صفحة جزء
قال المصنف - رحمه الله تعالى - ( وإن كان المبيع جارية لم يمنع البائع من وطئها ، لأنها باقية على ملكه في بعض الأقوال ويملك ردها إلى ملكه في بعض الأقوال فإذا وطئها انفسخ البيع . ولا يجوز للمشتري وطؤها لأن في أحد الأقوال لا يملكها ، وفي الثاني مراعى فلا يعلم هل يملكها أم لا ؟ وفي الثالث يملكها ملكا غير مستقر ، فإن وطئها لم يجب الحد ، وإن أحبلها ثبت نسب الولد وانعقد الولد حرا لأنه إما أن يكون في ملك أو شبهة ملك . وأما المهر وقيمة الولد وكون الجارية أم ولد فإنه يبنى على الأقوال ، فإن أجاز البائع البيع بعد وطء المشتري - وقلنا إن الملك للمشتري أو موقوف - لم يلزمه المهر ولا قيمة الولد ، وتصير الجارية أم ولد ، لأنها مملوكته ( وإن قلنا ) : إن الملك للبائع فعليه المهر ، وقال أبو إسحاق لا يلزمه كما لا تلزمه أجرة الخدمة ، والمذهب : الأول . لأنه وطئ في ملك البائع ، ويخالف الخدمة فإن الخدمة تستباح بالإباحة ، والوطء لا يستباح ، وفي قيمة الولد وجهان ( أحدهما ) لا تلزمه لأنها وضعته في ملكه والاعتبار بحال الوضع ، ألا ترى أن قيمة الولد تعتبر حال الوضع ( والثاني ) تلزمه لأن العلوق حصل في غير ملكه ، والاعتبار بحال العلوق لأنها حالة الإتلاف ، وإنما تأخر التقويم إلى حالة الوضع لأنه لا يمكن تقويمه في حال العلوق ، وهل تصير الجارية أم ولد ؟ فيه قولان كما قلنا فيمن أحبل جارية غيره بشبهة ، فأما إذا فسخ البيع وعادت إلى ملكه ( فإن قلنا ) : إن الملك للبائع أو موقوف وجب عليه المهر وقيمة الولد ، ولا تصير الجارية في الحال أم ولد ، وهل تصير أم ولد إذا ملكها ؟ فيه قولان ( وإن قلنا ) : إن الملك للمشتري لم يجب عليه المهر ، [ ص: 261 ] لأن الوطء صادف ملكه ومن أصحابنا من قال : يجب ، لأنه لم يتم ملكه عليها ، وهذا يبطل به إذا أجاز البائع البيع ، وعلى قول أبي العباس تصير أم ولد كما تعتق إذا أعتقها عنده ، وهل يرجع البائع بقيمتها أو بالثمن ؟ فيه وجهان ، وقد بينا ذلك في العتق ، وعلى المنصوص أنها لا تصير أم ولد له ، لأن حق البائع سابق فلا يسقط بإحبال المشتري ، فإن ملكها المشتري بعد ذلك صارت أم ولد ، لأنها إنما لم تصر أم ولد له في الحال لحق البائع ، فإذا ملكها صارت أم ولد .

وإن اشترى جارية فولدت في مدة الخيار بنينا على أن الحمل هل له حكم في البيع ؟ وفيه قولان ( أحدهما ) له حكم ويقابله قسط من الثمن ، وهو الصحيح لأن ما أخذ قسطا من الثمن بعد الانفصال أخذ قسطا من الثمن قبل الانفصال كاللبن ( والثاني ) لا حكم له ولا قسط له من الثمن ، لأنه يتبعها في العتق ، فلم يأخذ قسطا من الثمن كالأعضاء " فإن قلنا " إن له حكما فهو مع الأم بمنزلة العينين المبيعتين ، فإن أمضي العقد كانا للمشتري ، وإن فسخ العقد كانا للبائع ، كالعينين المبيعتين ( وإن قلنا ) لا حكم له نظرت ، فإن أمضي العقد ( وقلنا ) : إن الملك ينتقل بالعقد أو موقوف ، فهما للمشتري " وإن قلنا " : إنه يملك بالعقد وانقضاء الخيار فالولد للبائع ، فإن فسخ العقد " وقلنا " : إنه يملك بالعقد وانقضاء الخيار ، أو قلنا : إنه موقوف فالولد للبائع " وإن قلنا " : يملك بالعقد فهو للمشتري ، وقال أبو إسحاق : الولد للبائع ، لأن على هذا القول لا ينفذ عتق المشتري ، وهذا خطأ لأن العتق يفتقر إلى ملك تام ، والنماء لا يفتقر إلى ملك تام ) .


( الشرح ) هذه المسائل كلها واضحة ، وسبق شرحها في الفصل السابق ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية