صفحة جزء
قال المصنف رحمه الله تعالى ( روى المزني رحمه الله أنه يجوز صلاة العيد للمنفرد والمسافر والعبد والمرأة وقال في الإملاء والقديم ، والصيد والذبائح : لا يصلى العيد حيث لا تصلى الجمعة فمن أصحابنا من قال : فيها قولان ( أحدهما ) لا يصلون " { ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان بمنى مسافرا يوم النحر فلم يصل } " ولأنها صلاة شرع لها الخطبة واجتماع الكافة فلم يفعلها المسافر كالجمعة ( والثاني ) يصلون وهو الصحيح ، ولأنها صلاة نفل فجاز لهم فعلها كصلاة الكسوف ، ومن أصحابنا من قال : يجوز لهم فعلها قولا واحدا وتأول ما قال في الإملاء والقديم على أنه أراد لا يصلي بالاجتماع والخطبة حيث لا تصلى الجمعة ; لأن في ذلك افتياتا على السلطان )


( الشرح ) حديث ترك النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العيد يوم النحر بمنى صحيح معروف ، وقوله : ( اجتماع الكافة ) ، هذا لحن عند أهل العربية فلا يقال : الكافة ولا كافة الناس ، فلا يستعمل بالألف واللام ولا مضافا ، وإنما يستعمل حالا فيقال اجتماع الناس كافة ; كما قال الله تعالى { ادخلوا في السلم كافة } { وقاتلوا المشركين كافة } { وما أرسلناك إلا كافة للناس } ولا تغترن بكثرة استعمالها لحنا في كتب الفقه والخطب النباتية والمقامات وغيرها ( وقوله ) ( الصيد والذبائح ) هو كتاب من كتب [ ص: 32 ] الأم ( وقوله ) ( صلاة تشرع لها الخطبة واجتماع الكافة فلم يفعلها المسافر ) فيه احتراز من المكتوبات ، ولكنه ينتقض بصلاة الكسوف ( وقوله ) في تعليل القول الآخر ( صلاة نفل ) احتراز من الجمعة ( وأما ) التأويل المذكور ( فمعناه ) أن الشافعي أراد أنه لا يجوز أن يصلي طائفة من الناس في مسجد من مساجد البلد بخطبة واجتماع ، ويتركوا الصلاة مع الإمام وحضور خطبته في الجامع بخلاف الصلوات الخمس ، حيث تفعل في كل مسجد ; لأن في العيد افتياتا بخلاف الخمس ( أما الأحكام ) فهل تشرع صلاة العيد للعبد والمسافر والمرأة والمنفرد في بيته أو في غيره ؟ فيه طريقان ( أصحهما وأشهرهما ) القطع بأنها تشرع لهم ، ودليله ما ذكره المصنف وأجابوا عن ترك النبي صلى الله عليه وسلم بمنى بأنه تركها لاشتغاله بالمناسك ، وتعليم الناس أحكامها ، وكان ذلك أهم من العيد ( والثاني ) فيه قولان ( أحدهما ) هذا ، وهو نصه في معظم كتبه الجديدة ( والثاني ) لا تشرع ، نص عليه في القديم والإملاء ، والصيد والذبائح من الجديد ، قال أصحابنا : فعلى القديم تشترط فيها شروط الجمعة من اعتبار الجمعة والعدد بصفات الكمال وغيرهما إلا أنه يجوز فعلها خارج البلد ، قال الرافعي : ومنهم من منعه ، وهذا غلط ظاهر منابذ للسنة مردود على قائله قال : ومنهم من جوزها بدون أربعين على هذا القول ، وإلا فإن خطبتها بعدها ، وأنه لو تركها صحت صلاته ، فإذا قلنا بالمذهب فصلاها المنفرد لم يخطب على المذهب الصحيح المشهور وبه قطع الجمهور ، وفيه وجه شاذ ضعيف حكاه الرافعي أنه يخطب وإن صلاها مسافرون خطب بهم إمامهم نص عليه في الأم واتفقوا عليه قال الشافعي في الأم : وإن ترك صلاة العيدين ، من فاتته ، أو تركها من لا تجب عليه الجمعة كرهت ذلك له قال : وكذلك الكسوف والله أعلم

التالي السابق


الخدمات العلمية