صفحة جزء
[ ص: 409 ] قال المصنف رحمه الله تعالى ( وإن كان لرجل عبدان فباع أحدهما من رجل ، والآخر من رجل آخر ، في صفقة واحدة بثمن واحد ، فإن الشافعي رحمه الله قال فيمن كاتب عبدين بمال واحد : إنه على قولين ( أحدهما ) يبطل العقد ، لأن العقد الواحد مع اثنين عقدان ، فإذا لم يعلم قدر العوض في كل واحد منهما بطل كما لو باع كل واحد منهما في صفقة بثمن مجهول ( والثاني ) يصح ، ويقسم العوض عليهما على قدر قيمتهما ، فمن أصحابنا من قال : في البيع أيضا قولان ، وهو قول أبي العباس ، قال أبو سعيد الإصطخري وأبو إسحاق : يبطل البيع قولا واحدا ، لأن البيع يفسد بفساد العوض ( والصحيح ) قول أبي العباس لأن الكتابة أيضا تفسد بفساد العوض ، وقد نص فيها على قولين ) .


( الشرح ) نص الشافعي رحمه الله على أنه إذا كاتب عبيدا بعوض واحد على قولين ( أحدهما ) صحة الكتابة ويوزع العوض عليهم بالقيمة ( والثاني ) فسادها ونص على أنه لو اشترى عبيدا من مالكيهم أو وكيلهم ولكل واحد عبد معين فاشتراهم بثمن واحد أن البيع باطل ، ونص أنه لو باع عبديه لرجلين لكل واحد عبد معين بثمن واحد ، وأن البيع باطل ، وصورته أن يقول : بعتك يا زيد هذا العبد ، وبعتك يا عمرو هذا العبد كليهما بألف درهم فقالا : قبلنا ، قال الأصحاب : ويتصور أن يخلع نسوة بعوض واحد ، وأن يتزوج نسوة بعوض واحد في عقد واحد ، بأن يكون الولي واحدا ، مثل أن يكون له بنات بنين أو بنات إخوة أو بنات أعمام أو معتقات . ويتصور مع تعدد الولي بأن يوكل الأولياء رجلا واحدا قال أصحابنا : فيصح النكاح في مسألة النكاح ، ويقع الطلاق في مسألة الخلع .

( وأما ) المسمى في الصداق والخلع ففيه طريقان ( أحدهما ) يفسد ، ويجب مهر المثل لكل واحدة في مسألة النكاح ، وعلى كل واحدة في مسألة الخلع . [ ص: 410 ] والطريق الثاني ) وهو الأصح أن المسألة على قولين في النكاح والخلع ( أصحهما ) فساد المسمى ووجوب مهر المثل ( والثاني ) صحته ، ويوزع عليهن على قدر مهور أمثالهن .

( وأما ) البيع والكتابة ففيهما أربع طرق ( أصحها ) طرد القولين فيهما ( أصحهما ) الفساد فيهما ( والثاني ) الصحة والتوزيع عليهم بالقيمة ( والطريق الثاني ) القطع بفساد البيع وصحة الكتابة ( والثالث ) يفسد البيع ، وفي الكتابة قولان ( والرابع ) تصح الكتابة ، وفي البيع قولان ، وإن أفردت قلت : في البيع طريقان ( أصحهما ) قولان ( أصحهما ) البطلان ( والطريق الثاني ) القطع بالبطلان وفي الكتابة طريقان ( أصحهما ) قولان ( أصحهما ) الفساد ( والطريق الثاني ) القطع بالصحة ، والأصح في الجميع الفساد ( فإذا قلنا ) بصحة الصداق وزع المسمى على نسبة مهر أمثالهن على المذهب ، وفيه قول ضعيف ، وبعضهم يحكيه وجها أنه يوزع على عدد رءوسهن .

( وإذا قلنا ) بفساد الصداق ففيما يجب لكل واحدة القولان فيما لو أصدقهما خمرا ونحوها ( أصحهما ) مهر المثل ( والثاني ) يوزع المسمى على مهور أمثالهن ، ويجب لكل واحدة ما يقتضيه التوزيع ، ويكون الحاصل لهن على هذا القول بقدر المسمى ، إذا قلنا بالصحة لكن يدفع الزوج من حيث شاء ، ولا يجب من نفس المسمى ( أما ) إذا زوج أمتيه بعبد على صداق واحد فيصح المسمى بلا خلاف ، فإن المستحق لصداقهما واحد كما لو باع عبديه بثمن ، ولو كان له أربع بنات ولآخر أربعة بنين فزوجهن بهم صفقة بمهر واحد ، بأن قال : زوجت بنتي فلانة ابنك فلانا ، وفلانة فلانا بألف ، فطريقان حكاهما المتولي ( أحدهما ) في صحة الصداق القولان ( والثاني ) القطع ببطلانه لتعدد المعقود له من الجانبين ، والله سبحانه وتعالى أعلم .

[ ص: 411 ] فرع ) لو كان لرجل عبد فقال لرجلين : بعتكما هذا العبد بألف فقالا : قبلنا ، صح البيع ، لأن الثمن ينقسم على أجزائه ، ويكون لكل واحد منهما نصفه بخمسمائة وهذا لا خلاف فيه ، فإن قال أحدهما : قبلت ، ولم يقبل الآخر ، كان للقابل نصفه بخمسمائة ، لأن إيجابه لهما بمنزلة عقدين لكل واحد عقد ، فصح قبول أحدهما دون الآخر ، ولو كان له عبدان فقال لرجلين : بعتكما هذين العبدين بألف ، فقالا : قبلنا ، صح البيع بلا خلاف ، ويكون لكل واحد نصف العبدين بخمسمائة ، كما لو باعهما لواحد ، فلو قال أحدهما : قبلت نصفهما وسكت الآخر ، صح البيع في نصفيهما للقابل بخمسمائة ، لما ذكرناه في العبد الواحد . وهكذا لو قال أحدهما قبلت ولم يقل : نصفهما ، وسكت الآخر ، صح في نصفهما للقابل بخمسمائة ، لأن إطلاق القبول يرجع إلى ما يقتضيه الإيجاب ، وهو نصفهما له بخمسمائة ، وإن قال أحدهما : قبلت أحد العبدين أو قبلت هذا بخمسمائة لم يصح البيع بلا خلاف ، لأنه ليس مطابقا للإيجاب ، وإن قال أحدهما قبلت نصف أحد العبدين أو نصف هذا العبد بحصته ، لم يصح بلا خلاف لما ذكرناه ، والله سبحانه وتعالى أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية