صفحة جزء
قال المصنف - رحمه الله تعالى ( وإن كان أقطع اليد ولم يبق من محل الفرض شيء فلا فرض عليه ، والمستحب أن يمس ما بقي من اليد ماء حتى لا يخلو العضو من الطهارة ) .


( الشرح ) قوله : يمس هو بضم الياء وكسر الميم ، وقوله : " لا فرض عليه " هذا متفق عليه وكذا اتفقوا على استحباب إمساسه الماء [ ص: 424 ] وروى محمد بن جرير في كتابه اختلاف الفقهاء نحوه عن ابن عباس ، ثم هذا الاستحباب ثابت من أي موضع قطعت فوق محل الفرض ، حتى لو قطعت من المنكب استحب أن يمس موضع القطع ماء بلا خلاف ، نص عليه الشافعي - رحمه الله في الأم ، وذكره الشيخ أبو حامد والبندنيجي وآخرون . واختلف أصحابنا في تعليل أصل هذا الإمساس فقال جماعة : حتى لا يخلو العضد من طهارة كما ذكره المصنف ، وقال الغزالي والبغوي وآخرون : يستحب ذلك إطالة للغرة أي : التحجيل ، وقال القاضي أبو الطيب : نص الشافعي على استحبابه فقال أبو إسحاق المروزي : لئلا يخلو العضو من طهارته ، وقال الأكثرون : استحبه لأنه موضع الحلية والتحجيل . وأما قول المصنف . يمس ما بقي ماء فكذا عبارة الأكثرين ، والمراد بالإمساس غسل باقي اليد ، هكذا صرح به الغزالي في الوجيز والروياني في البحر والرافعي وغيرهم . فإن قيل إنما كان غسل ما فوق المرفق مستحبا تبعا للذراع وقد زال المتبوع فينبغي ألا يشرع التابع كمن فاته صلوات في زمن الجنون والحيض فإنه لا يقضي النوافل الراتبة التابعة للفرائض كما لا يقضي الفرائض . فالجواب ما أجاب به الشيخ أبو محمد الجويني وغيره أن سقوط القضاء عن المجنون رخصة مع إمكانه ، فإذا سقط الأصل مع إمكانه فالتابع أولى ، وأما سقوط غسل الذراع هنا فلتعذره ، والتعذر مختص بالذراع فبقي العضد على ما كان من الاستحباب ، وصار كالمحرم الذي لا شعر على رأسه يستحب إمرار الموسى على رأسه والله أعلم .

وقول المصنف : ( وإن كان أقطع اليد ولم يبق من محل الفرض شيء فلا فرض عليه ) فيه احتراز مما إذا بقي من محل الفرض شيء فإنه يجب غسله بلا خلاف لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { وإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم } رواه البخاري ومسلم

التالي السابق


الخدمات العلمية