صفحة جزء
قال المصنف رحمه الله تعالى ( ويجوز أن ينتفع بجلدها فيصنع منه النعال والخفاف والفراء لما روت عائشة رضي الله عنها قالت { دف ناس من أهل البادية حضرة الأضحى في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ادخروا الثلث وتصدقوا بما بقي ، فلما كان بعد ذلك قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله لقد كان الناس ينتفعون من ضحاياهم ويجملون منها الودك ويتخذون منها الأسقية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وما ذاك ؟ قالوا : يا رسول الله نهيت عن إمساك لحوم الأضاحي بعد ثلاث ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما نهيتكم من أجل الدافة فكلوا وتصدقوا وادخروا } فدل على أن يجوز اتخاذ الأسقية منها ) .


( الشرح ) حديث عائشة رواه مسلم بحروفه ، والفراء معروفة ، وهي [ ص: 399 ] بالمد جمع فرو ، ويقال : فروة بالهاء لغتان الفصيح بلا هاء ( وقوله ) دف بالفاء أي جاء قال أهل اللغة : الدافة قوم يسيرون جماعة سيرا ليس بالشديد ، يقال : هم يدفون دفيفا ( والبادية ) والبدو بمعنى ، وهو مأخوذ من البدو ، وهو الظهور ( قولها ) حضرة هو - بنصب التاء - أي في وقت حضور الأضحى ، ويجوز فتح الحاء وكسرها وضمها ثلاث لغات ، ويجوز - بفتح الحاء وحذف الهاء ( قوله ) ويجملون الودك هو بالجيم ويجوز فتح الياء وضمها والفتح أفصح - قال أهل اللغة يقال : جملت اللحم أجمله بضم الميم جملا ، وأجملته واجتملته إذا أذبته ، والأول أفصح وأشهر .

( أما حكم المسألة ) فقال الشافعي والأصحاب : يجوز أن ينتفع بجلد الأضحية بجميع وجوه الانتفاع بعينه فيتخذ منه خفا أو نعلا أو دلوا أو فروا أو سقاء أو غربالا أو نحو ذلك ، وله أن يعيره ، وليس له أن يؤجره ( واعلم ) أن هذا الذي ذكرناه من جواز الانتفاع بالجلد هو في جلد أضحية ، يجوز الأكل من لحمها وهي الأضحية والهدي المتطوع بهما ، وكذا الواجب إذا جوزنا الأكل منه ، وإذا لم نجوزه وجب التصدق به كاللحم ، وممن نبه عليه الشيخ أبو حامد في تعليقه وصاحب البيان وغيرهما .

( فرع ) قال الشيخ أبو حامد والبندنيجي والأصحاب : إذا أعطى المضحي الجازر شيئا من لحم الأضحية أو جلدها ، فإن أعطاه لجزارته لم يجز ، وإن أعطاه أجرته ثم أعطاه اللحم لكونه فقيرا جاز ، كما يدفع إلى غيره من الفقراء ، والله تعالى أعلم . .

التالي السابق


الخدمات العلمية