صفحة جزء
قال المصنف رحمه الله تعالى : ( وأقل ما يجزئ ما يستر العورة كالحي ، ومن أصحابنا من قال : أقله ثوب يعم البدن ; لأن ما دونه لا يسمى كفنا ، والأول أصح ) .


( الشرح ) هذان الوجهان مشهوران ، واختلفوا في أصحهما ، وصحح المصنف هنا والمحاملي في المجموع وصاحبا المستظهري والبيان وآخرون من العراقيين الاكتفاء بساتر العورة ، وقطع به كثيرون من العراقيين أو أكثرهم ، ممن قطع به منهم الماوردي ، في الحاوي والقاضي أبو الطيب في كتابيه التعليق والمجرد ، وسليم الرازي في الكفاية ، والمحاملي في التجريد ، وصاحب الشامل ، وقطع به الخراسانيون المتولي وغيرهم ، وهو ظاهر نص الشافعي في الأم ، فإنه قال رحمه الله : ( وما كفن فيه الميت أجزأه ، وإنما قلنا ذلك ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم " كفن يوم أحد بعض القتلى بنمرة " فدل ذلك على أنه ليس فيه حد لا يقصر عنه ، وعلى أنه يجزئ ما وارى العورة ) هذا لفظ نصه . وقطع جمهور الخراسانيين بأنه يجب ساتر جميع البدن ، ممن قطع به منهم إمام الحرمين والغزالي والبغوي والسرخسي وغيرهم وصححه منهم القاضي حسين وغيره . [ ص: 151 ] وحكى البندنيجي في المسألة ثلاثة أوجه ، هذان الوجهان ، والثالث : يجب ثلاثة أثواب ، ، وهذا شاذ مردود ، والأصح ما قدمناه عن الأكثرين ، وعن ظاهر نصه وهو ساتر العورة ، لحديث مصعب بن عمير الذي أشار إليه الشافعي في استدلاله وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم " { كفنه يوم أحد بنمرة غطى بها رأسه ، وبدت رجلاه فأمرهم أن يجعلوا على رجليه الإذخر } " رواه البخاري ومسلم ، فإن قيل : لعله لم يكن له سوى النمرة ( فالجواب ) من وجهين : ( أحدهما ) : أنه يبعد ممن خرج للقتال أن لا يكون معه غيرها من سلاح وغيره ، مما يشترى به كفن ( والثاني ) : لو ثبت أنه لم يكن له غيرها والساتر غيرها لوجب تتميمه من بيت المال ، فإن فقد فعلى المسلمين والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية