صفحة جزء
قال المصنف رحمه الله تعالى ( فأما غير المستطيع فلا يجب عليه لقوله - عز وجل - : { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } فدل على أنه لا يجب على غير المستطيع ، والمستطيع اثنان : مستطيع بنفسه ومستطيع بغيره ، والمستطيع بنفسه ينظر فيه ، فإن كان من مكة على مسافة تقصر فيها الصلاة ، فهو أن يكون صحيحا واجدا للزاد والماء بثمن المثل في المواضع التي جرت العادة أن يكون فيها في ذهابه ورجوعه ، وواجدا لراحلة تصلح لمثله بثمن المثل أو بأجرة المثل ، وأن يكون الطريق آمنا من غير خفارة ، وأن يكون عليه من الوقت ما يتمكن فيه من السير والأداء ( فأما ) إذا كان مريضا تلحقه مشقة غير معتادة فلا يلزمه ، لما روى أبو أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من لم يمنعه من الحج حاجة ظاهرة أو مرض حابس أو سلطان جائر فليمت إن شاء يهوديا أو نصرانيا } )


( الشرح ) حديث أبي أمامة رواه الدارمي في مسنده والبيهقي في سننه بإسناد ضعيف قال البيهقي : وهذا وإن كان إسناده غير قوي فله شاهد من قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه فذكر بإسناده عنه نحوه [ ص: 52 ] والخفارة - بضم الخاء وكسرها وفتحها ثلاث لغات - حكاهن صاحب المحكم وهي المال المأخوذ في الطريق للحفظ ، وفي الطريق لغتان تذكيره وتأنيثه ، واختار المصنف هنا تذكيره بقوله : ( آمنا ) ولم يقل : آمنة . أما الأحكام فالاستطاعة شرط لوجوب الحج بإجماع المسلمين . واختلفوا في حقيقتها وشروطها . ومذهبنا أن الاستطاعة نوعان كما ذكره المصنف : ( استطاعة ) بمباشرة بنفسه ( واستطاعة ) بغيره ، فالأول شروطه الخمسة التي ذكرها المصنف : ( أحدها ) أن يكون بدنه صحيحا ، قال أصحابنا : ويشترط فيه قوة يستمسك بها على الراحلة ، والمراد أن يثبت على الراحلة ، بغير مشقة شديدة ، فإن وجد مشقة شديدة لمرض أو غيره فليس مستطيعا والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية