صفحة جزء
قال المصنف رحمه الله تعالى ( ولا يجوز بيع الصوف على ظهر الغنم لقول ابن عباس ، ولأنه قد يموت الحيوان قبل الجز فيتنجس شعره ، وذلك غرر من غير حاجة فلم يجز ، ولأنه لا يمكن تسليمه إلا باستئصاله من أصله ، ولا يمكن ذلك إلا بإيلام الحيوان وهذا لا يجوز ) .


( الشرح ) قوله : لقول ابن عباس يعني المذكور في الفصل قبله ، قال الشافعي والأصحاب : لا يجوز بيع الصوف على ظهر الغنم ، لما ذكره المصنف ، سواء شرط جزه في الحال أم لا ، هذا هو المذهب والمنصوص ، وبه قطع الجماهير ، وفيه وجه أنه يجوز بشرط الجز في الحال ، حكاه الرافعي ، وهو شاذ ضعيف ، ولو قبض على كفلة من الصوف وهي قطعة جمعها وقال : بعتك هذه ، صح بلا خلاف ، كذا قاله إمام الحرمين والغزالي ، كما لو باع شجرة في أرض قال الغزالي : وفيه احتمال لأنه يتغير به عين المبيع ، بخلاف الأرض ، فإنها لا تتغير بقطع الشجر وغيره .

( فرع ) اتفق أصحابنا على جواز بيع الصوف على ظهر الحيوان [ ص: 398 ] المذبوح لأن استبقاءه بكماله يمكن من غير ضرر ، بخلاف بيعه في حياة الحيوان ، وممن صرح بالمسألة البغوي في التهذيب ، ولم يذكر غير هذا ، وقال في كتابه شرح مختصر المزني : قال أصحابنا : يجوز ، قال : وعندي أنه لا يجوز بيع الرأس قبل السلخ ، والمذهب ما نقله الأصحاب .

( فرع ) اتفق أصحابنا على أنه يجوز أن يوصى باللبن في الضرع ، والصوف على ظهر الغنم ، لأن الوصية تقبل الغرر والجهالة ، وممن صرح به البغوي في كتابه التهذيب وشرح مختصر المزني وآخرون ، قال البغوي في شرح المختصر : ويجز الصوف على العادة ، قال : وما كان موجودا حال الوصية يكون للموصى له على العادة ، وما حدث يكون للوارث ، قال : ولو اختلفا في قدره فالقول قول الوارث بيمينه .

( فرع ) في مذاهب العلماء في بيع الصوف على ظهر الغنم ، ذكرنا أن مذهبنا بطلانه ، وبه قال جماهير العلماء ، نقله الروياني في البحر عن الجمهور ، وحكاه ابن المنذر عن ابن عباس وأبي حنيفة وأحمد وإسحاق وأبي ثور ، قال : وبه أقول ، وقال سعيد بن جبير وربيعة ومالك والليث بن سعد وأبو يوسف : يجوز بيعه بشرط أن يجز قريبا من وقت البيع ، كما يجوز بيع الرطب والقصيل والبقل ، واحتج أصحابنا بما ذكره المصنف ، وأجابوا عن قياسهم بأنه يمكن استثناء جميع ذلك من أصله بغير إضرار بخلاف الصوف .

التالي السابق


الخدمات العلمية