صفحة جزء
قال المصنف - رحمه الله تعالى - ( وإن كان له ذؤابة قد نزلت عن الرأس فمسح النازل منها عن الرأس لم يجزئه ; لأنه لا يقع عليه اسم الرأس ، وإن كان له شعر مسترسل عن منبته ولم ينزل عن محل الفرض فمسح أطرافه أجزأه ; لأن اسم الرأس يتناوله ، ومن أصحابنا من قال : لا يجزئه لأنه مسح على شعر في غير منبته فهو كطرف الذؤابة وليس بشيء ) .


[ ص: 437 ] الشرح ) الذؤابة بضم الذال وبعدها همزة وهي الشعر المضفور على جهة القفا . وجمعها ذوائب . وإذا مسح على شعر نازل عن محل الفرض لم يجزئه . نص عليه الشافعي - رحمه الله في الأم ، واتفق عليه الأصحاب ، وقد ذكر المصنف دليله ، ولو عقص أطراف شعره المسترسل الخارج عن محل الفرض وشده في وسط رأسه ومسحه لم يجزئه ، نص عليه في الأم واتفقوا عليه ، فإن قيل : ما الفرق بينه وبين التقصير في الحج فإنه يجوز من الشعر النازل عن محل الفرض ؟ فالجواب ما أجاب به الشيخ أبو حامد في آخر مسألة اللحية المسترسلة وقاله غيره من أصحابنا أن الفرض في المسح متعلق بالرأس ، والرأس ما ترأس وعلا ، وما نزل عن محل الفرض لا يسمى رأسا ، والفرض في الحلق والتقصير متعلق بالشعر بدليل أنه لو لم يكن على رأسه شعر سقط عنه الفرض بخلاف المسح ، وإذا كان الفرض ، متعلقا بالشعر فهو وإن طال يسمى شعر الرأس . أما إذا مسح على شعر مسترسل خرج عن منبته ولم يخرج عن محل الفرض فوجهان ، الصحيح منهما باتفاق الأصحاب أنه يجزئه . والثاني : لا يجزئه ، وهو ظاهر نصه في الأم فإنه قال : لو مسح بشيء من الشعر على منابت الرأس قد أزيل عن منبته لم يجزئه ، لأنه شعر على غير منبته فهو كالعمامة ، هذا نصه ، وتأوله الشيخ أبو حامد والمحاملي على ما إذا كان الشعر مسترسلا خارجا عن محل الفرض فعقصه في وسط رأسه وهذا تأويل ظاهر . واعلم أن مسألة الوجهين في شعر خرج عن منبته ولكن بحيث لو مد لم يخرج عن محل الفرض ، فإن كان متجعدا بحيث لو مد موضع المسح لخرج عن محل الفرض فقال الجمهور : لا يجوز المسح عليه وجها واحدا ، ممن قطع بذلك أبو محمد الجويني في الفروق وولده إمام الحرمين والغزالي والمتولي وجماعات وحكى القاضي حسين فيه وجها وهو شاذ ضعيف فإنه كمسألة المعقوص في وسط الرأس والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية