صفحة جزء
قال المصنف رحمه الله تعالى : ( وإن كان الذي يفرق الزكاة رب المال سقط سهم العامل ; لأنه لا عمل له فيقسم الصدقة على سبعة [ أصناف ] لكل صنف سهم على ما بيناه ، فإن كان في الأصناف أقارب له لا يلزمه نفقتهم ، فالمستحب أن يخص الأقارب ، لما روت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط رضي الله عنها [ ص: 210 ] قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { الصدقة على المسكين صدقة ، وهي على ذي القرابة صدقة وصلة } ) .


( الشرح ) هذا الحديث صحيح رواه البيهقي في السنن الكبير بإسناد صحيح ولفظه { أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح } وروى الترمذي والنسائي بإسنادهما عن سلمان بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم { الصدقة على المسكين صدقة ، وعلى ذي الرحم اثنتان ، صدقة وصلة } . وعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { الرحم شجنة من الله تعالى من وصلها وصله الله ، ومن قطعها قطعه الله } رواه البخاري ومسلم - والشجنة بكسر الشين وضمها وفتحها - ثلاث لغات ، ومعناه أن قرابة الإنسان لقريبه سبب واصل بينهما . وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه } رواه البخاري ومسلم ، وفي الباب أحاديث كثيرة صحيحة جمعت معظمها في رياض الصالحين .

( أما أحكام الفصل ) فقوله : إن كان الذي يفرق الزكاة رب المال سقط سهم العامل ، هو كما قال ، وهو ظاهر ، وسبق مثله ( وأما ) قوله : إن كان في الأصناف أقارب له لا يلزمه نفقتهم استحب أن يخص الأقرب ، فمتفق عليه أيضا ; لما ذكرنا من الأحاديث قال أصحابنا : يستحب في صدقة التطوع وفي الزكاة ، والكفارة صرفها إلى الأقارب إذا كانوا بصفة الاستحقاق ، وهم أفضل من الأجانب ، قال أصحابنا : والأفضل أن يبدأ بذي الرحم المحرم كالإخوة والأخوات والأعمام والعمات والأخوال والخالات ، ويقدم الأقرب فالأقرب ، وألحق بعض أصحابنا الزوج والزوجة بهؤلاء ; لحديث زينب امرأة ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { زوجك وولدك أحق من تصدقت عليه } رواه مسلم ثم بذي [ ص: 211 ] الرحم غير المحرم كأولاد العم وأولاد الخال ، ثم المحرم بالرضاع ، ثم بالمصاهرة ثم المولى من أعلى وأسفل ثم الجار ، فإن كان القريب بعيد الدار في البلد قدم على الجار الأجنبي ، وإن كان الأقارب خارجين عن البلد ، فإن منعنا نقل الزكاة قدم الأجنبي وإلا فالقريب ، وكذا القول في أهل البادية فحيث كان القريب والجار الأجنبي بحيث يجوز الصرف إليهما قدم القريب . والله تعالى أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية