صفحة جزء
قال المصنف - رحمه الله تعالى - . ويجوز بيع المعتق بصفة ، لأنه ثبت له العتق بقول السيد وحده ، فجاز بيعه كالمدبر ، وفي المكاتب قولان ( قال ) في القديم : يجوز بيعه لأن عتقه غير مستقر ، فلا يمنع من البيع ، وقال في الجديد : لا يجوز لأنه كالخارج من ملكه ولهذا لا يرجع أرش الجناية عليه إليه ، فلم يملك بيعه كما لو باعه . ولا يجوز بيع الوقف ، لما روى ابن عمر رضي الله عنه قال { أصاب عمر رضي الله عنه أرضا بخيبر فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأمره فيها فقال : إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها . قال : فتصدق بها عمر صدقة لا يباع أصلها ولا يوهب ولا يورث }


( الشرح ) حديث ابن عمر رواه البخاري ومسلم ( وقوله ) ثبت له العتق بقول السيد احتراز من فعله وهو الاستيلاد ( وقوله ) وحده احتراز من المكاتب ، وفي الفصل ثلاثة مسائل : ( إحداها ) بيع المعلق عتقه على صفة صحيح لا خلاف فيه ، لما ذكره المصنف وإنما قاسه على المدبر لأن النص ثبت في المدبر وإلا لم يقل أحد ببطلان بيع المعلق عتقه على صفة ، وسواء كانت الصفة محققة الوجود كطلوع الشمس ، أو محتملة كدخول الدار ، والله سبحانه وتعالى أعلم .

( الثانية ) بيع العين الموقوفة باطل بلا خلاف عندنا ، سواء قلنا : إن الملك فيه لله تعالى أو للموقوف عليه ، أو باق على ملك الواقف ( الثالثة ) في بيع السيد رقبة المكاتب قولان مشهوران ذكرهما [ ص: 294 ] المصنف بدليلهما ( الصحيح ) باتفاق الأصحاب ، وهو نص الشافعي في الجديد بطلانه ، وقطع به جماعة ( والقديم ) صحته ، قال أصحابنا : والقولان جاريان في الهبة ( فإن قلنا ) بالجديد فأدى المكاتب النجوم إلى المشتري فهل يعتق ؟ قال أصحابنا فيه الخلاف فيما لو باع السيد النجوم إلى المشتري فهل يعتق ؟ قال أصحابنا فيه الخلاف فيما لو باع السيد النجوم التي على المكاتب وقلنا بالمذهب : إنه لا يصح بيعه فأداها المكاتب إلى المشتري ، وللشافعي فيه نصان ( نص ) في المختصر أنه يعتق بدفعها إلى المشتري ( ونص ) في الأم أنه لا يعتق ، وللأصحاب فيه طريقان ( المذهب ) وبه قال الجمهور : إن المسألة على قولين ( أحدهما ) يعتق لأن السيد سلطة على القبض فأشبه الوكيل ( وأصحهما ) لا يعتق ، لأنه يقبض زاعما أنه يقبض لنفسه ، حتى لو تلف في يده ضمنه ، بخلاف الوكيل ، وقال أبو إسحاق المروزي : النصان على حالتين ، فإن قال بعد البيع : خذها منه أو قال للمكاتب : ادفعها إليه صار وكيلا وعتق بقبضه ، وإن اقتصر على البيع فلا ، وقيل : إن أبا إسحاق عرض هذا الفرق على شيخه أبي العباس بن سريج فلم يرتضه ولم يعبأ به ، وقال : هو وإن صرح بالإذن فإنما يأذن بحكم المعاوضة لا الوكالة .

( فإن قلنا ) لا يعتق ، فما يأخذه المشتري يسلمه إلى السيد لأنا جعلناه كوكيله ( فإن قلنا : ) لا يعتق طالب السيد المكاتب بالنجوم ، واستردها المكاتب من المشتري ، قال أصحابنا : ( وإذا قلنا ) بالجديد : إن بيع رقبة المكاتب باطل ، فاستخدمه المشتري مدة ، لزمه أجرة المثل للمكاتب ، وهل على السيد أن يمهله قدر المدة التي كان فيها في يد المشتري ؟ فيه القولان المشهوران فيما إذا استخدمه السيد أو حبسه ، والله سبحانه وتعالى أعلم .

( أما إذا قلنا ) بالقديم : وإن بيع رقبة المكاتب صحيح ، ففي حكم الكتابة ثلاثة أوجه ( الصحيح ) الذي قطع به كثيرون أن الكتابة تبقى [ ص: 295 ] وينتقل إلى المشتري مكانها ، فإذا أدى إليه النجوم عتق وكان الولاء للمشتري ، جمعا بين الحقوق ( والثاني ) يعتق بالأداء إلى المشتري ، ويكون الولاء للبائع ، ويكون انتقاله بالشري كانتقاله بالإرث ( والثالث ) تبطل الكتابة بمجرد البيع فينتقل غير مكاتب ، وهذا ضعيف جدا ، والله سبحانه أعلم .

( فرع ) لو قال أجنبي لسيد المكاتب : أعتق مكاتبك على ألف ، أو أعتقه عني على ألف ، أو مجانا فأعتقه نفذ العتق ، ولزمه الألف ، ويكون ذلك افتداء منه كاختلاع الأجنبي ، وكذا لو قال : أعتق مستولدتك . وستأتي المسألة مبسوطة مع نظائرهم في كتاب الكفارات عقيب كتاب الظهار حيث ذكرها المصنف ، إن شاء الله تعالى .

( فرع ) لا خلاف أنه لا يجوز للسيد بيع ما في يد المكاتب من الأموال كما لا يعتق عبيده ولا يزوج إماءه ، والله سبحانه وتعالى أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية