صفحة جزء
قال المصنف رحمه الله تعالى ( فإن قال بعتك بألف مثقال ذهبا وفضة ، فالبيع باطل ، لأنه لم يبين القدر من كل واحد منهما ، فكان باطلا ، وإن قال : بعتك بألف نقدا أو بألفين نسيئة ، فالبيع باطل ، لأنه لم يعقد على ثمن بعينه ، فهو كما لو قال : بعتك أحد هذين العبدين )


( الشرح ) هاتان المسألتان كما قالهما باتفاق الأصحاب ، وهما داخلتان في النهي عن بيع الغرر ، وقد روى أبو هريرة رضي الله عنه { أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيعتين في بيعة } رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح ، قال : [ ص: 412 ] وفي الباب عن ابن عمر وابن عباس وأبي سعيد وأنس وفسر الشافعي وغيره من العلماء البيعتين في بيعة تفسيرين ( أحدهما ) أن يقول : بعتك هذا بعشرة نقدا ، أو بعشرين نسيئة ( والثاني ) أن يقول : بعتكه بمائة مثلا على أن تبيعني دارك بكذا وكذا . وقد ذكر المصنف التفسيرين في الفصل الذي بعد هذا ، وذكرهما أيضا في التنبيه ، وذكرهما الأصحاب وغيرهم ( والأول ) أشهر وعلى التقديرين البيع باطل بالإجماع .

( وأما ) الحديث الذي في سنن أبي داود عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من باع بيعتين في بيعة له أو أوكسهما أو الربا } فقال الخطابي وغيره : يحتمل أن يكون ذلك في قصة بعينها ، كأنه أسلف دينارا في قفيز حنطة إلى شهر فحل الأجل فطالبه فقال : بعني القفيز الذي لك علي إلى شهرين بقفيزين ، فهذا بيع ثان قد دخل على البيع الأول ، فصار بيعتين في بيعة ، فيرد إلى أوكسهما وهو الأصل ، فإن تبايعا البيع الثاني قبل فسخ الأول كانا قد دخلا في الربا ، والله سبحانه وتعالى أعلم .

( فرع ) في مذاهب العلماء فيمن باع بألف مثقال ذهب وفضة ، مذهبنا أنه بيع باطل ، وقال أبو حنيفة : يصح ويكون الثمن نصفين ، واحتج أصحابنا بالقياس على ما لو باعه بألف ، بعضه ذهب وبعضه فضة ، فإنه لا يصح .

التالي السابق


الخدمات العلمية