صفحة جزء
قال المصنف رحمه الله تعالى ( والسنة أن يبكر إلى الصلاة ليأخذ موضعه كما قلنا في الجمعة ، والمستحب أن يمشي ولا يركب ، { لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما ركب في عيد ولا جنازة ، ولا بأس أن يركب في العود ; لأنه غير قاصد إلى قربة } )


( الشرح ) هذا الحديث ذكره الشافعي في الأم منقطعا مرسلا فقال : بلغنا أن الزهري قال : " { ما ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم في عيد ولا في جنازة } " رواه البيهقي عن الشافعي هكذا ، وروى ابن ماجه بإسناده من ثلاثة طرق عن ابن عمر وأبي رافع وسعد القرظ رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " { كان يخرج إلى العيد ماشيا ويرجع ماشيا } " وليس في رواية أبي رافع ( ويرجع ماشيا ) ولكن أسانيد الجميع ضعيفة بينة الضعف وعن الحارث الأعور عن علي رضي الله عنه قال : " { من السنة أن يخرج إلى العيد ماشيا } " رواه الترمذي ، وقال : حديث حسن وليس هو [ ص: 15 ] حسنا ، ولا يقبل قول الترمذي في هذا ، فإن مداره على الحارث الأعور ، واتفق العلماء على تضعيفه قال الشعبي وغيره : كان الحارث كذابا .

وقول المصنف : لأنه غير قاصد إلى قربة قد يعترض عليه فيقال : قد ثبت في صحيح مسلم " { أن رجلا كان منزله بعيدا عن المسجد وكان يمشي إليه قال : يا رسول الله إني أريد أن يكتب لي ممشاي إلى المسجد ورجوعي إذا رجعت إلى أهلي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قد جمع الله لك ذلك كله } " والجواب أن المصنف قال : لأنه غير قاصد إلى قربة ولم يقل : لأنه غير ماش في قربة ولا نفى ثوابه في الرجوع ، ورأيت من الناس من يسأل على هذا الحديث فيقول : قال : لم يركب في عيد ولا جنازة ، ولم يذكر الجمعة وهذه غفلة ظاهرة ; لأن الجمعة تصلى في المسجد ، وبيته صلى الله عليه وسلم بجنب المسجد فلا يتأتى الركوب إليها قال الشافعي والأصحاب : يستحب أن يبكر إلى صلاة العيد ويكون التبكير بعد الفجر ، ويأكل قبل الخروج تمرا كما سبق هذا في حق المأمومين ، فأما الإمام فيستحب له أن يتأخر في الخروج إلى الوقت الذي يصلى بهم فيه ; للأحاديث الصحيحة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " { كان إذا خرج يوم العيد فأول شيء يبدأ به الصلاة } " واتفق أصحابنا وغيرهم على هذا ، ونص عليه الشافعي في المختصر ، ودليله الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ولأنه أبلغ في مهابته قال أصحابنا وغيرهم : ويستحب أن يمشي جميع الطريق ولا يركب في شيء منها إلا أن يكون له عذر كمرض وضعف ونحوهما ، فلا بأس بالركوب ، ولا يعذر بسبب منصبه ورياسته ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمشي في العيد وهو أكمل الخلق [ ص: 16 ] وأرفعهم منصبا قال أصحابنا : ولا بأس أن يركب في الرجوع لما ذكره المصنف واتفق الأصحاب على هذا قالوا : وصورته إذا لم يتضرر الناس بمركوبه ، فإن تضرروا به لزحمة وغيرها كره ; لما فيه من الإضرار

التالي السابق


الخدمات العلمية