صفحة جزء
قال المصنف - رحمه الله تعالى - ( ويجب إدخال المرفقين في الغسل لما روى جابر رضي الله عنه قال : { كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا توضأ أمر الماء على مرفقيه } ) .


( الشرح ) هذا الحديث رواه البيهقي وإسناده ضعيف ولفظه : { أدار الماء على مرفقيه } وهذا الذي ذكره المصنف من وجوب غسل المرفقين هو مذهبنا ومذهب العلماء كافة إلا ما حكاه أصحابنا عن زفر وأبي بكر بن داود أنهما قالا : لا يجب غسل المرفقين والكعبين ، واحتج أصحابنا بقول الله تعالى - : { وأيديكم إلى المرافق } فذكر ابن قتيبة والأزهري وآخرون من أهل اللغة والفقهاء في كيفية الاستدلال بالآية كلاما مختصره أن جماعة من أهل اللغة منهم أبو العباس ثعلب وآخرون قالوا : ( إلى ) بمعنى مع ، وقال أبو العباس المبرد وأبو إسحاق الزجاج وآخرون : ( إلى ) للغاية ، وهذا هو الأصح الأشهر . فإن كانت بمعنى مع فدخول المرفق ظاهر ، وإنما لم يدخل العضد للإجماع . وإن كانت للغاية فالحد يدخل إذا كان التحديد شاملا للحد والمحدود [ ص: 420 ] كقولك : قطعت أصابعه من الخنصر إلى المسبحة ، أو بعتك هذه الأشجار من هذه إلى هذه ، فإن الأصبعين والشجرتين داخلان في القطع والبيع بلا شك لشمول اللفظ ، ويكون المراد بالتحديد في مثل هذا إخراج ما وراء الحد مع بقاء الحد داخلا ، فكذا هنا اسم اليد شامل من أطراف الأصابع إلى الإبط ، ففائدة التحديد بالمرافق مع بقاء المرفق . ومما يستدل به حديث أبي هريرة رضي الله عنه { أنه توضأ فغسل يديه حتى أشرع في العضدين وغسل رجليه حتى أشرع في الساقين ، ثم قال هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ } رواه مسلم فثبت غسله صلى الله عليه وسلم المرفقين ، وفعله بيان للوضوء المأمور به ولم ينقل تركه ذلك والله أعلم . والمرفق بكسر الميم وفتح الفاء وعكسه لغتان مشهورتان الأولى أفصحهما ، وهو مجتمع العظمات المتداخلين وهما طرفا عظم العضد وطرف عظم الذراع ، وهو الموضع الذي يتكئ عليه المتكئ إذا ألقم راحته رأسه واتكأ على ذراعه ، هذا معنى ما ذكره الأزهري في ضبط المرفق والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية