صفحة جزء
[ ص: 421 ] قال المصنف - رحمه الله تعالى - ( وإن كان له أصبع زائدة أو كف زائدة لزمه غسلها لأنه في محل الفرض فإن كانت له يدان متساويتان على منكب أو مرفق لزمه غسلهما لوقوع اسم اليد عليهما ، وإن كانت إحداهما تامة والأخرى ناقصة فالتامة هي الأصلية ، وينظر في الناقصة فإن خلقت على محل الفرض لزمه غسلها ، كالأصبع الزائدة ، وإن خلقت على العضد ولم تحاذ محل الفرض لم يلزمه غسلها ، وإن حاذت بعض محل الفرض لزمه غسل ما حاذى منها محل الفرض [ لأن اسم اليد يقع عليهما ] ) .


( الشرح ) في الأصبع عشر لغات تقدمت في باب السواك ، والكف مؤنثة في اللغة المشهورة وحكي تذكيرها ، سميت كفا لأنه يكف بها عن سائر البدن ، وقيل : لأن بها يضم ويجمع ، والمنكب مجتمع ما بين العضد والكتف وجمعه مناكب ، والعضد بفتح العين وضم الضاد ويقال بإسكان الضاد مع فتح العين وضمها ثلاث لغات ، الأولى أفصح وأشهر . أما حكم المسألة : فإذا كان له أصبع أو كف زائدة وجب غسلها بلا خلاف لما ذكره ، وإن كان له يدان متساويتان في البطش والخلقة وجب غسلهما أيضا بلا خلاف لوقوع اسم اليد ، وإن كانت إحداهما تامة والأخرى ناقصة فالتامة هي الأصلية فيجب غسلها ، وأما الناقصة فإن خلقت في محل الفرض وجب غسلها أيضا بلا خلاف كالأصبع الزائدة . قال الرافعي وغيره : وسواء جاوز طولها الأصلية أم لا . قال : ومن الأمارات المميزة للزائدة أن تكون فاحشة القصر ، والأخرى معتدلة ، ومنها فقد البطش وضعفه ونقص الأصابع . وإن خلقت الناقصة على العضد ولم يحاذ شيء منها محل الفرض لم يجب غسلها بلا خلاف ، وإن حاذته وجب غسل المحاذي على المذهب الصحيح الذي نص عليه الشافعي وقطع به الأكثرون ، منهم الشيخ أبو حامد والمحاملي وإمام الحرمين والغزالي والبغوي وصاحب العدة وآخرون . ونقل إمام الحرمين عن العراقيين وغيرهم أنهم نقلوا ذلك عن نص الشافعي ثم قال : المسألة محتملة جدا ولكني لم أر فيها إلا نقلهم النص ، هذا كلام الإمام . [ ص: 422 ] ونقل جماعات في وجوب غسل المحاذي وجهين منهم الماوردي وابن الصباغ والمتولي والشاشي والروياني وصاحب البيان وغيرهم ، قال الرافعي : قال كثيرون من المعتبرين : لا يجب ; لأنها ليست أصلا ولا نابتة في محل الفرض ، فتجعل تبعا ، وحملوا النص على ما إذا لصق شيء منها بمحل الفرض . قال إمام الحرمين : ولو نبتت سلعة في العضد وتدلت إلى الساعد لم يجب غسل شيء منها بلا خلاف إذا تدلت ولم تلتصق والله أعلم .

( فرع ) قد ذكرنا أن من له يدان متساويتان يلزمه غسلهما ، ولو سرق هذا الشخص قطعت إحداهما فقط ، هذا هو الصحيح الذي قطع به الجمهور ، ممن قطع به القاضي أبو الطيب والروياني والشيخ نصر المقدسي في كتاب الانتخاب ، وذكروه في هذا الموضع وقطع به أيضا البغوي في كتاب السرقة ونقله القاضي أبو الطيب والشيخ نصر عن نص الشافعي ، قال البغوي : تقطع إحداهما ثم إذا سرق ثانيا قطعت الأخرى ، وأما قول الغزالي في كتاب السرقة قال الأصحاب : نقطعهما جميعا فغير موافق عليه بل أنكروه عليه وردوه ، والصواب الاكتفاء بإحداهما ، وفرق القاضي أبو الطيب والأصحاب بينه وبين الوضوء بأن الوضوء عبادة مبنية على الاحتياط ، وأما الحد فمبني على الدرء والإسقاط والله أعلم

التالي السابق


الخدمات العلمية