صفحة جزء
[ ص: 335 ] قال المصنف - رحمه الله تعالى - ( والمستحب أن لا يستاك بعود رطب لا يقلع ولا بيابس يجرح اللثة ، بل يستاك بعود بين عودين ، وبأي شيء استاك مما يقلع القلح ويزيل التغير كالخرقة الخشنة وغيرها أجزأه ; لأنه يحصل به المقصود ، وإن أمر أصبعه على أسنانه لم يجزئه ; لأنه لا يسمى سواكا ) .


( الشرح ) اللثة بكسر اللام وتخفيف الثاء المثلثة وهي ما حول الأسنان من اللحم ، كذا قاله الجوهري وقال غيره : هي اللحم الذي ينبت فيه الأسنان ، فأما اللحم الذي يتخلل الأسنان فهو عمر بفتح العين وإسكان الميم وجمعه عمور بضم العين ، وجمعها لثات ولثى . أما حكم المسألة فقوله : لا يستاك بيابس ولا رطب بل بمتوسط ، كذا قاله أصحابنا قالوا : فإن كان يابسا نداه بماء ، وقوله : وبأي شيء استاك مما يزيل التغير والقلح أجزأه ، كذا قال أصحابنا واتفقوا عليه . قال القاضي أبو الطيب وصاحبه صاحب الشامل وآخرون : فيجوز الاستياك بالسعد والأشنان وشبههما . وأما الأصبع فإن كانت لينة لم يحصل بها السواك بلا خلاف ، وإن كانت خشنة ففيها أوجه : الصحيح المشهور لا يحصل ; لأنها لا تسمى سواكا ولا هي في معناه بخلاف الأشنان ونحوه فإنه وإن لم يسم سواكا فهو في معناه ، وبهذا الوجه قطع المصنف والجمهور .

( والثاني ) : يحصل لحصول المقصود وبهذا قطع القاضي حسين والمحاملي في اللباب والبغوي واختاره الروياني في كتابه البحر .

( والثالث ) : إن لم يقدر على عود ونحوه حصل وإلا فلا ، حكاه الرافعي . ومن قال بالحصول فدليله ما ذكرناه من حصول المقصود . وأما الحديث المروي عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم : { يجزي من السواك الأصابع } فحديث ضعيف ضعفه البيهقي وغيره ، والمختار الحصول لما ذكرناه ثم الخلاف إنما هو في إصبعه أما أصبع غيره الخشنة فتجزي قطعا ; لأنها ليست جزءا منه فهي كالأشنان . وفي الإصبع عشر لغات : [ ص: 336 ] كسر الهمزة ، وفتحها ، وضمها مع الحركات الثلاث في الباء ، والعاشرة أصبوع بضم الهمزة والباء ، وأفصحهن كسر الهمزة مع فتح الباء والله أعلم .

( فرع ) قال أصحابنا : يستحب أن يكون السواك بعود وأن يكون بعود أراك ، قال الشيخ نصر المقدسي : الأراك أولى من غيره ثم بعده النخل أولى من غيره ، قال المتولي : يستحب أن يكون عودا له رائحة طيبة كالأراك ، واستدلوا للأراك بحديث { أبي خيرة الصباحي رضي الله عنه قال : كنت في الوفد يعني وفد عبد القيس الذين وفدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر لنا بأراك فقال : استاكوا بهذا } " ، وأبو خيرة بفتح الخاء المعجمة وإسكان المثناة تحت ، والصباحي بضم الصاد المهملة ، وبعدها باء موحدة مخففة وبالحاء المهملة هكذا ضبطه ابن ماكولا وغيره ، قال : ولم يرو عن النبي صلى الله عليه وسلم من هذه القبيلة سواه والله أعلم .

( فرع ) في مسائل تتعلق بالسواك قال أصحابنا : يستحب أن يبدأ في الاستياك بجانب فمه الأيمن للحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم { كان يحب التيامن في تطهره وترجله وشأنه كله } وقياسا على الوضوء ، قال القاضي حسين : وينوي به الإتيان بالسنة ، ولا بأس بالاستياك بسواك غيره بإذنه للحديث الصحيح فيه ،

قالوا : ويستحب أن يعود الصبي السواك ليألفه كسائر العبادات ، قال الصيمري : ويستحب إذا أراد أن يستاك ثانيا أن يغسل مسواكه ، وهذا يحتج له بحديث عائشة رضي الله عنها قالت : { كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يستاك فيعطيني المسواك لأغسله فأبدأ به فأستاك ثم أغسله فأدفعه إليه } حديث حسن رواه . أبو داود بإسناد جيد ، وهذا محمول على ما إذا [ ص: 337 ] حصل عليه شيء من وسخ أو رائحة ونحوهما ، قال الصيمري : ويكره أن يدخل مسواكه في ماء وضوئه ، وهذا فيه نظر ، وينبغي ألا يكره . قال الروياني : قال بعض أصحابنا : يستحب أن يقول عند ابتداء السواك : اللهم بيض به أسناني وشد به لثاتي وثبت به لهاتي ، وبارك لي فيه يا أرحم الراحمين . وهذا الذي قاله وإن لم يكن له أصل فلا بأس به فإنه دعاء حسن .

التالي السابق


الخدمات العلمية