صفحة جزء
[ ص: 283 ] قال المصنف رحمه الله تعالى ( وهل يجوز بيعه ؟ فيه قولان قال في القديم : لا يجوز لأنه حرم التصرف فيه بالموت ثم رخص في الانتفاع به فبقي ما سوى الانتفاع على التحريم ، وقال في الجديد : يجوز لأنه منع من بيعه لنجاسته ، وقد زالت النجاسة فوجب أن يجوز البيع كالخمر إذا تخللت ) .


( الشرح ) : هذان القولان في صحة بيع جلد الميتة بعد الدباغ مشهوران ، والصحيح منهما عند الأصحاب هو الجديد وهو صحته ، وبه قال أبو حنيفة وجمهور العلماء ، وقول المصنف : " لأنه حرم التصرف فيه ثم رخص في الانتفاع " يعني الانتفاع بعينه لأنه المفهوم من إطلاق الانتفاع ، وأما الانتفاع بثمنه فليس انتفاعا به ولا يلزم من كونه طاهرا منتفعا به أن يجوز بيعه ، فإن أم الولد والوقف والطعام في دار الحرب بهذه الصفة ولا يجوز بيعها ، هذا هو الصواب في توجيه القديم . وأما ما يوجهه به كثير الخراسانيين من قولهم : إن منع بيعه إنما هو لكونه لا يطهر باطنه فضعيف كما قدمناه ، وأجاب الأصحاب عما احتج به للقديم من القياس على أم الولد والوقف وطعام دار الحرب بأن منع بيع أم الولد لاستحقاقها الحرية ، والوقف لا يملكه على الأصح وإن ملكه فيتعلق به حق البطن الثاني ، وطعام دار الحرب لا يملكه وإنما أبيح له أكل قدر الحاجة ، والمنع في مسألتنا للنجاسة وقد زالت فجاز البيع . فإذا جوزنا بيعه جاز رهنه وإجارته وإن لم نجوز بيعه ففي جواز إجارته وجهان كالكلب المعلم ذكره الماوردي والروياني ، وقال الروياني : وقيل يجوز إجارته قطعا وإنما القولان في بيعه ورهنه ، أما بيعه قبل الدباغ فباطل عندنا وعند جماهير العلماء وحكى العبدري عن أبي حنيفة جوازه

التالي السابق


الخدمات العلمية