صفحة جزء
قال المصنف رحمه الله تعالى ( ويستحب صيام أيام البيض وهي ثلاثة من كل شهر ; لما روى أبو هريرة قال : { أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بصيام ثلاثة أيام من كل شهر } ) .


( الشرح ) حديث أبي هريرة رواه البخاري ومسلم ، وثبتت أحاديث في الصحيح بصوم ثلاثة أيام من كل شهر من غير تعيين لوقتها وظاهرها أنه متى صامها حصلت الفضيلة ، وثبت في صحيح مسلم عن معاذة العدوية ، أنها سألت عائشة { أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام ؟ قالت : نعم ، قالت : قلت : من أي أيام الشهر ؟ قالت : ما كان يبالي من أي أيام الشهر كان يصوم } وجاء في غير مسلم تخصيص أيام البيض في أحاديث : ( منها ) حديث أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إذا صمت من الشهر ثلاثا فصم ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة } رواه الترمذي والنسائي ، قال الترمذي حديث حسن . وعن قتادة بن ملحان قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بصيام [ ص: 436 ] أيام البيض ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة } رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه بإسناد فيه مجهول وعن جرير بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر أيام البيض ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة } رواه النسائي بإسناد حسن . ووقع في بعض نسخه { والأيام البيض } ، وفي بعضها { وأيام البيض } بحذف الألف واللام ، وهو أوضح ، وقول المصنف : أيام البيض هكذا هو في نسخ المهذب أيام البيض بإضافة أيام إلى البيض ، وهكذا ضبطناه في التنبيه عن نسخة المصنف وهذا هو الصواب .

ووقع في كثير من كتب الفقه وغيرها ، وفي كثير من نسخ التنبيه أو أكثرها الأيام البيض بالألف واللام ، وهذا خطأ عند أهل العربية معدود في لحن العوام ; لأن الأيام كلها بيض ، وإنما صوابه أيام البيض ، أي أيام الليالي البيض . واتفق أصحابنا على استحباب صوم أيام البيض ، قالوا هم وغيرهم : وهي اليوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر ، هذا هو الصحيح المشهور الذي قطع به الجمهور من أصحابنا وغيره ، وفيه وجه لبعض أصحابنا حكاه الصيمري والماوردي والبغوي وصاحب البيان وغيرهم أنها الثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر ، وهذا شاذ ضعيف يرده الحديث السابق في تفسيرها ، وقول أهل اللغة أيضا وغيرهم . وأما سبب تسمية هذه الليالي بيضا فقال ابن قتيبة والجمهور : لأنها تبيض بطلوع القمر من أولها إلى آخرها ، وقيل غير ذلك .

( فرع ) أجمعت الأمة على أن أيام البيض لا يجب صومها الآن قال الماوردي : اختلف الناس هل كانت واجبة في أول الإسلام أم لا ؟ [ ص: 437 ] فقيل : كانت واجبة فنسخت بشهر رمضان ، وقيل : لم تكن واجبة قط ، وما زالت سنة . قال : وهو أشبه بمذهب الشافعي رحمه الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية