صفحة جزء
قال المصنف رحمه الله تعالى ( ويعتبر ابتداء المدة من حين يحدث بعد لبس الخف لأنها عبادة مؤقتة فكان ابتداء وقتها من حين جواز فعلها كالصلاة ) .


( الشرح ) : مذهبنا أن ابتداء المدة من أول حدث بعد اللبس فلو أحدث ولم يمسح حتى مضى من بعد الحدث يوم وليلة أو ثلاثة إن كان [ ص: 512 ] مسافرا انقضت المدة ولم يجز المسح بعد ذلك حتى يستأنف لبسا على طهارة وما لم يحدث لا تحسب المدة ، فلو بقي بعد اللبس يوما على طهارة اللبس ثم أحدث استباح بعد الحدث يوما وليلة إن كان حاضرا ، وثلاثة أيام ولياليها إن كان مسافرا ، هذا مذهبنا ومذهب أبي حنيفة وأصحابه وسفيان الثوري وجمهور العلماء ، وهو أصح الروايتين عن أحمد وداود وقال الأوزاعي وأبو ثور : ابتداء المدة من حين يمسح بعد الحدث وهو رواية عن أحمد وداود وهو المختار الراجح دليلا واختاره ابن المنذر ، وحكى نحوه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وحكى الماوردي والشاشي عن الحسن البصري أن ابتداءها من اللبس . واحتج القائلون من حين المسح بقوله صلى الله عليه وسلم { يمسح المسافر ثلاثة أيام } وهي أحاديث صحاح كما سبق ، وهذا تصريح بأنه يمسح ثلاثة ، ولا يكون ذلك إلا إذا كانت المدة من المسح ولأن الشافعي رضي الله عنه قال : إذا أحدث في الحضر ومسح في السفر أتم مسح مسافر فعلق الحكم بالمسح . واحتج أصحابنا برواية رواها الحافظ القاسم بن زكريا المطرزي في حديث صفوان من أن الحدث إلى الحدث وهي زيادة غريبة ليست ثابتة ، وبالقياس الذي ذكره المصنف . وأجابوا عن الأحاديث بأن معناها أنه يجوز المسح ثلاثة أيام ونحن نقول به إذا مسح عقب الحدث فإن أخر فهو مفوت على نفسه .

وأما قولهم إذا أحدث في الحضر ومسح في السفر أتم مسح مسافر ، فجوابه أن الاعتبار في المدة بجواز الفعل ومن الحدث جاز الفعل ، والاعتبار في العبادة بالتلبس بها وقد وجد ذلك في مسألة المسافر في السفر والدليل على هذا أن من دخل وقت الصلاة وهو حاضر ثم سافر في الوقت فله القصر ، ومن دخل الصلاة في الحضر ثم سارت به السفينة يتم فدخول وقت المسح كدخول وقت الصلاة وابتداء المسح كابتداء الصلاة . واحتج بعض أصحابنا بأنه إنما يحتاج إلى الترخص بالمسح من حين يحدث ، وهذا فاسد فإنه يحتاج بمجرد اللبس لتجديد الوضوء والله أعلم . واعلم أنه إذا لبسه ثم أراد تجديد الوضوء قبل أن يحدث جاز له المسح [ ص: 513 ] فلا تحسب عليه المدة حتى يحدث والله أعلم .

وأما قول المصنف : عبادة مؤقتة فقيل احتراز عن الوضوء والغسل وقيل : ليس باحتراز بل تقريب للفرع من الأصل ، وقيل : إنه ينتقض بالزكاة فإنه يجوز تعجيلها وليس بمنتقض بها ، لأنه قال : من حين جواز فعلها لا من حين وجوبه

التالي السابق


الخدمات العلمية