صفحة جزء
قال المصنف رحمه الله تعالى ( ويستحب أن تحضر النساء غير ذوات الهيئات ، لما روت أم عطية قالت { : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج العواتق وذوات الخدور والحيض في العيد ، فأما الحيض فكن يعتزلن المصلى ويشهدن الخير ، ودعوة المسلمين } " وإذا أردن الحضور تنظفن بالماء ، ولا يتطيبن ، ولا يلبسن الشهرة من الثياب ; لقوله صلى الله عليه وسلم { لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ، وليخرجن [ ص: 13 ] تفلات } " أي غير متعطرات ، ولأنها إذا تطيبت ولبست الشهرة من الثياب دعا ذلك إلى الفساد )


( الشرح ) حديث أم عطية رواه البخاري ومسلم ، وأما حديث " { لا تمنعوا إماء الله مساجد الله } " فرواه البخاري ومسلم ، ذكره البخاري في كتاب صلاة الجمعة وأما الزيادة التي فيه " وليخرجن تفلات " فرواها أبو داود بإسناد حسن ولم يضعفه ، وقد قدمنا أن ما لم يضعفه فهو حسن عنده ، ورواية أبي داود " وليخرجن وهن تفلات " وقوله : تفلات بفتح التاء المثناة فوق وكسر الفاء ، والعواتق جمع عاتق وهي البنت التي بلغت ، وقال أبو زيد : هي البالغة ما لم تعنس ، وقيل : هي التي لم تتزوج قال ثعلب : سميت عاتقا لأنها عتقت من ضر أبويها واستخدامهما وامتهانها بالخروج في الأشغال وقال الأصمعي : هي فوق المعصر وقال ثابت : هي البكر التي لم تخرج إلى زوج ، وقال الخطابي : هي البنت عقب بلوغها قال صاحب المطالع : وقيل هي التي أشرفت على البلوغ وقوله : ذوات الخدور جمع خدر وهو الستر قوله : الشهرة من الثياب هو بضم الشين ( أما الأحكام ) فقال الشافعي والأصحاب رحمهم الله : يستحب للنساء غير ذوات الهيئات حضور صلاة العيد وأما ذوات الهيئات وهن اللواتي يشتهين لجمالهن فيكره حضورهن ، هذا هو المذهب والمنصوص ، وبه قطع الجمهور وحكى الرافعي وجها أنه لا يستحب لهن الخروج بحال ، والصواب الأول وإذا خرجن استحب خروجهن في ثياب بذلة ولا يلبسن ما يشهرهن ، ويستحب أن يتنظفن بالماء ، ويكره لهن التطيب لما ذكرناه في باب صلاة الجماعة هذا كله حكم العجائز اللواتي لا يشتهين ونحوهن فأما الشابة وذات الجمال ، ومن تشتهى فيكره لهن الحضور ، لما في ذلك من خوف الفتنة عليهن وبهن ( فإن قيل ) هذا مخالف حديث أم عطية المذكور ( قلنا ) ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت : " لو أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 14 ] ما أحدث النساء لمنعهن كما منعت نساء بني إسرائيل ، ولأن الفتن وأسباب الشر في هذه الأعصار كثيرة بخلاف العصر الأول والله أعلم قال الشافعي في الأم : أحب شهود النساء العجائز وغير ذوات الهيئات الصلاة والأعياد ، وأنا لشهودهن الأعياد أشد استحبابا مني لشهودهن غيرها من الصلوات المكتوبات

التالي السابق


الخدمات العلمية