صفحة جزء
قال المصنف رحمه الله تعالى : ( ولا يكره للمسلم اتباع جنازة أقاربه من الكفار ، لما روي عن علي رضي الله عنه قال : { أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : إن عمك الضال قد مات ، فقال : اذهب فواره } ولا تتبع الجنازة بنار ولا نائحة ، لما روي عن عمرو بن العاص قال : " إذا أنا مت فلا تصحبني نار ولا نائحة " وعن أبي موسى رضي الله عنه : " أنه وصى : لا تتبعوني بصارخة ولا بمجمرة ، ولا تجعلوا بيني وبين الأرض شيئا " ) .


( الشرح ) حديث علي رضي الله عنه رواه أبو داود وغيره ، وإسناده ضعيف وحديث عمرو بن العاص رضي الله عنه رواه مسلم في صحيحه في جملة حديث طويل فيه فوائد كثيرة ذكره في كتاب الإيمان . وحديث أبي موسى رواه البيهقي ويقال : مت - بضم الميم وكسرها - لغتان فصيحتان .

( أما الأحكام ) ففيها مسألتان : ( إحداهما ) قال المصنف والأصحاب : لا يكره للمسلم اتباع جنازة قريبه الكافر ونص عليه الشافعي في مختصر المزني ، وسبقت المسألة في باب غسل الميت .

( الثانية ) قال الشافعي في الأم وأصحابنا : يكره أن تتبع الجنازة بنار . قال ابن الصباغ وغيره : المراد أن يكره البخور في المجمرة بين يديها إلى القبر ولا خلاف في كراهته ، كما نص عليه الشافعي والأصحاب ، ونقل ابن المنذر إجماع العلماء على كراهته قال : وممن نقل عنه ذلك عمر وأبو هريرة وعبد الله بن مغفل ومعقل بن يسار وأبو سعيد الخدري وعائشة ، وذكر البيهقي عن عبادة بن الصامت وعائشة وأسماء وغيرهم أنهم أوصوا أن لا يتبعوا بنار ، قال أصحابنا : وإنما كره للنص ، ولأنه تفاءل بذلك فأل السوء ، وهذا الذي ذكرناه من كراهة الاتباع هو نص الشافعي والجمهور [ ص: 243 ] وقال الشيخ نصر : لا يجوز أن يحمل مع الجنازة المجامر والنار ، فإن أراد بقوله : ( لا يجوز ) كراهة التنزيه فهو كما قاله الشافعي والأصحاب ، وإن أراد التحريم فشاذ مردود قال المحاملي وغيره : وكذا يكره أن يكون عند القبر مجمرة حال الدفن ، وأما اتباع الجنازة بنائحة فحرام ، فإن النوح حرام مطلقا وسنوضحه في باب التعزية حيث ذكره المصنف إن شاء الله تعالى .

( فرع ) : قال البندنيجي رحمه الله : يستحب لمن مرت به جنازة أن يدعو لها ويستحب الثناء عليها إن كانت أهلا لذلك ، ويستحب أن يقول من رآها : سبحان الله الذي لا يموت أو سبحان الملك القدوس .

التالي السابق


الخدمات العلمية