صفحة جزء
قال المصنف رحمه الله تعالى : ( ولا تجب الزكاة إلا في نصاب ، لما روى أبو سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " { ليس فيما دون خمسة أوسق من تمر أو حب صدقة } ونصابه خمسة أوسق إلا الأرز والعلس فإن نصابهما عشرة أوسق ، فإنهما يدخران في القشر . ويجيء من كل وسقين وسق وزكاته العشر ونصف العشر . على ما ذكرناه في الثمار . فإن زاد على خمسة أوسق شيء وجب فيه بحسابه ; لأنه يتجزأ من غير ضرر ، فوجب فيما زاد على النصاب بحسابه كالأثمان ) .


( الشرح ) : حديث أبي سعيد رواه البخاري ومسلم . وقوله : ( من تمر ) بتاء مثناة ، والعلس بفتح العين المهملة واللام وهو صنف من الحنطة . كذا قاله المصنف في التنبيه وسائر الأصحاب والأزهري وغيره من أهل اللغة ، قال الأزهري وغيره : يكون منه في الكمام حبتان وثلاث ، قال الجوهري وغيره : هو طعام أهل صنعاء ، وقوله : يتجزأ احتراز من الماشية .

( أما الأحكام ) ففيه مسألتان : ( إحداهما ) : لا تجب زكاة الزرع إلا في نصاب ، لما ذكره المصنف ، وسبق فيه زيادة مع مذاهب العلماء في باب زكاة الثمار ، ونصابه خمسة أوسق بعد تصفيته من التبن وغيره ، ثم قشورها ثلاثة أضرب .

( أحدها ) : قشر لا يدخر الحب فيه ، ولا يؤكل معه ، فلا يدخل في النصاب ، ( والثاني ) : قشر يدخر الحب فيه ويؤكل معه كالذرة فيدخل القشر في الحساب فإنه طعام ، [ ص: 472 ] وإن كان قد يزال كما تقشر الحنطة ، وفي دخول القشرة السفلى من الباقلا وجهان حكاهما الرافعي قال : قال صاحب العدة : المذهب لا يدخل وهذا غريب ، ( الثالث ) : يدخر الحب فيه ولا يؤكل معه ، فلا يدخل في حساب النصاب ولكن يوجد الواجب فيه كالأرز والعلس ، أما العلس فقال الشافعي في الأم : يبقى بعد دياسه على كل حبتين منه كمام لا يزول إلا بالرحى الخفيفة أو بمهراس ، وإدخاره في تلك الكمام أصلح له ، وإذا أزيل كان الصافي نصف المبلغ ، فلا يكلف صاحبه إزالة ذلك الكمام عنه ، ويعتبر بلوغه بعد الدياس عشرة أوسق لتكون منه خمسة .

قال القاضي أبو الطيب في المجرد والأصحاب : إن نحى منه القشر الأعلى اعتبر في صافيه خمسة أوسق ، كغيره من الحبوب ، وإن ترك في القشر الأعلى اشترط بلوغه بقشره عشرة أوسق ، وأما الأرز فيدخر أيضا في قشره ، وهو أصلح له ، ويشترط بلوغه مع القشر عشرة أوسق ، إن ترك في قشره ، كما قلنا في العلس ، وإن أخرجت قشرته اعتبر خمسة أوسق كما في غيره ، وكما قلنا في العلس ، وتخرج الزكاة منه ومن العلس وهما في قشرهما ; لأنهما يدخران فيهما ، هذا الذي ذكرناه في الأرز هو الذي نص عليه الشافعي رضي الله عنه . وقال المصنف والجمهور : وقال الشيخ أبو حامد : قد يخرج منه الثلث ، فيعتبر بلوغه قدرا يكون الصافي منه نصابا ، وقال صاحب الحاوي : كان ابن أبي هريرة يجعل الأرز كالعلس ، فلا يحسب قشره الأعلى ، ويقول : لا زكاة فيه حتى يبلغ عشرة أوسق بقشره ، وقال سائر أصحابنا : لا أثر لهذا القشر ، فإذا بلغ خمسة أوسق بقشره وجبت الزكاة ; لأن هذا القشر ملتصق به ، وربما طحن معه بخلاف قشر العلس ، فإنه لم تجر عادة بطحنه معه ، وهذا الذي نقله صاحب الحاوي عن سائر أصحابنا شاذ ضعيف والله تعالى أعلم .

( المسألة الثانية ) : الواجب في الزروع إذا بلغت نصابا ، كالواجب في الثمار ، بلا فرق كما سبق إيضاحه ، وهو العشر فيما سقي بماء السماء ونحوه ونصف العشر فيما سقي بالنواضح ونحوها وسبق تفصيله واضحا هناك ، ويجب فيما زاد على النصاب بحسابه بلا خلاف لما ذكره المصنف والله تعالى أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية