صفحة جزء
" السابعة " لا يجوز لمن كانت فتواه نقلا لمذهب إمام إذا اعتمد الكتب أن يعتمد إلا على كتاب موثوق بصحته ، وبأنه مذهب ذلك الإمام ، فإن وثق بأن أصل التصنيف بهذه الصفة لكن لم تكن هذه النسخة معتمدة ، فليستظهر بنسخ منه متفقة ، وقد تحصل له الثقة من نسخة غير موثوق [ ص: 81 ] بها في بعض المسائل إذا رأى الكلام منتظما وهو خبير فطن لا يخفى عليه لدربته موضع الإسقاط والتغيير . فإن لم يجده إلا في نسخة غير موثوق بها فقال أبو عمرو : ينظر فإن وجده موافقا لأصول المذهب ، وهو أهل لتخريج مثله في المذهب لو لم يجده منقولا فله أن يفتي به . فإن أراد حكايته عن قائله فلا يقل : قال الشافعي مثلا كذا ، وليقل : وجدت عن الشافعي كذا ، أو بلغني عنه ، ونحو هذا . وإن لم يكن أهلا لتخريج مثله لم يجز له ذلك ، فإن سبيله النقل المحض ، ولم يحصل ما يجوز له ذلك ، وله أن يذكره لا على سبيل الفتوى مفصحا بحاله ، فيقول . وجدته في نسخة من الكتاب الفلاني ونحوه . قلت : لا يجوز لمفت على مذهب الشافعي إذا اعتمد النقل أن يكتفي بمصنف ومصنفين ونحوهما من كتب المتقدمين وأكثر المتأخرين لكثرة الاختلاف بينهم في الجزم والترجيح ; لأن هذا المفتي المذكور إنما ينقل مذهب الشافعي ، ولا يحصل له وثوق بأن ما في المصنفين المذكورين ونحوهما هو مذهب الشافعي ، أو الراجح منه ; لما فيهما من الاختلاف ، وهذا مما لا يتشكك فيه من له أدنى أنس بالمذهب ، بل قد يجزم نحو عشرة من المصنفين بشيء وهو شاذ بالنسبة إلى الراجح في المذهب ، ومخالف لما عليه الجمهور ، وربما خالف نص الشافعي أو نصوصا له ، وسترى في هذا الشرح إن شاء الله تعالى أمثلة ذلك ، وأرجو إن تم هذا الكتاب أنه يستغنى به عن كل مصنف ويعلم به مذهب الشافعي علما قطعيا إن شاء الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية