صفحة جزء
[ ص: 61 ] باب زكاة الفطر يقال : زكاة الفطر ، وصدقة الفطر ، ويقال للمخرج : فطرة - بكسر الفاء - لا غير ، وهي لفظة مولدة لا عربية ولا معربة ، بل اصطلاحية للفقهاء ، وكأنها من الفطرة التي هي الخلقة ، أي زكاة الخلقة ، وممن ذكر هذا صاحب " الحاوي " .

قال المصنف رحمه الله تعالى ( زكاة الفطر واجبة ; لما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال : { فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر من رمضان على الناس ، صاعا من تمر ، أو صاعا من شعير ، على كل ذكر وأنثى ، حر وعبد من المسلمين } ) .


( الشرح ) حديث ابن عمر رواه البخاري ومسلم ، وزكاة الفطر واجبة عندنا وعند جماهير العلماء ، وصاحب " البيان " وغيره عن ابن اللبان من أصحابنا : أنها سنة وليست واجبة ، قالوا : وهو قول الأصم وابن علية .

وقال أبو حنيفة : هي واجبة وليست بفريضة بناء على أصله أن الواجب : ما ثبت بدليل مظنون والفرض : ما ثبت بدليل مقطوع . ومذهبنا : أنه لا فرق ، وتسمى واجبة وفرضا ، دليلنا حديث [ ص: 62 ] ابن عمر مع أحاديث كثيرة في الصحيح مثله ، وأما حديث أبي عمار عريب - بفتح العين المهملة - بن حميد عن قيس بن سعد بن عبادة قال : { أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بصدقة الفطر قبل أن تنزل الزكاة ، فلما نزلت الزكاة لم يأمرنا ولم ينهنا ، ونحن نفعله } رواه النسائي وابن ماجه ، فهذا الحديث مداره على أبي عمار ، ولا يعلم حاله في الجرح والتعديل ، فإن صح فجوابه : أنه ليس فيه إسقاط الفطرة ; لأنه سبق الأمر به ، ولم يصرح بإسقاطها ، والأصل : بقاء وجوبها .

( وقوله ) : " لم يأمرنا " لا أثر له ; لأن الأمر سبق ، ولا حاجة إلى تكراره .

قال البيهقي : وقد أجمع العلماء على وجوب صدقة الفطر ، وكذا نقل الإجماع فيها ابن المنذر في " الأشراف " ، وهذا يدل على ضعف الرواية عن ابن علية والأصم ، وإن كان الأصم لا يعتد به في الإجماع كما سبق في كتاب الطهارة ، والله أعلم . قال صاحب " الحاوي : " في وقت شرع وجوب الفطرة على وجهين ( أحدهما ) وهو قول أصحابنا البغداديين : أنها وجبت بما وجبت به زكاة الأموال ، وهو الظواهر التي في الكتاب والسنة لعمومها في الزكاتين .

( والثاني ) قاله أصحابنا البصريون : أنها وجبت بغير ما وجبت به زكاة الأموال ، وأن وجوبها سابق لوجوب زكاة الأموال ; لحديث قيس بن سعد المذكور ، واختلف هؤلاء هل وجبت بالكتاب ؟ أم بالسنة ؟ فقيل : بالسنة ; لحديث قيس ، وحديث ابن عمر وغيرهما ، وقيل : بالقرآن وإنما السنة مبينة ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية