صفحة جزء
[ ص: 312 ] قال المصنف رحمه الله تعالى : ( ولا تجب فيما لا يملكه ملكا تاما كالمال الذي في يد مكاتبه لأنه لا يملك الصرف فيه فهو كمال الأجنبي ، وأما الماشية الموقوفة عليه فإنه ينبني على أن الملك في الموقوف إلى من ينتقل بالوقوف ، وفيه قولان : ( أحدهما ) ينتقل إلى الله تعالى فلا تجب زكاته ، ( والثاني ) ينتقل إلى الموقوف عليه ، وفي زكاته وجهان ( أحدهما ) تجب لأنه يملكه ملكا [ تاما ] مستقرا فأشبه غير الموقوف ، ( والثاني ) لا تجب لأنه ملك ضعيف ، بدليل أنه لا يملك التصرف في رقبته ، فلم تجب الزكاة فيه كالمكاتب وما في يده ) .


( الشرح ) قال أصحابنا : إذا كانت الماشية موقوفة على جهة عامة كالفقراء أو المساجد أو الغزاة أو اليتامى وشبه ذلك فلا زكاة فيها بلا خلاف ، لأنه ليس لها مالك معين ، وإن كانت موقوفة على معين سواء كان واحدا أو جماعة ، فإن قلنا بالأصح : إن الملك في رقبة الموقوف لله تعالى فلا زكاة بلا خلاف ، كالوقف على جهة عامة . وإن قلنا بالضعيف : إن الملك في الرقبة للموقوف عليه ففي وجوبها عليه الوجهان المذكوران في الكتاب بدليليهما ( أصحهما ) لا تجب ، فإن قلنا : تجب فأخرجها من موضع آخر أجزأه ، فإن أراد إخراجها من نفس الموقوفة فوجهان حكاهما صاحب البيان وغيره ( أصحهما ) لا يجوز ، وبه قطع صاحب العدة لأنه لا يملك التصرف فيها بإزالة الملك ( والثاني ) يجوز ، لأنا جعلناه كالمطلق في وجوب الزكاة على هذا الوجه . قال صاحب البيان : ومقتضى المذهب أنا إن قلنا : تتعلق الزكاة بالعين جاز الإخراج منه وإلا فلا والله أعلم .

( فرع ) : الأشجار الموقوفة من نخل وعنب ، قال أصحابنا : إن كانت موقوفة على جهة عامة كالمساجد والربط والمدارس والقناطر والفقراء والمساكين ونحو ذلك فلا عشر في ثمارها ، وإن كانت على معينين وجب العشر في ثمارها إذا بلغت نصابا بلا خلاف ، ويخرجها من نفس الثمرة إن شاء لأنه يملك الثمرة ملكا مطلقا . هكذا ذكر أصحابنا المسألة في جميع طرقهم [ ص: 313 ] وحكى ابن المنذر في الأشراف عن الشافعي ومالك رضي الله عنهما إيجاب العشر في الثمار الموقوفة في سبيل أو على قوم بأعيانهم . وعن طاوس ومكحول لا زكاة . وعن أبي عبيد وأحمد : إن كانت على جهة لم تجب ، وإن كانت على معين وجبت . قال ابن المنذر : وبه أقول . قال صاحب البيان في باب زكاة الزرع . قال الشيخ أبو نصر : هذا الذي نقله ابن المنذر عن الشافعي ليس بمعروف عنه عند أصحابنا والله أعلم . قال أصحابنا : وهكذا حكم الغلة الحاصلة في أرض موقوفة ; إن كانت على معينين وجبت زكاتها بلا خلاف ، وإن كانت على جهة عامة لم تجب على المذهب وعلى رواية ابن المنذر تجب ، وفي المسألة زيادة سنعيدها إن شاء الله تعالى في المسائل الزائدة بعد باب زكاة الزرع ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية