صفحة جزء
[ ص: 435 ] قال المصنف رحمه الله تعالى ( ولا يصح النذر إلا بالقول ، وهو أن يقول : لله علي كذا ، فإن قال : علي كذا ولم يقل لله صح ; لأن التقرب لا يكون إلا لله تعالى ، فحمل الإطلاق عليه وقال في القديم : إذا أشعر بدنة أو قلدها ونوى أنها هدي أو أضحية ، صار هديا أو أضحية ، { ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم أشعر بدنة وقلدها } ولم ينقل أنه قال : إنها هدي ، فصارت هديا . وخرج أبو العباس وجها آخر أنه يصير هديا وأضحية بمجرد النية ، ومن أصحابنا من قال : إذا ذبح ونوى صار هديا وأضحية ، والصحيح هو الأول ; لأنه إزالة ملك يصح بالقول ، فلم يصح بغير القول مع القدرة عليه ، كالوقف والعتق ، ولأنه لو كتب على دار أنها وقف أو على فرس أنه في سبيل الله لم يصر وقفا فكذلك هاهنا ) .


( الشرح ) قوله : ( إزالة ملك يصح بالقول ) احتراز من تفرقة الزكاة والإطعام والكسوة في الكفارة ( وقوله ) مع القدرة احتراز من الأخرس ، وهذا القياس الذي ذكره المصنف ينتقض بوقوع الطلاق بالكتب والنية . فإنه إزالة ملك يصح بالقول ، ويصح بغير القول مع القدرة على أصح القولين ، فينبغي أن يزاد في القيود فيقال : إزالة ملك عن مال . قال أصحابنا : يصح النذر بالقول من غير نية ، كما يصح الوقف والعتق باللفظ بلا نية ، وهل يصح بالنية من غير قول أو بالإشعار أو التقليد أو الذبح مع النية ؟ فيه الخلاف الذي ذكره المصنف ( الصحيح ) باتفاق الأصحاب أنه لا يصح إلا بالقول ، ولا تنفع النية وحدها ، وقد سبقت المسألة واضحة في باب الهدي . والأكمل في صيغة النذر أن يقول مثلا : إن شفى الله مريضي فلله علي كذا ، فلو قال : فعلي هذا ولم يقل لله ، فطريقان ( المذهب ) وبه قال المصنف والجمهور صحته ، لما ذكره المصنف ( والثاني ) فيه وجهان حكاهما الرافعي وغيره ، الصحيح منهما صحة نذره ( والثاني ) لا يصح إلا بالتصريح بذكر الله تعالى ، وهو قريب من الوجه الضعيف في وجوب إضافة الوضوء والصلاة وسائر العبادات إلى الله .

[ ص: 436 ] فرع ) لو قال : إن شفى الله مريضي فلله علي كذا إن شاء الله ، أو إن شاء زيد فشفي ، لم يلزمه شيء ، وإن شاء زيد ، كما لو عقب الأيمان والطلاق والعقود بقوله : إن شاء الله فإنه لا يلزمه شيء . .

التالي السابق


الخدمات العلمية