحديث المذكور ، وقد قال الشاشي : هذا الذي قالاه فاسد ; لأن السلام سنة عند الانصراف كما هو سنة عند اللقاء .
وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12769ابن السني وغيره قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=14373السلام عليكم يا صبيان } وإذا سلم على صبي قال المتولي وأصحابنا : لا يلزمه الجواب ; لأنه ليس مكلفا ، ولكن يستحب له الجواب ، ولو سلم على جماعة فيهم صبي فرد الصبي ولم يرد أحد من البالغين قال nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي حسين والمتولي والرافعي وغيرهم : لا يسقط الفرض عنهم بجوابه ; لأن الجواب فرض [ ص: 467 ] والصبي ليس من أهل الفرض ، وقال الشاشي : يسقط به كما يصح أذانه للرجل ، ويحصل به أداء الشعائر ، وهذا الخلاف شبيه بالخلاف في سقوط الفرض بصلاته على الميت ، لكن الأصح المنصوص سقوطه في صلاة الميت ، والأصح هنا خلافه ، ولو سلم صبي على بالغ قال nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي والمتولي والرافعي في وجوب الرد عليه وجهان بناء على صحة إسلامه ( والصحيح ) : وجوب الرد لعموم قول الله - تعالى - : { وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها } قال الشاشي : هذا البناء المذكور فاسد ، وهو كما قال .
( التاسعة عشرة ) : سلام النساء على النساء كسلام الرجال على الرجال في كل ما سبق ; قال أصحابنا : ولو سلم رجل على امرأة أو امرأة على رجل - فإن كان بينهما محرمية أو زوجية أو كانت أمته - كان سنة ، ووجب الرد ، وإلا فلا يجب إلا أن تكون عجوزا خارجة عن مظنة الفتنة .
قال المتولي : وإذا سلم على شابة أجنبية لم يجز لها الرد .
( العشرون ) في السلام على المبتدع والفاسق المجاهر بفسقه ، ومن ارتكب ذنبا عظيما ولم يتب منه ، وجهان حكاهما الرافعي ( أحدهما ) : مستحب ; لأنه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ( وأصحهما ) : لا يستحب ، بل يستحب أن لا يسلم عليه ، وهذا مذهب nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري صاحب الصحيح .
واحتج nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري للمسألة في [ ص: 468 ] صحيحه بحديث nindex.php?page=showalam&ids=331كعب بن مالك حين تخلف هو ورفيقان له عن غزوة تبوك ، قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=43062ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كلامنا قال وكنت آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه فأقول : هل حرك شفتيه برد السلام أم لا ؟ } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم قال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : وقال nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر " لا تسلموا على شربة الخمر " فقال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وغيره : ولا يرد السلام على أحد من هؤلاء ودليله حديث كعب فإن اضطر إلى السلام على الظلمة بأن دخل عليهم وخاف ترتب مفسدة في دين أو دنيا إن لم يسلم عليهم سلم عليهم ، وقال ابن العربي المالكي : ينوي حينئذ أن السلام اسم من أسماء الله - تعالى - ، ومعناه الله رقيب عليكم .
( الحادية والعشرون ) إذا سلم مجنون أو سكران هل يجب الرد عليهما ؟ فيه وجهان حكاهما الرافعي ( أصحهما ) : أنه لا يجب ; لأن عبارة المجنون ساقطة وكذا عبارة السكران في العبادات .
( الثانية والعشرون ) : لا يجوز السلام على الكفار ، هذا هو المذهب الصحيح وبه قطع الجمهور ، وحكى الماوردي في الحاوي فيه وجهين ( أحدهما ) : هذا ( والثاني ) : يجوز ابتداؤهم بالسلام لكن يقول : السلام عليك ، ولا يقول : عليكم ، وهذا شاذ ضعيف ، وإذا سلم الذمي على مسلم ، قال في الرد : وعليكم ولا يزيد على هذا ، هذا هو الصحيح ، وبه قطع الجمهور وحكى صاحب الحاوي وجها آخر أنه يقول : وعليكم السلام ولكن لا يقول : ورحمة الله ، وهذا شاذ ضعيف ، ودليل المذهب في المسألتين حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام ، فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه " رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=10131إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا : وعليكم } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=10130إذا سلم عليكم اليهود فإنما يقول أحدهم : السام عليك فقل : وعليك } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري .
( فرع ) لو سلم مسلم على من ظنه مسلما فبان كافرا ، قال المتولي وغيره : يستحب أن يسترد سلامه ، فيقول له : رد علي سلامي ، أو استرجعت [ ص: 469 ] سلامي ، والمقصود : إيحاشه وأنه لا مؤالفة بينهما ، قال : وروي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر واستحب في الموطأ عن nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك أنه لا يسترده ; واختاره ابن العربي المالكي .
( فرع ) إذا أراد تحية ذمي بغير السلام - قال المتولي والرافعي : له ذلك ، بأن يقول : هداك الله أو أنعم الله صباحك ، وهذا لا بأس به ، إن احتاج إلى تحيته لدفع شره أو نحوه .
فيقول : صبحك الله بالخير أو بالسعادة أو بالعافية أو بالمسرة ونحوه ، فإن لم يحتج فالاختيار ألا يقول شيئا ، فإن ذلك بسط وإيناس وإظهار مودة ، وقد أمرنا بالإغلاظ عليهم ، ونهينا عن ودهم .
( الثالثة والعشرون ) قال أصحابنا : إن سلم في حالة لا يشرع فيها السلام لم يستحق جوابا قالوا : فمن تلك الأحوال أنه يكره السلام على مشتغل ببول أو جماع ونحوهما ، ولا يستحق جوابا ، ويكره جوابه ، ومن ذلك من كان نائما أو ناعسا أو في حمام ، واتفقوا أنه لا يسلم على من في الحمام وغيره ممن هو مشتغل بما لا يؤثر السلام عليه في حاله ، وأما المشتغل بالأكل فقال nindex.php?page=showalam&ids=14048الشيخ أبو محمد والمتولي : لا يسلم عليه .
قال إمام الحرمين : هذا محمول على ما إذا كانت اللقمة في فيه ، وكان يمضي زمان في المضغ والابتلاع ويعسر الجواب في الحال قال : فأما إن سلم بعد الابتلاع وقبل وضع لقمة أخرى فلا يتوجه المنع ، أما المصلي قال الغزالي : لا يسلم عليه .
وقال المتولي [ ص: 470 ] والجمهور : لا منع من السلام عليه ، لكن لا يستحق جوابا لا في الحال ولا بعد الفراغ من الصلاة ; لا باللفظ ولا بالإشارة ، ويستحب أن يرد في الصلاة بالإشارة ، نص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في القديم ، ولم يخالفه في الجديد .
وحكى الرافعي وجها : أنه يجب الرد بالإشارة في الحال ، ووجها : أنه يجب الرد بعد الفراغ باللفظ ، والصحيح : أنه لا يجب الرد مطلقا فإن رد في الصلاة فقال : وعليكم السلام - بطلت إن علم تحريمه وإلا فلا في الأصح ، وإن قال : وعليه لم تبطل ، وقد سبقت المسألة في آخر باب ما يفسد الصلاة مبسوطة .
وأما الملبي بالحج أو العمرة فيكره السلام عليه ، فإن سلم رد عليه لفظا نص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والأصحاب ، والسلام على المؤذن ومقيم الصلاة في معنى السلام على الملبي ، والسلام في حال الخطبة سبق بيانه ، وأما المشتغل بقراءة فقال الواحدي : الأولى ترك السلام عليه ، قال : فإن سلم كفاه الرد بالإشارة ، وإن رد باللفظ استأنف الاستعاذة ، ثم قرأ ، وهذا الذي قاله ضعيف ، والمختار : أنه يسلم عليه ، ويجب الرد باللفظ .
ولو رد السلام في حال الأذان والإقامة والأكل لم يكره ، وفي الجماع والبول كره .
( فإن قيل ) : هذا سبب لإدخال الإثم على الممرور به ( قلنا ) : هذا خيال باطل فإن الوظائف الشرعية لا تترك بهذا الخيال ، والتقصير هنا هو من الممرور عليهم .
ويختار لمن سلم ، ولم يرد عليه أن يبرئ المسلم عليه من الجواب ، والأحسن أن يقول له إن أمكن لك رد السلام ، فإنه واجب عليك .
[ ص: 471 ] السادسة والعشرون ) : قال المتولي وغيره : التحية بالطلبقة ، وهي : أطال الله بقاءك باطلة لا أصل لها ، وقد نص جماعة من السلف على كراهة أطال الله بقاءك ، وقال بعضهم : هي تحية الزنادقة .
( السابعة والعشرون ) قال المتولي وغيره : وأما التحية عند خروجه من الحمام بقوله : طاب حمامك ونحوه فلا أصل لها ، وهو كما قالوا ، فلم يصح فيه شيء ، لكن لو قال لصاحبه حفظا لوده : أدام الله لك النعيم ونحوه من الدعاء .
فلا بأس إن شاء الله - تعالى - قال المتولي : وروي أن nindex.php?page=showalam&ids=8عليا قال لرجل خرج من الحمام " طهرت فلا نجست " .
( الثامنة والعشرون ) : إذا ابتدأ المار فقال : صبحك الله بخير ، أو بالسعادة ، أو قواك الله ، أو حياك الله ; أو لا أوحش الله منك ، ونحوها من ألفاظ أهل العرف لم يستحق جوابا ، لكن لو دعا له قبالة دعائه كان حسنا إلا أن يريد تأديبه أو تأديب غيره لتخلفه وإهماله السلام فيسكت .
فهذا الذي ذكرناه من تقديم السلام على الاستئذان هو الصحيح الذي جاءت به الأحاديث ، وذكر صاحب الحاوي ثلاثة أوجه .
( أحدها ) : هذا ( والثاني ) تقديم الاستئذان على السلام ( والثالث ) : ، وهو اختياره إن وقعت عين المستأذن على صاحب المنزل قبل دخوله قدم السلام ، وإن لم تقع عليه عينه قدم الاستئذان ، وإذا استأذن ثلاثا ، ولم يؤذن له فظن أنه لم يسمع فلم أر لأصحابنا فيه كلاما .
وحكى ابن العربي المالكي فيه ثلاثة مذاهب ( أحدها ) : يعيد الاستئذان ( والثاني ) : لا يعيده ( والثالث ) : إن كان بلفظ الاستئذان الأول لم يعده ، وإن كان بغيره أعاده .
قال : والأصح : أنه لا يعيده بحال ، وهذا ظاهر الحديث ، لكن إذا تأكد ظنه أنهم لم يسمعوه لبعد المكان أو لغيره .
ولا بأس أن يصف نفسه بما يعرف به ، إذا لم يعرفه المخاطب بغيره وإن تضمن ذلك صورة تبجيل له بأن يكني نفسه أو يقول : أنا القاضي فلان ، أو المفتي أو الشيخ أو الأمير ونحوه للحاجة ، وقد ثبت في هذا أحاديث كثيرة .
[ ص: 474 ] قال العلماء : معناه أن سبب العطاس محمود ، وهو خفة البدن التي تكون لقلة الأخلاط ، وتخفيف الغذاء ; وهو مندوب إليه ; لأنه يضعف الشهوة ويسهل الطاعة ، والتثاؤب ضده
واتفق العلماء على أنه مستحب للعاطس أن يقول عقب عطاسه : الحمد لله ، فإن قال : الحمد لله رب العالمين فهو أحسن ; فلو قال الحمد لله على كل حال كان أفضل ; ويستحب لكل من سمعه أن يقول له يرحمك الله ; أو رحمك الله أو رحمك ربك ; أو يرحمكم الله وأفضله رحمك الله ; ويستحب للعاطس أن يقول له بعد ذلك : يهديكم الله ويصلح بالكم ; وكل هذا سنة ليس فيه شيء واجب
قال أصحابنا : والتشميت ، وهو قوله : يرحمك الله سنة على الكفاية ، إذا قالها بعض الحاضرين أجزأ عن الباقين ; وإن تركوها كلهم كانوا سواء في ترك السنة ، وإن قالوها كلهم كانوا سواء في القيام بها ; ونيل فضلها ، كما [ ص: 475 ] سبق في ابتداء الجماعة بالسلام وردهم ، هذا الذي ذكرناه من كونه سنة هو مذهبنا ، وبه قال الجمهور ; وقال بعض أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك هو واجب
قال أصحابنا : وإنما يسن التشميت إذا قال العاطس : الحمد لله فإن لم يحمد الله كره تشميته للحديث السابق ; وإذا شمت فالسنة أن يقول له العاطس : يهديكم الله ويصلح بالكم أو يغفر الله لنا ولكم
والأفضل الأول ; ولا يلزمه ذلك
وأقل الحمد والتشميت وجوابه أن يرفع صوته بحيث يسمع صاحبه ، ولو قال العاطس لفظا غير الحمد لله لم يستحق التشميت لظاهر الأحاديث السابقة
ولو عطس في صلاته استحب أن يقول : الحمد لله ويسمع نفسه ; ولأصحاب nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك ثلاثة أقوال ( أحدها ) : هذا ، واختاره ابن العربي ( والثاني ) : يحمد في نفسه ( والثالث ) : لا يحمد ، قاله nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون
وأما تقبيل يده لغناه ودنياه وشوكته ووجاهته عند أهل الدنيا بالدنيا ونحو ذلك فمكروه شديد الكراهة
وقال المتولي : لا يجوز فأشار إلى تحريمه
وتقبيل رأسه ورجله كيده
وأما تقبيل خد ولده الصغير وولد قريبه وصديقه وغيره من صغار الأطفال الذكر والأنثى على سبيل الشفقة والرحمة واللطف فسنة ، وأما التقبيل بالشهوة فحرام سواء كان في ولده أو في غيره ، بل النظر بالشهوة حرام على الأجنبي والقريب بالاتفاق
ولا يستثنى من تحريم القبلة بشهوة والنظر بشهوة إلا زوجته وجاريته
وأما تقبيل الرجل الميت والقادم من سفره ونحوه فسنة ، وكذا معانقة القادم من سفر ونحوه ، وأما المعانقة وتقبيل وجه غير القادم من سفر ونحوه غير الطفل فمكروهان
صرح بكراهتهما البغوي وغيره وهذا الذي ذكرنا في التقبيل والمعانقة أنه يستحب عند القدوم من سفر ونحوه ومكروه في غيره هو في غير الأمرد الحسن الوجه
فأما الأمرد الحسن فيحرم بكل حال تقبيله سواء قدم من سفر أم لا
والظاهر أن معانقته قريبة من تقبيله
وسواء كان المقبل والمقبل صالحين أو غيرهما
ويستثنى من هذا تقبيل الوالد والوالدة ونحوهما من المحارم على سبيل الشفقة ، ودليل ما ذكرته من هذه المسائل أحاديث كثيرة
( السادس ) عن nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب قال : ( دخلت مع nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر يعني الصديق رضي الله عنه أول ما قدم المدينة ، فإذا nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ابنته رضي الله عنها مضطجعة قد أصابتها حمى فأتاها أبو بكر فقال : كيف أنت يا بنية ؟ وقبل خدها ) رواه أبو داود
( العاشر ) : حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس السابق في المسألة الأولى ( الرجل يلقى أخاه أو صديقه أينحني له ؟ قال : لا إلخ ) وعن إياس بن دغفل قال ( رأيت أبا مدرة قبل خد الحسن بن علي رضي الله عنهما ) رواه أبو داود بإسناد صحيح ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ( أنه كان يقبل ابنه سالما ويقول : اعجبوا من شيخ يقبل شيخا ) وهذه الأحاديث منزلة على التفصيل السابق
( السابعة ) : يستحب إجابة من ناداك بلبيك ; وأن يقول للوارد عليه : مرحبا أو نحوه وأن يقول لمن أحسن إليه أو فعل خيرا : حفظك الله أو زادك الله خيرا ونحوه ; ولا بأس بقوله لرجل جليل في علم أو صلاح ونحوه : جعلني الله فداك ، ودلائل هذا كله في الحديث الصحيح مشهورة
باب الأذكار المستحبة في الليل والنهار وعند الأحوال العارضة هذا الباب واسع جدا وقد جمعت فيه مجلدا مشتملا على نفائس لا يستغنى عن مثلها ( فمنها ) : ماله ذكر في كتب الفقه ; وقد ذكره المصنف في [ ص: 480 ] مواطنه
وضممت إليه ما يتعلق به ، وذلك كأذكار الوضوء والصلاة والأذان والإقامة والجمعة والعيد والكسوف والاستسقاء والجنائز والزكاة والمناسك والنكاح وغيرها
( ومنها ) : ما لا يذكر غالبا في كتب الفقه فأذكر منه إن شاء الله - تعالى - جملة مختصرة بحذف الأدلة
وهي مقررة بأدلتها من الأحاديث الصحيحة في كتاب الأذكار : فمن ذلك يستحب الإكثار من الذكر في كل وقت
وحضور مجالس الذكر ويكون الذكر بالقلب وباللسان وبهما وهو الأفضل ثم القلب
قال nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير وغيره : كل عامل بطاعة ذاكر
وسبق في باب الغسل إجماع العلماء على جواز الذكر غير القرآن للجنب والحائض وغيرهما
ويندب كون الذاكر على أكمل الصفات متخشعا متطهرا مستقبل القبلة ، خاليا نظيف الفم ، ويحرص على حضور قلبه وتدبر الذكر ولهذا كان المذهب الصحيح المختار : أن مد الذاكر قوله : لا إله إلا الله أفضل من حذفه ; لما في المد من التدبر ، ومن كان له وظيفة من الذكر ففاتته ندب له تداركها ، وإذا سلم عليه رد السلام ثم عاد إلى الذكر ، وكذا لو عطس عنده إنسان فليشمته أو سمع مؤذنا فليجبه أو رأى منكرا فليزله أو مسترشدا فلينصحه ثم يرجع إلى الذكر ، وكذا يقطعه إذا غلبه نعاس ونحوه ، ويندب عد التسبيح بالأصابع
وأن يقول إذا لبس ثوبا : اللهم إني أسألك خيره وخير ما هو له ، وأعوذ بك من شره وشر ما هو له ، الحمد لله الذي كساني هذا ورزقنيه من غير حول مني ، ولا قوة
وإذا لبس جديدا قال : اللهم أنت كسوتنيه ، أسألك خيره وخير ما صنع له ، وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له ، وأن يقال للابس الجديد : ابل وأخلق وأيضا : البس جديدا وعش حميدا ومت شهيدا
وإذا خرج من بيته قال : بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل أو أذل أو أذل أو أظلم أو أظلم أو أجهل أو يجهل علي
وإذا دخل بيته قال : باسم الله ، وسلم كما سبق في السلام وقال : اللهم إني أسألك خير المولج وخير المخرج ، بسم الله ربنا ولجنا وباسم الله خرجنا ، وعلى الله توكلنا
وإذا استيقظ في الليل وخرج من بيته نظر إلى السماء وقرأ آخر آل عمران { إن في خلق السموات والأرض } الآيات
ويقول عند الصباح والمساء : اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ، أبوء لك بنعمتك وأبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ، أعوذ بك من شر ما صنعت ، وأيضا سبحان الله وبحمده مائة مرة ، وأيضا قل هو الله أحد ، والمعوذتين ، ثلاث مرات
[ ص: 482 ] وأيضا : اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا ، وبك نحيا وبك نموت ، وإليك النشور
وأيضا : باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء ، وهو السميع البصير
ثلاث مرات
وأيضا : اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة رب كل شيء ومليكه ، أشهد أن لا إله إلا أنت أعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطان وشركه ، روي - بكسر الشين مع إسكان الراء - وروي بفتحهما ، وأيضا عند المساء : أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ثلاث مرات
وأيضا رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا رسولا
وفي الصباح والمساء أحاديث كثيرة غير هذه
ويندب قبل صلاة الصبح يوم الجمعة : ( أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ) ثلاث مرات .
ويندب كثرة الذكر بالعشي ، وهو ما بين زوال الشمس وغروبها وأن يقول بعد صلاة الوتر : سبحان المالك القدوس ثلاث مرات
وأيضا : ( اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك )
وأن يقول عند الاضطجاع للنوم : باسمك اللهم أحيا وأموت وأن يكبر ثلاثا وثلاثين تكبيرة
ويسبح أربعا وثلاثين ، ويحمد ثلاثا وثلاثين
وأيضا : باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه ، إن أمسكت نفسي فارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به الصالحين
وأن ينفث في كفيه ويقرأ : قل هو الله أحد والمعوذين ، ويمسح بهما رأسه ووجهه
وما استطاع من جسده ، وأن يقرأ آية الكرسي والآيتين آخر سورة البقرة : آمن الرسول إلى آخرها ، وأيضا : اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك
وأيضا : اللهم رب السموات ورب الأرض ورب العرش العظيم ، ورب كل شيء ، فالق الحب والنوى منزل التوراة والإنجيل والقرآن ، أعوذ بك من ذي شر ، أنت آخذ بناصيته ، أنت الأول فليس قبلك شيء ، وأنت الآخر فليس بعدك شيء ، وأنت الظاهر فليس قبلك شيء ، وأنت الباطن فليس دونك شيء اقض عنا الدين واغننا من الفقر
وأيضا : اللهم إني أسألك العافية ، أستغفر الله الذي لا إله إلا [ ص: 483 ] هو الحي القيوم وأتوب إليه
وأيضا : الحمد لله الذي أطعمنا وأسقانا وكسانا وآوانا فكم ممن لا كافي له ولا مؤوي ، وليكن من آخره : اللهم أسلمت نفسي إليك ، وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك ، رهبة ورغبة إليك ، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك ، آمنت بكتابك الذي أنزلت ، ونبيك الذي أرسلت
ويكره أن يضطجع بلا ذكر
وإذا استيقظ من الليل فليقل : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيي ويميت ، وهو على كل شيء قدير ، والحمد لله وسبحان الله ، والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله ، ثم يدعو
وإذا فزع في منامه أو غيره قال : أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وشر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون
وإذا رأى في منامه ما يحب فليحمد الله ويحدث بها من يحب ولا يحدث من لا يحب
وإذا رأى ما يكره فليستعذ بالله من شرها ومن الشيطان ثلاث مرات وليتفل على يساره ثلاثا ، ويتحول عن جنبه إلى الآخر ولا يحدث بها أحدا فإنها لا تضره
وإذا قصت عليه رؤيا قال : خيرا رأيت وخيرا يكون ، وليكثر من الذكر والدعاء والاستغفار في النصف الثاني من الليل والثلث الأخير آكد والاستغفار بالأسحار آكد
( فصل ) يسن عند الكرب والأمور المهمة دعاء الكرب لا إله إلا الله العظيم الحليم ، لا إله إلا الله رب العرش العظيم ، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض رب العرش الكريم
وأيضا : يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث وأيضا : اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت
ويندب في كل موطن : اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ، وأيضا آية الكرسي وآخر البقرة
وإذا خاف سلطانا أو غيره قال : اللهم إني أعوذ بك من شرورهم وأجعلك في نحورهم
وإذا عرض له شيطان فليستعذ بالله منه وليقرأ ما تيسر من القرآن ، وإذا أصابه شيء فليقل : قدر الله وما شاء الله فعل ، وليقل لدفع الآفات : ما شاء الله لا قوة إلا بالله
وعند المصيبة : إنا لله وإنا إليه راجعون ، وعند النعمة : [ ص: 484 ] نحمد الله ونشكره
وإذا كان عليه دين فليقل : اللهم اكفني بحلالك عن حرامك وأغنني بفضلك عمن سواك
وإذا بلي بالوحشة فليقل : أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعقابه وشر عباده ومن همزات الشياطين ، وأن يحضرون وإذا بلي بالوسوسة فليستعذ بالله من الشيطان ولينته عن الاستمرار فيها ، وإن كان توسوسه في الإحرام بالصلاة تعوذ بالله منه ، وتفل عن يساره ثلاثا ويقول : لا إله إلا الله ويكررها
ويقرأ على المعتوه والملدوغ ونحوهما فاتحة الكتاب وإذا أراد تعويذ صبي ونحوه قال : أعيذك بكلمات الله التامات من كل شيطان وهامة ، ومن كل عين لامة
( فصل ) ويستحب الدعاء للمريض ، وسنذكر جملة من الأدعية المسنونة في كتاب الجنائز حيث ذكرها المصنف إن شاء الله - تعالى -
ويستحب السؤال عن المريض وأن يطيب نفس المريض وينشطه ، وأن يثني عليه بما يحسن ظنه بربه سبحانه وتعالى ، وأن يطلب الدعاء من المريض ، وسيأتي باقي أدبه في الجنائز وأذكارها وما يتعلق بها في كتابها ، وما يتعلق بالزكاة والصوم والحج والنكاح في أبوابها ; وما يتعلق بالأسماء والكنى والألقاب ونحوها في باب العقيقة حيث ذكره المصنف ، وما يتعلق بالأكل والشرب في باب الوليمة ، وما يتعلق بالجهاد والسفر ونحوهما في كتاب السير ، حيث ذكر المصنف أصولها إن شاء الله - تعالى
( فصل في المدح في الوجه ) جاءت أحاديث بالنهي عنه وأحاديث كثيرة في الصحيحين بإباحته
قال العلماء : طريق الجمع بينها أنه إن كان عند الممدوح كمال إيمان وحسن يقين ومعرفة تامة ورياضة نفس بحيث لا يغتر بذلك ولا تلعب به نفسه فلا كراهة فيه ، وإن خيف شيء من هذه الأمور كره مدحه كراهة شديدة
وأما ذكر الإنسان محاسن نفسه فإن كان للارتفاع والافتخار والتمييز على الأقران فمذموم ، وإن كان فيه مصلحة دينية بأن يكون آمرا بالمعروف أو ناهيا عن المنكر أو ناصحا أو مشيرا بمصلحة أو معلما أو مؤدبا أو مصلحا بين اثنين أو دافعا عن نفسه ضررا ونحو ذلك فذكر محاسنه ، ناويا بذلك أن [ ص: 485 ] يكون هذا أقرب إلى قبول قوله واعتماد ما يقوله ، وأني لكم ناصح ، وأن هذا الكلام لا تجدونه عند غيري ، فاحتفظوا به ونحو ذلك ، فليس هذا مكروها بل هو محبوب ، وقد جاءت فيه أحاديث كثيرة صحيحة أوضحتها في كتاب الأذكار
( فصل ) يستحب إذا سمع صياح الديك أن يدعو ، وإذا سمع نهيق الحمار ونباح الكلب أن يستعيذ بالله من الشيطان ، وإذا رأى الحريق أن يكبر ، وإذا أراد القيام من المجلس أن يقول قبل قيامه : سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك وأن يدعو لنفسه وجلسائه ، ويكره مفارقة المجلس من غير ذكر الله - تعالى -
وإذا غضب استعاذ من الشيطان وتوضأ
وإذا أحب رجلا لله أعلمه بذلك وسأله عن اسمه ونسبه وليقل المحبوب : أحبك الذي أحببتني له ، وأن يقول إذا دخل السوق : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيي ويميت ، وهو حي لا يموت بيده الخير ، وهو على كل شيء قدير ، ويقرأ آية الكرسي عند الحجامة ، وإذا طنت أذنه صلى على النبي صلى الله عليه وسلم وقال : ذكر الله بخير من ذكرني ، وإذا خدرت رجله ذكر من يحبه ، وله الدعاء على من ظلمه ، والصبر أفضل ، ويتبرأ من المبتدعة ونحوهم
وأن يدعو لمن صنع إليه من الناس معروفا ، وأن يقول : جزاك الله خيرا وإذا رأى الباكورة من الثمر قال : اللهم بارك لنا في ثمرنا ، وبارك لنا في مدينتنا ، وبارك لنا في مكيالنا
ويسن التعاون على البر والتقوى والدلالة على الخير
وإذا سئل علما ليس عنده ويعلمه عند غيره فليدلله عليه ، وإذا دعي لحكم الله تعالى فليقل : سمعنا وأطعنا
وإذا قيل له : اتق الله ونحوه من الألفاظ فليقل : سمعنا وأطعنا وليعرض عن الجاهلين ما لم يكن في الإعراض مفسدة
ويستحب الوفاء بالوعد والمسارعة به ، وإذا رأى شيئا فأعجبه وأصابه بالعين فليبرك عليه ، وهو الدعاء له بالبركة ، وإذا رأى شيئا يكرهه فليقل : [ ص: 486 ] اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت ، ولا يذهب بالسيئات إلا أنت ; ولا حول ولا قوة إلا بالله
ويستحب طيب الكلام وبيانه وإيضاحه للمخاطب ، وخفض الجناح للمؤمنين ، ولا بأس بالمزاح بحق ولكن لا يكثر منه ، فأما الإفراط فيه أو الإكثار منه فمذمومان
فصل في جملة من الأدعية الثابتة في الأحاديث الصحيحة مختصرة اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ; اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى ، اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني
اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك ، اللهم أعوذ بك من جهد البلاء ودرك الشقاء ، وسوء القضاء ، وشماتة الأعداء ; اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والهرم والبخل ; وأعوذ بك من عذاب القبر ; وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات ; وضلع الدين وغلبة الرجال ; اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا كبيرا ; وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك ; وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم ، اللهم اغفر لي خطيئتي وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني ، اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطئي وعمدي ، وكل ذلك عندي ، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت ; وما أسررت ; وما أنت أعلم به مني ; أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير ; اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت وشر ما لم أعمل ; اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك ; اللهم آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها ; أنت وليها ومولاها اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ; ومن قلب لا يخشع ; ومن نفس لا تشبع ; ومن دعوة لا يستجاب لها
اللهم إني أسألك الهدى والسداد ، اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري ; وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي ; وأصلح آخرتي التي فيها معادي ; واجعل الحياة زيادة لي في كل خير ، والموت راحة لي من كل [ ص: 487 ] شر ، اللهم إني أعوذ بك من شر الغنى والفقر ، اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء ، وسيء الأسقام ، ومن شر سمعي وبصري ، ومن شر لساني ومن شر قلبي ، ومن الخيانة فإنها بئس البطانة ، اللهم اكفني بحلالك عن حرامك ، وأغنني بفضلك عمن سواك ، يا مثبت القلوب ثبت قلبي على دينك ، اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة ، اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك ، والسلامة من كل إثم ، والغنيمة من كل بر ، والفوز بالجنة والنجاة من النار
وهذا الباب واسع وفيما أشرت إليه كفاية
ومن آداب الدعاء كونه في الأوقات والأماكن والأحوال الشريفة واستقبال القبلة ورفع يديه ومسح وجهه بعد فراغه
وخفض الصوت بين الجهر والمخافتة ، وأن لا يكلف السجع ، ولا بأس بدعاء مسجوع كان يحفظه ، وكونه خاشعا متواضعا ، متضرعا متذللا راغبا راهبا ، وأن يكرره ثلاثا ولا يستعجل الإجابة
وأن يكون مطعمه وملبسه حلالا ، وأن يحمد الله - تعالى - ، ويصلي ويسلم على النبي صلى الله عليه وسلم في أوله وآخره ، ويستحب الدعاء بظهر الغيب للأهل والأصحاب وغيرهم