صفحة جزء
قال المصنف رحمه الله تعالى ( الزكاة ركن من أركان الإسلام ، وفرض من فروضه ، والأصل فيه قوله عز وجل { : وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة } وروى أبو هريرة قال { كان رسول [ ص: 296 ] الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم جالسا فأتاه رجل فقال : يا رسول الله ما الإسلام ؟ قال : الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا ، وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤدي الزكاة المفروضة وتصوم شهر رمضان ، ثم أدبر الرجل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ردوا علي الرجل فلم يروا شيئا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذا جبريل جاء ليعلم الناس دينهم } ) .


( الشرح ) هذا الحديث رواه البخاري ومسلم ، وتقدم بيان اللغات في جبريل في مواقيت الصلاة ، وقوله عز وجل { وأقيموا الصلاة } قال العلماء : إقامتها إدامتها والمحافظة عليها بحدودها ، يقال قام بالأمر وأقامه إذا أتى به موفيا حقوقه قال أبو علي الفارسي : أشبه من أن تفسر بيتمونها ، والمراد جنس الصلاة الواجبة وذكر أصحابنا في كتب الأصول والفروع خلافا في هذه هل هي مجملة أم لا ؟ فقالوا : قال أبو إسحاق المروزي وغيره من أصحابنا هي مجملة . قال البندنيجي : هذا هو المذهب لأن الزكاة لا تجب إلا في مال مخصوص إذا بلغ قدرا مخصوصا ، ويجب قدر مخصوص وليس في الآية بيان شيء من هذا ، فهي مجملة بينتها السنة إلا أنها تقتضي أصل الوجوب . وقال بعض أصحابنا : ليست مجملة ، بل هي عامة ، بل كل ما تناوله اسم الزكاة فالآية تقتضي وجوبه والزيادة عليه تعرف بالسنة . قال القاضي أبو الطيب في تعليقه وآخرون من أصحابنا : فائدة الخلاف أنا إذا قلنا : مجملة فهي حجة في أصل وجوب الزكاة ولا يحتج بها في مسائل الخلاف ، وإن قلنا : ليست مجملة كانت حجة في أصل وجوب الزكاة وفي مسائل الخلاف تعلقا بعمومها والله أعلم . وأما قوله صلى الله عليه وسلم " وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤدي الزكاة المفروضة " فخالف بين اللفظين لقول الله تعالى { : إن الصلاة كانت على المؤمنين } وثبت في أحاديث كثيرة وصف الصلاة بالمكتوبة لحديث { : خمس صلوات كتبهن الله } وحديث { : أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة } " وسمى الزكاة مفروضة لأنها مقدرة ، ولأنها تحتاج إلى تقدير الواجب ، ولهذا سمى ما يخرج في الزكاة فرائض . وفي الصحيحين { فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر } وفي صحيح البخاري في كتاب [ ص: 297 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هذه فريضة الصدقة " . وقيل غاير بين اللفظين لئلا يتكرر اللفظ ، والفصاحة والبلاغة تمنع تكريره ، والله أعلم . وأما قول المصنف : الزكاة ركن وفرض فتوكيد وبيان ، لكونه يصح تسمية الزكاة ركنا وفرضا ، وقد استعمل المصنف مثل هذه العبارة في الصوم والحج ، والله أعلم .

( وأما حكم المسألة ) فالزكاة فرض وركن بإجماع المسلمين ، وتظاهرت دلائل الكتاب والسنة وإجماع الأمة على ذلك ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية