صفحة جزء
قال المصنف رحمه الله تعالى ( ويخطب الإمام اليوم السابع من ذي الحجة بعد الظهر بمكة ، ويأمر الناس بالغدو من الغد إلى منى ، وهي إحدى الخطب الأربع المسنونة في الحج ، والدليل عليه ما روى ابن عمر قال { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان قبل يوم التروية بيوم خطب الناس وأخبرهم بمناسكهم } ويخرج إلى منى في اليوم الثامن ويصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء ، ويبيت بها إلى أن يصلي الصبح لما روى ابن عباس رضي الله عنهما { أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوم التروية بمنى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والغداة } فإذا طلعت الشمس سار إلى الموقف ، لما روى جابر رضي الله عنه قال { ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس ثم ركب فأمر بقبة من شعر أن تضرب له بنمرة فنزل بها } فإذا زالت الشمس خطب الإمام ، وهي الخطبة الثانية من الخطب الأربع ، فيخطب خطبة خفيفة ويجلس ثم يقوم إلى الثانية ، ويبتدئ المؤذن بالأذان حتى يكون فراغ الإمام مع فراغ المؤذن ، لما روي أن سالم بن عبد الله قال للحجاج " إن كنت تريد أن تصيب السنة فأقصر الخطبة وعجل الوقوف ، فقال ابن عمر رضي الله عنهما : صدق " ثم يصلي الظهر والعصر اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ) .


( الشرح ) أما حديث ابن عمر الأول في الخطبة قبل يوم التروية بيوم فرواه البيهقي بلفظه المذكور في المهذب وإسناده جيد . وأما حديث [ ص: 107 ] ابن عباس فصحيح رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط مسلم بمعناه وهذا لفظه : عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { الظهر يوم التروية والفجر يوم عرفة بمنى } ورواه مسلم في صحيحه من رواية جابر قال { فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى وأهلوا بالحج وركب النبي صلى الله عليه وسلم فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ، ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس وأمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة } وروى البخاري ومسلم من رواية أنس " أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر يوم التروية بمنى " وفي رواية للبخاري " الظهر والعصر " وأما حديث جابر وقوله " ثم مكث قليلا " فرواه مسلم كما ذكرنا الآن عنه . وأما حديث سالم فرواه البخاري في صحيحه بلفظه هنا . وأما حديث الجمع بين الظهر والعصر يوم عرفة ، وهو الذي أشار إليه المصنف بقوله : اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم فرواه البخاري من رواية ابن عمر ، ورواه مسلم من رواية جابر في حديثه الطويل والله أعلم .

وقوله " يوم التروية " هو بفتح التاء المثناة ، وهو اليوم الثامن من ذي الحجة سمي بذلك لأنهم كانوا يتروون بحمل الماء معهم من مكة إلى عرفات ، وسبق بيانه مرات ، ويسمى يوم التروية يوم النقلة أيضا ; لأن الناس ينتقلون فيه من مكة إلى منى . وأما " نمرة " فبفتح النون وكسر الميم ، ويجوز إسكان الميم مع فتح النون وكسرها ، فتصير ثلاثة أوجه كما سبق مرات في نظائرها ، ونمرة موضع معروف بقرب عرفات خارج الحرم بين طرف الحرم وطرف عرفات ، والله أعلم .

( أما الأحكام ) ففيها مسائل ( إحداها ) قال أصحابنا : إذا فرغ المحرم من السعي بين الصفا والمروة ، فإن كان معتمرا متمتعا أو غير متمتع ، فليحلق رأسه أو يقصره ، فإذا فعل صار حلالا تحل له النساء وكل شيء [ ص: 108 ] كان حرم عليه بالإحرام ، سواء كان متمتعا أو معتمرا غير متمتع ، سواء ساق هديا أم لا ، ولا خلاف في هذا كله عندنا ، وقد قدمت مذاهب العلماء في ذلك في الباب الأول من كتاب الحج فإن كان المعتمر متمتعا أقام بمكة حلالا يفعل ما أراد من الجماع وغيره ، فإن أراد أن يعتمر تطوعا كان له ذلك ، بل يستحب له ذلك . ويستحب له الإكثار من الاعتمار ، وقد سبقت المسألة بدلائلها ، ومذاهب العلماء فيها في الباب الأول من كتاب الحج . فإذا كان يوم التروية أحرم من مكة بالحج ، وكذا من أراد الحج من أهل مكة يحرم به يوم التروية ، سواء كان من المستوطنين بها أم الغرباء ، وقد سبق بيان هذا واضحا في باب مواقيت الحج . وإن كان الذي فرغ من السعي حاجا مفردا أو قارنا ، فإن وقع سعيه بعد طواف الإفاضة فقد فرغ من أركان الحج كلها ، وإنما بقي عليه المبيت بمنى ورمي أيام التشريق . وإن وقع سعيه بعد طواف القدوم فليمكث بمكة إلى وقت خروجهم إلى منى فإذا كان اليوم السابع من ذي الحجة خطب الإمام بعد صلاة الظهر عند الكعبة خطبة فردة ، وهي أول الخطب الأربع المشروعة في الحج ، ويأمر الناس في هذه الخطبة بأن يتأهبوا إلى الذهاب إلى منى في الغد ، وهو اليوم الثامن من ذي الحجة المسمى يوم التروية ، ويعلمهم المناسك التي بين أيديهم إلى الخطبة الثانية المشروعة يوم عرفة بنمرة ، فيذكر أن السنة أن يخرجوا غدا قبل الزوال أو بعده ، كما سنوضحه قريبا إن شاء الله تعالى إلى منى ، وأن يصلوا بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء ، ويبيتوا بها ويصلوا بها الصبح ويمكثوا حتى تطلع الشمس على ثبير ، ثم يسيروا إلى نمرة ويغتسلوا للوقوف ولا يصوموا ولا يدخلوا عرفات قبل صلاتي الظهر والعصر جمعا ، وأن يحضروا الصلاتين والخطبتين مع الإمام ويذكر لهم غير ذلك مما يحتاجون إليه ويأمر المتمتعين أن يطوفوا قبل الخروج ، وهذا الطواف مستحب لهم ليس بواجب .

[ ص: 109 ] قال الماوردي والقاضي أبو الطيب وابن الصباغ والأصحاب : فلو كان اليوم السابع يوم جمعة خطب للجمعة وصلاها ، ثم خطب هذه الخطبة لأن السنة في هذه الخطبة التأخير عن الصلاة . وشرط خطبة الجمعة تقدمها على الصلاة . فلا تدخل إحداها في الأخرى والله أعلم .

قال الماوردي : إن كان الإمام الذي خطب هذه الخطبة يوم السابع محرما افتتح الخطبة بالتلبية ، وإن كان حلالا افتتحها بالتكبير . قال : وإن كان الإمام مقيما بمكة استحب أن يحرم ويصعد المنبر محرما ثم يخطب . وهذا الذي ذكره من إحرام الإمام غريب محتمل .

( فرع ) الخطب المشروعة في الحج أربعة ( إحداهن ) يوم السابع من ذي الحجة بمكة عند الكعبة ، وقد ذكرناها قريبا واضحة ( الثانية ) يوم عرفة بقرب عرفات ( الثالثة ) بمنى ( الرابعة ) يوم النفر الأول بمنى أيضا ، وهو الثاني من أيام التشريق قال أصحابنا : ويذكر لهم في كل واحدة من هذه الخطب ما بين أيديهم من المناسك وأحكامها ، وما يتعلق بها إلى الخطبة الأخرى . قال الشافعي : وإن كان الذي يخطب فقيها قال : هل من سائل ؟ قال أصحابنا : وكل هذه الخطب الأربع أفراد وبعد صلاة الظهر إلا التي بعرفات ، فإنهما خطبتان وقبل صلاة الظهر وبعد الزوال ، وسيأتي إيضاحهن في موضعهن إن شاء الله تعالى .

( فرع ) أيام المناسك سبعة ( أولها ) بعد الزوال السابع من ذي الحجة ، وآخرها بعد الزوال الثالث عشر منه وهو آخر أيام التشريق ، فالسابع لا يعرف له اسم مخصوص ، والثامن يسمى يوم التروية كما سبق ، والتاسع يوم عرفة ، والعاشر يوم النحر ، والحادي عشر يوم القر - بفتح القاف وتشديد الراء - سمي بذلك لأنهم يقرون فيه بمنى أو يقيمون مطمئنين ، والثاني عشر يوم النفر الأول ، والثالث عشر يوم النفر الثاني وأما قول الصيمري والماوردي وصاحب البيان : إن الناس اختلفوا [ ص: 110 ] في تسمية الثامن يوم التروية ، فقيل لأنهم يتروون الماء كما قدمناه ، وقيل لأن آدم رأى فيه حواء ، وقيل لأن جبريل أرى فيه إبراهيم المناسك فكلام فاسد ونقل عجيب ، والصواب ما قدمناه .

( فرع ) السنة للخليفة إذا لم يحضر الحج بنفسه أن ينصب أميرا على الحجيج يقيم لهم المناسك ويطيعونه فيما ينوبهم . وسيأتي في آخر هذا الباب إن شاء الله تعالى فصل حسن في صفات هذا الأمر وشروطه وأحكامه وما يتعلق بولايته ، ودليل ما ذكرناه الأحاديث الصحيحة ، فقد فتحت مكة سنة ثمان من الهجرة في رمضان " فولى رسول الله صلى الله عليه وسلم عتاب بن أسيد مكة ، وأقام المناسك للناس تلك السنة ، ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم في السنة التاسعة أبا بكر الصديق رضي الله عنه على الحج ، فحج بالناس وحج رسول الله صلى الله عليه وسلم في السنة العاشرة حجة الوداع ، ثم استمر الخلفاء الراشدون على الحج بالناس " . وإذا لم يحضروا استنابوا أميرا ، وولي عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخلافة عشر سنين حجهن كلهن ، وقيل حج تسع سنين منها ، والله أعلم .

( المسألة الثانية ) السنة أن يخرج الإمام أو نائبه والحجيج إلى منى في اليوم الثامن من ذي الحجة . قال الشافعي والأصحاب : ويكون خروجهم بعد صلاة الصبح بمكة بحيث يصلون الظهر في أول وقتها بمنى . هذا هو الصحيح المشهور من نصوص الشافعي والأصحاب . وفيه قول ضعيف أنهم يصلون الظهر بمكة ثم يخرجون . وقال الشيخ أبو حامد في تعليقه : قال الشافعي : يأمرهم بالغدو إلى منى وقال الشافعي في موضع آخر : يأمرهم بالرواح . قال أبو حنيفة : وكل هذا قريب إلا أنهم يصلون الظهر بمنى ، وذكر صاحب البيان هذين النصين للشافعي ثم قال : وليست على قولين ، بل هم مخيرون بين أن يغدوا بكرة وبين أن يروحوا بعد الزوال ، قال : وهذا الثاني أولى . هذا كلامه وليس كما قال .

[ ص: 111 ] وقال صاحب الحاوي : إذا زالت الشمس في اليوم الثامن خرج إلى منى ولم يصل الظهر بمكة وإن خرج قبل الزوال جاز ، فحصل خلاف في وقت استحباب الخروج ( المذهب ) أنه بعد الصبح . قال أصحابنا : فإن كان يوم جمعة خرجوا قبل طلوع الفجر ; لأن السفر يوم الجمعة بعد الفجر وقبل الزوال إلى حيث لا تصلى الجمعة حرام في أصح القولين ومكروه في الآخر ، فينبغي الاحتراز منه بالخروج قبل الفجر ; لأنهم لا يصلون الجمعة بمنى ولا بعرفات " لأن من شروط الجمعة دار الإقامة . قال الشافعي والأصحاب : فإن بني بها قرية واستوطنها أربعون من أهل الكمال أقاموا الجمعة وصلاها معهم الحجيج . قال القاضي أبو الطيب في تعليقه : وإذا كان يوم جمعة استخلف الإمام من يصلي الجمعة بالناس بمكة ، وسار هو إلى منى فصلى بها الظهر . هذا كلام القاضي . وقال المتولي : ولو تركوا الخروج أول النهار ، وصلوا الجمعة في وقتها بمكة كان أولى لأنها فرض والخروج إلى منى مستحب ، وهذا خلاف ما قال القاضي أبو الطيب ، وخلاف مقتضى كلام الجمهور ، والله أعلم

( فرع ) قال الشافعي والأصحاب : يستحب لمن أحرم من مكة وأراد الخروج إلى عرفات أن يطوف بالبيت ويصلي ركعتين ثم يخرج نص عليه الشافعي في البويطي ، واتفق الأصحاب عليه ، ونقله الشيخ أبو حامد عن نصه في البويطي ثم قال : وهذا يتصور في صورتين ، وهما المتمتع والمكي إذا أحرما بالحج من مكة

( الثالثة ) إذا خرجوا يوم التروية إلى منى فالسنة أن يصلوا بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح كما ذكرناه من الأحاديث الصحيحة وهذا لا خلاف فيه والسنة أن يبيتوا بمنى ليلة التاسع ، وهذا المبيت سنة ليس بركن ولا واجب فلو تركه فلا شيء عليه لكن فاتته الفضيلة . وهذا الذي ذكرناه من كونه سنة لا خلاف فيه . وأما قول القاضي أبي الطيب في تعليقه وصاحب الشامل وإمام الحرمين [ ص: 112 ] والغزالي والمتولي إنه ليس بنسك فمرادهم ليس بواجب ولم يريدوا أنه لا فضيلة فيه والله تعالى أعلم .

( الرابعة ) قال الشافعي والأصحاب : فإذا بات بمنى ليلة التاسع وصلى بها الصبح فالسنة أن يمكث بها حتى تطلع الشمس على ثبير بفتح الثاء المثلثة وكسر الباء الموحدة - وهو جبل معروف هناك ، فإذا طلعت عليه سار متوجها إلى عرفات . قال بعض العلماء يستحب أن يقول في مسيره هذا ( اللهم إليك توجهت ولوجهك الكريم أردت ، فاجعل ذنبي مغفورا ، وحجي مبرورا ، وارحمني ولا تخيبني ، إنك على ذلك وعلى كل شيء قدير ) ويستحب أن يكثر من التلبية . قال الماوردي في كتابه الحاوي . قال الشافعي : واختار أن يسلك الطريق التي سلكها رسول الله صلى الله عليه وسلم في غدوه إلى عرفات ، وهي من مزدلفة في أصل المأزمين على يمين الذاهب إلى عرفات ، يقال له طريق ضب . هذا كلام الماوردي في الحاوي . وقال في كتابه الأحكام السلطانية : يستحب أن يسير على طريق ضب ويعود على طريق المأزمين اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم وليكون عائدا في طريق غير التي ذهب فيها كالعيد . وذكر الأزرقي نحو هذا . قال الأزرقي : وطريق ضب طريق مختصر من المزدلفة إلى عرفة وهو في أصل المأزمين عن يمينك وأنت ذاهب إلى عرفة . وأما قول القاضي حسين في تعليقه : يستحب أن يسلك في ذهابه من منى إلى عرفات طريق المأزمين لأنه طريق الأئمة فهو متأول على ما ذكره الماوردي والأزرقي والله أعلم .

قال أصحابنا : ويسيرون ملبين ذاكرين الله لحديث محمد بن [ ص: 113 ] أبي بكر الثقفي أنه { سأل أنس بن مالك وهما غاديان من منى إلى عرفة : كيف كنتم تصنعون في هذا اليوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : كان يهل المهل منا فلا ينكر عليه ويكبر المكبر منا فلا ينكر عليه } رواه البخاري ومسلم ، وفي رواية للبخاري وذكرها في صلاة العيد { كان يلبي الملبي لا ينكر عليه ويكبر المكبر لا ينكر عليه } وهو بمعنى الرواية الأولى . وعن ابن عمر قال { غدونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من منى إلى عرفات منا الملبي ومنا المكبر } رواه مسلم ( الخامسة ) قال أصحابنا : يستحب إذا وصلوا نمرة أن تضرب بها قبة الإمام ومن كان له قبة ضربها اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم قال الماوردي : ويستحب أن ينزل بنمرة حيث نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منزل الخلفاء اليوم ، وهو إلى الصخرة الساقطة بأصل الجبل على يمين الذاهب ، إلى عرفات ، وكذا روى الأرزقي في هذا التقييد عن عطاء ، قال الأرزقي وغيره : نمرة عند الجبل الذي عليه أنصاف الحرم عن يمينك إذا خرجت من مأزمي عرفات تريد الموقف . قال أصحابنا : [ ص: 114 ] ولا يدخل عرفات إلا في وقت الوقوف بعد الزوال وبعد صلاة الظهر والعصر مجموعتين ، كما سنوضحه إن شاء الله تعالى .

وأما ما يفعله معظم الناس في هذه الأزمان من دخولهم أرض عرفات قبل وقت الوقوف فخطأ وبدعة ومنابذة للسنة . والصواب أن يمكثوا بنمرة حتى تزول الشمس ويغتسلوا بها للوقوف

فإذا زالت الشمس ذهب الإمام والناس إلى المسجد المسمى مسجد إبراهيم صلى الله عليه وسلم ويخطب الإمام فيه قبل صلاة الظهر خطبتين كما قدمنا بيانه ، يبين لهم في الأولى منهما كيفية الوقوف وشرطه وآدابه ، ومتى الدفع من عرفات إلى مزدلفة ؟ وغير ذلك من المناسك التي بين أيديهم إلى الخطبة التي تكون بمنى يوم النحر بعد الزوال ، وهذه المناسك التي يذكرها في خطبة عرفة هي معظم المناسك ، ويحرضهم فيها على إكثار الدعاء والتهليل وغيرهما من الأذكار والتلبية في الموقف ، ويخفف هذه الخطبة ، لكن لا يبلغ تخفيفها تخفيف الثانية . قال الماوردي : قال الشافعي : وأقل ما عليه في ذلك أن يعلمهم ما يلزمهم من هذه الخطبة إلى الخطبة الآتية ، قال : فإن كان فقيها قال : هل من سائل ؟ وإن لم يكن فقيها لم يتعرض للسؤال . قال أصحابنا : فإذا فرغ من هذه الخطبة جلس للاستراحة قدر قراءة سورة الإخلاص ، ثم يقوم إلى الخطبة الثانية ويخففها جدا ، ويأخذ المؤذن في الأذان مع شروع الإمام في هذه الخطبة الثانية ، بحيث يفرغ منها مع فراغ المؤذن من الأذان .

هذا هو المشهور ، وحكاه ابن المنذر عن الشافعي ، وبه قطع الماوردي والقاضي أبو الطيب وأبو علي البندنيجي والمحاملي والمصنف في التنبيه والبغوي . وقال الفوراني والمتولي وطائفة قليلة : يفرغ مع فراغه من الإقامة . قال الماوردي وغيره : ويستحب أن يخطب على منبر إن وجد ، [ ص: 115 ] وإلا فعلى مرتفع من الأرض أو على بعير ، واستدلوا له بحديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم { ضربت له القبة بنمرة فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له ، فأتى بطن الوادي فخطب الناس } رواه مسلم . قوله " فرحلت " بتخفيف الحاء ، أي جعل الرحل عليها

( السادسة ) قال الشافعي والأصحاب : السنة إذا فرغ من الخطبتين أن ينزل فيصلي بالناس الظهر ثم العصر جامعا بينهما ، وقد سبق بيان صفة الجمع وشروطه في باب صلاة المسافرين ، ودليل استحباب الجمع ما قدمته قريبا في أول هذا الفصل من الأحاديث الصحيحة ، ويكون هذا الجمع بأذان للأولى ، وإقامتين ، لكل صلاة إقامة ، كما قررناه في باب الأذان إذا جمع في وقت الأولى .

قال الشافعي والأصحاب : ويسر القراءة . وهذا لا خلاف فيه عندنا ، وقال أبو حنيفة : يجهر كالجمعة . دليلنا أنه لم ينقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الجهر ، فظاهر الحال الإسرار ، وهل هذا الجمع بسبب النسك أم بسبب السفر فيه وجهان مشهوران في كتب الخراسانيين ( أحدهما ) بسبب النسك ، فيجوز الجمع لكل أحد هناك ، سواء كان من أهل مكة أو عرفات أو المزدلفة أو غيرهم أو مسافرا ، وبهذا قطع الصيمري والماوردي في الحاوي .

( والوجه الثاني ) أنه بسبب السفر ، فعلى هذا من كان سفره طويلا جمع ومن كان قصيرا كالمكي وغيره ممن هو دون مرحلتين ، ففي جواز الجمع له القولان المشهوران في الجمع في السفر القصير ( الأصح ) الجديد لا يجوز ( والقديم ) جوازه . وبهذا الوجه قطع الشيخ أبو حامد والقاضي أبو الطيب وابن الصباغ وآخرون . واحتج من قال بالجواز بأن النبي صلى الله عليه وسلم " جمع بين الظهر والعصر بنمرة وبين المغرب والعشاء بالمزدلفة ، ومعه حينئذ أهل مكة وغيرهم " وأجاب القاضي أبو الطيب وغيره بأن [ ص: 116 ] الأصح أنه لم يثبت أن أهل مكة ومن في معناهم جمعوا : والله أعلم . وأما القصر فلا يجوز إلا لمن كان سفره طويلا ، وهو مرحلتان ، وهذا لا خلاف فيه عندنا . قال أصحابنا : فإذا كان الإمام مسافرا استحب له القصر بالناس ، فإذا سلم قال : يا أهل مكة ومن سفره قصير أتموا فإنا قوم سفر ، وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قصر الظهر والعصر في هذا الموضع ، والله أعلم .

قال أصحابنا : فيجوز للإمام المسافر أن يقصر الصلاتين ويجمعهما في وقت الظهر كما ذكرنا ، ويجوز أن يقصرهما ويجمعهما في وقت العصر ، ويجوز أن يقصرهما ولا يجمعهما ، بل يصلي كل واحدة في وقتها ، ويجوز أن يجمعهما ولا يقصرهما بل يتمهما ، ويجوز أن يتم إحداهما ويقصر الأخرى . هذا كله جائز بلا خلاف عندنا كسائر صلوات السفر ، لكن الأفضل والسنة جمعهما في أول وقت الظهر مقصورتين والله أعلم .

قال الشافعي والأصحاب : فلو فات إنسانا من الحجيج الصلاة مع الإمام جاز له الجمع والقصر في صلاته وحده ، إن كان مسافرا كسائر صلوات السفر ، وسنذكر فيه مذهب أبي حنيفة إن شاء الله تعالى . قال أصحابنا : فإن كان مكيا ونحوه ممن سفره دون مسافة القصر ، فلا يجوز له القصر ولا الجمع إلا إذا قلنا بالضعيف إنه يجوز الجمع في السفر القصير . قال أصحابنا : ولو جمع بعض الناس قبل الإمام منفردا أو في جماعة أخرى ، أو صلى إحدى الصلاتين مع الإمام والأخرى منفردا جمعا وقصرا جاز بشرطه ، وكذلك القول في الجمع بين المغرب والعشاء بمزدلفة ، ولكن السنة صلاتهما مع الإمام والله أعلم .

وإذا كان الإمام مسافرا وصلى بهم قصرا وجمعا لزمه نية القصر والجمع ، كما سبق في باب صلاة المسافر . وأما المأمومون فيلزمهم نية القصر بلا خلاف عندنا ، وهل يلزمهم نية الجمع ؟ فيه وجهان حكاهما صاحب الحاوي ( أصحهما ) يلزمهم نية [ ص: 117 ] الجمع ، كما يلزمهم نية الجمع في غير عرفات . فعلى هذا يوصي بعضهم بعضا بذلك ، ويعلم عالمهم بذلك جاهلهم ( والثاني ) لا يلزمهم لأن الموضع موضع . . . وللمشقة في إعلام جميعهم ، ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع هناك من غير أن ينادي بالجمع ، ولا أخبرهم بأن نيته واجبة ، وقد كان فيهم من هو قريب العهد بالإسلام ومن لا يعلم وجوب هذه النية . ومن قال بالأول قال : هذا كله ينتقض بنية القصر ، قد اتفقنا على وجوبها مع وجود هذه الأمور فيها ، والله أعلم .

( فرع ) قال الشافعي والأصحاب : إذا دخل الحجاج مكة ونووا أن يقيموا بها أربعا ، لزمهم إتمام الصلاة ، فإذا خرجوا يوم التروية إلى منى ، ونووا الذهاب إلى أوطانهم عند فراغ مناسكهم ، كان لهم القصر من حين خرجوا لأنهم أنشئوا سفرا تقصر فيه الصلاة .

( فرع ) ويسن له فعل السنن الراتبة للظهر والعصر ، كما يسن لغيره من الجامعين القاصرين وقد سبق بيان هذا في صلاة المسافر وفي صلاة التطوع ، فيصلي أولا سنة الظهر التي قبلها ، ثم يصلي الظهر ، ثم العصر ، ثم سنة الظهر التي بعدها ثم سنة العصر . قال الشافعي والأصحاب : ولا يتنفلون بعد الصلاتين بغير السنن الراتبة ، بل يبادرون بتعجيل الوقوف . وحكى ابن كج والرافعي وجها أنه لا بأس بتنفل المأموم بعد الصلاتين بغير السنن الرواتب ، بخلاف الإمام فإنه لا يتنفل بغير الرواتب قطعا لأنه متبرع ، والمذهب الأول

( فرع ) قال الشافعي والأصحاب : لو وافق يوم عرفة يوم الجمعة لم يصلوا الجمعة هناك ; لأن من شرطها دار الإقامة ، وأن يصليها مستوطنون ، وقد سبق أن الشافعي والأصحاب قالوا : لو بني بها قرية [ ص: 118 ] واستوطنها أربعون كاملون صليت بها الجمعة ولم يصل النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة بعرفات مع أنه ثبت في الصحيحين من رواية عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يوم عرفة الذي وقف فيه النبي صلى الله عليه وسلم كان يوم جمعة . والله أعلم .

( فرع ) في مذاهب العلماء في مسائل تتعلق بالفصل .

( إحداها ) ذكرنا أن مذهبنا أنه يستحب في الحج أربع خطب ، وهي يوم السابع بمكة من ذي الحجة ، ويوم عرفة بمسجد إبراهيم ، ويوم النحر بمنى ، ويوم النفر الأول بمنى أيضا ، وبه قال داود . وقال مالك وأبو حنيفة : خطب الحج ثلاث . يوم السابع والتاسع ، ويوم النفر الثاني ، قالا : ولا خطبة في يوم النحر . وقال أحمد " ليس في السابع خطبة " وقال زفر خطب الحج ثلاث ، يوم الثامن ، ويوم عرفة ، ويوم النحر . ولقد ذكرنا دليلنا في خطبة السابع ، وخطبة يوم عرفة .

وأما خطبة يوم النحر ففيها أحاديث صحيحة ( منها ) حديث عبد الله بن عمرو بن العاص { أن النبي صلى الله عليه وسلم بينما هو يخطب يوم النحر فقام إليه رجل فقال : كنت أحسب يا رسول الله كذا وكذا قبل كذا وكذا . ثم جاء آخر فقال يا رسول الله كنت أحسب أن كذا وكذا قبل كذا لهؤلاء الثلاث ، قال : افعل ولا حرج } رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما ، يعني بالثلاث الرمي يوم النحر والحلق ونحر الهدي . وعن أبي بكرة قال { خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر فقال : أي يوم هذا } ؟ وذكر الحديث في خطبته صلى الله عليه وسلم يوم النحر بمنى ، وبيانه تحريم الدماء والأعراض والأموال " رواه البخاري ومسلم . وعن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس يوم النحر فقال { يا أيها الناس أي يوم هذا ؟ قالوا : يوم حرام ، قال : فأي بلد [ ص: 119 ] هذا ؟ قالوا : بلد حرام ؟ قال : فأي شهر هذا ؟ قالوا : شهر حرام ، قال فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام ، كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا ، فأعادها مرارا ثم رفع رأسه فقال : اللهم قد بلغت ، اللهم قد بلغت } . وذكر تمام الحديث " رواه البخاري . وعن ابن عمر قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم بمنى { أتدرون أي يوم هذا ؟ قالوا الله ورسوله أعلم ، قال فإن هذا يوم حرام ، وذكر الحديث } رواه البخاري . وعن أم الحصين قالت { حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع فرأيته حين رمى جمرة العقبة وانصرف وهو على راحلته ومعه بلال وأسامة أحدهما يقود به راحلته ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا كثيرا ثم سمعته يقول إن أمر عليكم عبد مجدع يقودكم بكتاب الله فاسمعوا له وأطيعوا } رواه مسلم . وعن الهرماس بن زياد الصحابي ابن الصحابي قال { رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب على ناقته العضباء يوم الأضحى بمنى } رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط مسلم ، ورواه النسائي والبيهقي أيضا بإسناد آخر صحيح ، ولفظه { رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وأنا صبي أردفني أبي ، يخطب الناس بمنى يوم الأضحى على راحلته } وعن أبي أمامة قال { سمعت خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى يوم النحر } رواه أبو داود بإسناد حسن ورواه الترمذي لكن لفظه { سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب في حجة الوداع } وقال حديث حسن صحيح . وعن رافع بن عمرو المزني رضي الله عنه قال { رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب الناس بمنى حين ارتفع الضحى على بغلة شهباء ، وعلي رضي الله عنه يعبر عنه ، والناس بين قائم وقاعد } رواه أبو داود بإسناد حسن والنسائي بإسناد صحيح ، وفي المسألة أحاديث كثيرة غير ما ذكرته ، والله أعلم .

وأما خطبة اليوم الثاني من أيام التشريق ففيها حديث عبد الله بن أبي [ ص: 120 ] نجيح عن أبيه عن رجلين من بني بكر قالا { رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب أيام التشريق ونحن عند راحلته ، وهي خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي خطب بمنى } رواه أبو داود بإسناد صحيح . وعن سراء بنت نبهان الصحابية رضي الله عنها وهي بضم السين المهملة وتشديد الراء ، وبالإمالة قالت { خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الرءوس فقال : أي يوم هذا ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم ، قال : أليس أوسط أيام التشريق } رواه أبو داود بإسناد حسن ولم يضعفه . وعن ابن عمر قال : { أنزلت هذه السورة { إذا جاء نصر الله والفتح } على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وسط أيام التشريق ، وعرف أنه الوداع ، فأمر براحلته القصواء فرحلت له فركب فوقف بالعقبة واجتمع الناس ، فقال يا أيها الناس ، فذكر الحديث في خطبته } رواه البيهقي بإسناد ضعيف والله أعلم ، ولم ينقل في الخطبة في اليوم الثالث من أيام التشريق شيء ، والله أعلم .

( الشرح ) مذهبنا أن في خطبة عرفات يخطب الخطبة الأولى قبل الأذان ثم يشرع الإمام في الخطبة الثانية مع شروع المؤذن في الأذان كما سبق ، قال أبو حنيفة : يؤذن قبل الخطبة كالجمعة ، واحتج أصحابنا بحديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب يوم عرفة وقال { إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم إلى آخر خطبتيه ، قال : ثم أذن ثم أقام فصلى الظهر ، ثم أقام فصلى العصر ، ولم يصل بينهما شيئا ، ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الموقف } رواه مسلم بهذه الحروف . وفي رواية للشافعي والبيهقي عن إبراهيم بن محمد بن يحيى عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم { أنه راح إلى الموقف فخطب الناس الخطبة الأولى ثم أذن بلال ، ثم أخذ النبي صلى الله عليه وسلم في الخطبة الثانية . ففرغ من الخطبة الثانية وبلال من الأذان ، [ ص: 121 ] ثم أقام بلال فصلى الظهر ، ثم أقام فصلى العصر } قال البيهقي : تفرد بهذا إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى ( قلت ) وهو ضعيف لا يحتج به ، إنما ذكرته لأبين حال حديثه هذا ، والمعتمد رواية مسلم . والله تعالى أعلم .

( فرع ) مذهبنا ومذهب الجمهور أنه إذا كان الإمام مسافرا فصلى بهم الظهر والعصر يوم عرفة قاصرا قصر خلفه المسافرون سفرا طويلا ولزم المقيمين الإتمام وقال مالك : يجوز للجميع القصر ، واحتج بما نقلوه عن ابن عمر أنه دخل مكة فأتم الصلاة ثم قصر لما خرج إلى منى ، دليلنا ما سبق في اشتراط مسافة القصر مطلقا ، وأما ابن عمر فكان مسافرا ، له القصر ، فقصر في موضع وأتم في موضع ، وذلك جائز .

واحتج مالك في الموطأ بما رواه بإسناده الصحيح ( أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما قدم مكة صلى بهم ركعتين ثم انصرف ، فقال : يا أهل مكة أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر ، ثم صلى عمر ركعتين بمنى ، ولم يبلغني أنه قال لهم شيئا ) هذا ما ذكره في الموطأ ، وهو دليل لنا لا له ; لأنه يحتمل أنه قاله أيضا في منى ، ولم يبلغ مالكا ويحتمل أنه تركه اكتفاء بقوله في مكة ، إذ لا فرق بينهما في حق أهل مكة

( فرع ) مذهبنا أنه يؤذن للظهر ولا يؤذن للعصر إذا جمعهما في وقت الظهر عند عرفات ، وبه قال أبو حنيفة وأبو ثور وابن المنذر ، ونقل الطحاوي الإجماع على هذا لكن قال مالك : يؤذن لكل منهما ويقيم ، وقال أحمد وإسحاق يقيم لكل منهما ولا يؤذن لواحدة منهما . دليلنا حديث جابر السابق قريبا والله أعلم .

( فرع ) أجمعت الأمة على أن للحاج أن يجمع بين الظهر والعصر إذا صلى مع الإمام ، فلو فات بعضهم الصلاة مع الإمام جاز له أن يصليهما منفردا جامعا بينهما عندنا ، وبه قال أحمد وجمهور العلماء ، وقال أبو حنيفة : [ ص: 122 ] لا يجوز ، ووافقنا على أن الإمام لو حضر ولم يحضر معه للصلاة أحد جاز له الجمع ، وعلى أن المأموم لو فاته الصلاتان بالمزدلفة مع الإمام جاز له أن يصليهما منفردا جامعا ، فاحتج أصحابنا عليه بما وافق عليه ، والله أعلم .

( فرع ) قد ذكرنا أن مذهبنا أنه يسن الإسرار بالقراءة في صلاتي الظهر والعصر بعرفات ، ونقل ابن المنذر إجماع العلماء عليه ، قال : وممن حفظ ذلك عنه طاوس ومجاهد والزهري ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأبو حنيفة هذا كلام ابن المنذر . ونقل أصحابنا عن أبي حنيفة الجهر كالجمعة ، وقد سبق دليلنا

( فرع ) قد ذكرنا أن مذهبنا أن السنة أن يصلي الظهر يوم التروية بمنى ، وبه قال جمهور العلماء ، منهم الثوري ومالك وأبو حنيفة وأحمد وإسحاق وأبو ثور قال ابن المنذر : وقال ابن عباس : إذا زاغت الشمس فليخرج إلى منى ، قال وصلى ابن الزبير الظهر بمكة يوم التروية وتأخرت عائشة يوم التروية حتى ذهب ثلث الليل ، قال : وأجمعوا على أن من ترك المبيت بمنى ليلة عرفة لا شيء عليه ، قال : وأجمعوا على أنه ينزل من منى حيث شاء ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية