صفحة جزء
قال المصنف رحمه الله تعالى ( ويستحب لمن غسل ميتا أن يغتسل ، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " { من غسل ميتا فليغتسل } " ولا يجب ذلك ، وقال في البويطي : إن صح الحديث قلت : بوجوبه ، والأول أصح لأن الميت طاهر ، ومن غسل طاهرا لم يلزمه بغسله طهارة كالجنب ، وهل هو آكد أو غسل الجمعة ؟ فيه قولان : ، قال في القديم : غسل الجمعة آكد ; لأن الأخبار فيه أصح ، وقال في الجديد : الغسل من غسل الميت آكد ، وهو الأصح ; لأن غسل الجمعة غير واجب والغسل من غسل الميت متردد بين الوجوب وغيره ) .


( الشرح ) حديث أبي هريرة رضي الله عنه هذا رواه أبو داود وغيره ، وبسط البيهقي رحمه الله القول في ذكر طرقه ، وقال : الصحيح أنه موقوف على أبي هريرة ، قال : وقال الترمذي عن البخاري قال : إن أحمد بن حنبل وعلي بن المديني قالا : لا يصح في الباب شيء ، وكذا قال محمد بن يحيى [ ص: 144 ] الذهلي شيخ البخاري لا أعلم فيه حديثا ثابتا ، ورواه البيهقي أيضا من رواية حذيفة مرفوعا ، قال : وإسناده ساقط ، ( وأما ) حديث علي رضي الله عنه { أنه غسل أباه أبا طالب فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يغتسل } فرواه البيهقي من طرق ، وقال : هو حديث باطل وأسانيده كلها ضعيفة وبعضها منكر ، وفي حديث عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم { كان يغتسل من الجنابة ويوم الجمعة ومن الحجامة وغسل الميت } رواه أبو داود وغيره بإسناد ضعيف .

وهكذا الحديث في الوضوء من حمل الميت ضعيف .

وقد روى أبو داود والترمذي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم { من غسل ميتا فليغتسل ، ومن حمله فليتوضأ } قال الترمذي حديث حسن ، وقد ينكر عليه قوله : إنه حسن ، بل هو ضعيف قد بين البيهقي وغيره ضعفه ، قال البيهقي رحمه الله : الروايات المرفوعة في هذا عن أبي هريرة غير قوية بعضها لجهالة بعض رواتها وضعف بعضهم قال : والصحيح عن أبي هريرة من قوله موقوفا غير مرفوع وضعف المرفوع به أيضا مع من قدمنا أيضا الشافعي رحمه الله ، والله أعلم وقال المزني : هذا الغسل ليس بمشروع ، وكذا الوضوء من مس الميت وحمله ; لأنه لم يصح فيهما شيء ، قال في المختصر : وقد أجمعوا على أن من مس حريرا أو ميتة ليس عليه وضوء ولا غسل فالمؤمن أولى ، هذا كلام المزني ، وهو قوي والله أعلم . قال أصحابنا : في الغسل من غسل الميت طريقان : ( المذهب ) : الصحيح الذي اختاره المصنف والجمهور أنه سنة سواء صح فيه حديث أم لا ، فلو صح حديث حمل على الاستحباب ( والثاني ) : فيه قولان : الجديد أنه سنة ، والقديم أنه واجب إن صح الحديث وإلا فسنة . قال الخطابي رحمه الله : لا أعلم أحدا أوجب الغسل من غسل الميت ، قال : ويشبه أن يكون الحديث . للاستحباب ، قال ابن المنذر في الإشراف رحمه الله : قال ابن عمر [ ص: 145 ] وابن عباس والحسن البصري والنخعي والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي : لا غسل عليه ، وعن علي وأبي هريرة وابن المسيب وابن سيرين والزهري : يغتسل وعن النخعي وأحمد وإسحاق : يتوضأ ، قال ابن المنذر : لا شيء عليه ، ليس فيه حديث يثبت ، قال أصحابنا رحمهم الله : وغسل الجمعة والغسل من غسل الميت آكد من غيرهما من الأغسال المسنونة . وأيهما آكد ؟ فيه القولان اللذان ذكرهما المصنف ( أصحهما ) : عنده أن الغسل من غسل الميت آكد ( الثاني ) : وهو المختار أن غسل الجمعة آكد . وقد سبق بيان هذا في باب صفة غسل الجنابة . وسبق بيان فائدة هذا الخلاف والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية