صفحة جزء
[ ص: 160 ] قال المصنف رحمه الله تعالى : ( ثم يلف في الكفن ويجعل ما يلي الرأس أكثر كالحي ما على رأسه أكثر . قال الشافعي رحمه الله ويثني صنفة الثوب الذي يلي الميت فيبدأ بالأيسر على الأيمن وبالأيمن على الأيسر وقال في موضع : يبدأ بالأيمن على الأيسر ثم الأيسر على الأيمن ، فمن أصحابنا من جعلها قولين .

( أحدهما ) : يبدأ بالأيسر على الأيمن ( والثاني ) : يبدأ بالأيمن على الأيسر ومنهم من قال : هي على قول واحد أنه تثنى صنفة الثوب الأيسر على جانبه الأيمن ، وصنفة الثوب الأيمن على جانبه الأيسر ، كما يفعل الحي بالساج ، يعني الطيلسان ، وهذا هو الأصح ; لأن في الطيلسان ما على الجانب الأيسر هو الظاهر ثم يفعل ذلك في بقية الأكفان ، وما يفضل من عند الرأس يثنى على وجهه وصدره ، فإن احتيج إلى شد الأكفان شدت ، ثم يحل عنه عند الدفن ، ; لأنه يكره أن يكون معه في القبر شيء معقود ، فإن لم يكن له إلا ثوب واحد قصير لا يعم البدن غطى رأسه وترك الرجل ، لما روي { أن مصعب بن عمير رضي الله عنه قتل يوم أحد ، ولم يكن له إلا نمرة ، فكان إذا غطي بها رأسه بدت رجلاه ، وإذا غطي بها رجلاه بدا رأسه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : غطوا بها رأسه واجعلوا على رجليه شيئا من الإذخر } ) .


( الشرح ) حديث مصعب رواه البخاري ومسلم من رواية خباب بن الأرت وقوله " تثني صنفة " هو بفتح أول تثني ، والصنفة بفتح الصاد المهملة وكسر النون وبعد النون ياء ، والمشهور في كتب اللغة صنفة بلا ياء . قال الأزهري : هي زاوية الثوب ، وكل ثوب مربع له أربع صنفات . قال وقيل صنفته طرفه . والساج - بسين مهملة وجيم مخففة - وجمعه سيجان . قال الأزهري : هو الطيلسان المقور نسج كذلك . والإذخر بكسر الهمزة والخاء حشيش معروف ، ومصعب بن عمير من فضلاء الصحابة والسابقين إلى الإسلام ، ويوم أحد كان يوم السبت لإحدى عشرة خلت من شوال سنة ثلاث من الهجرة . والنمرة بفتح النون وكسر الميم وهي ضرب من الأكسية وقيل : شملة مخططة من صوف ، وقيل : فيها أمثال الأهلة . ( أما الأحكام ) ففي الكيفية المستحبة في لف الأكفان الطريقان اللذان ذكرهما المصنف وهما مشهوران ( أصحهما ) : عند الأكثرين يبدأ فيثني الثوب الذي يلي بدن الميت من شقه الأيسر على شق الميت الأيمن ، ثم الأيمن على [ ص: 161 ] الأيسر كما يفعل الحي بالقباء ، ثم يلف الثوب الثاني والثالث كذلك .

( والطريق الثاني ) : على قولين ( أحدهما ) : هذا ( والثاني ) : يثني أولا الشق الأيمن ثم الأيسر . قال الشافعي في المختصر والمصنف والأصحاب رحمهم الله تعالى : وإذا لف الكفن عليه جمع الفاضل عند رأسه جمع العمامة ورده على وجهه وصدره إلى حيث ينتهي ، وما فضل عند رجليه يجعل على القدمين والساقين . قال أصحابنا : ويستحب أن يوضع الميت على الأكفان بحيث إذا لف عليه كان الفاضل عند رأسه أكثر لحديث مصعب رضي الله عنه وإن لم يكن إلا ثوب لا يعم كل البدن ستر وتركت الرجلان وجعل عليهما حشيش ونحوه لحديث مصعب . قال الشافعي في المختصر والأصحاب : فإن خيف انتشار الأكفان عند الحمل شدت بشداد يعقد عليها ، فإذا أدخلوه القبر حلوه ، هذا لفظ الشافعي والأصحاب . قال المصنف وجماعة : لأنه يكره أن يكون في القبر شيء معقود " .

التالي السابق


الخدمات العلمية