صفحة جزء
قال المصنف رحمه الله تعالى ( إذا أحرم وشرط التحلل لغرض صحيح مثل أن يشترط أنه إذا مرض تحلل ، أو إذا ضاعت نفقته تحلل . ففيه طريقان ( أحدهما ) أنه على قولين ( أحدهما ) لا يثبت الشرط ، لأنه عبادة لا يجوز الخروج منها بغير عذر ، فلم يجز الخروج منها بالشرط كالصلاة المفروضة ( والثاني ) أنه يثبت الشرط ، لما روى ابن عباس { أن ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب قالت : يا رسول الله إني امرأة ثقيلة . وإني أريد الحج ، فكيف تأمرني أن أهل قال أهلي واشترطي [ ص: 317 ] أن محلي حيث حبستني } فدل على جواز الشرط ( ومنهم ) من قال : يصح الشرط قولا واحدا لأنه علق أحد القولين على صحة حديث ضباعة [ وقد صح حديث ضباعة ] فعلى هذا إذا شرط أنه إذا مرض تحلل لم يتحلل إلا بالهدي . وإن شرط أنه إذا مرض صار حلالا فمرض ، صار حلالا . ومن أصحابنا من قال : لا يتحلل إلا بالهدي ، لأن مطلق كلام الأمي يحمل على ما تقرر في الشرع ، والذي تقرر في الشرع أنه لا يتحلل إلا بالهدي ، فأما شرط أنه يخرج منه إذا شاء أو يجامع فيه إذا شاء ، فلا يجوز له ، لأنه خروج من غير عذر ، فلم يصح شرطه ) .


( الشرح ) حديث ضباعة رواه البخاري ومسلم وتقدمت طرقه ، وبيان ما يتعلق به مع بيان الأحاديث والآثار الواردة في المسألة مع بيان الفصل جميعا وبسطناها واضحة في فصل إحصار الغريم والمريض ، ويحصل مما قررناه هناك ، أن قول المصنف لم يتحلل إلا بالهدي اختيار منه للضعيف من القولين ( الأصح ) أنه لا دم ، هذا إذا أطلق أنه يتحلل ، أما إذا قال : أتحلل بالهدي لزمه بلا خلاف وإن قال : أتحلل بلا هدي ، فلا يلزمه بلا خلاف كما سبق إيضاحه هناك .

( وقوله ) لأنه عبادة لا يجوز الخروج منها بغير عذر احتراز من صلاة التطوع وصومه ( وقوله ) كالصلاة المفروضة تصريح منه بما هو . مذهب الشافعي وجميع أصحابه أنه لا يجوز لمن دخل في صلاة مفروضة مؤداة في أول وقتها أو مقضية أو صوم واجب بقضاء أو نذر أو كفارة الخروج بلا عذر ، وإن كان الوقت واسعا وقد سبقت المسألة واضحة في باب التيمم ، وفي آخر باب مواقيت الصلاة وآخر كتاب الصيام . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية